فصل في المقصود أن الاستغفار والتوبة يكونان من كلا النوعين
منذ 2007-09-27
السؤال: فصل في المقصود أن الاستغفار والتوبة يكونان من كلا النوعين
الإجابة: فصــل:
والمقصود أن الاستغفار والتوبة يكونان من كلا النوعين، وأيضاً فالاستغفار والتوبة مما فعله وتركه، في حال الجهل قبل أن يعلم أن هذا قبيح من السيئات، وقبل أن يرسل إليه رسول، وقبل أن تقوم عليه الحجة، فإنه سبحانه قال:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15].
وقد قال طائفة من أهل الكلام والرأي : إن هذا في الواجبات الشرعية غير العقلية.
كما يقوله من يقوله من المعتزلة وغيرهم: من أصحاب أبي حنيفة، وغيرهم: مثل أبي الخطاب [هو محفوظ بن أحمد بن حسن بن حسن العراقي، الكلواذاني، ثم البغدادي الأزجي، الشيخ الإمام، العلامة الورع، شيخ الحنابلة. تلميذ القاضي أبي يعلى الفراء.
ولد في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة ،قال السلفي: هو ثقة رضي، من أصحاب أحمد، وقال غيره :كان مفتياً صالحاً، عابدا ورعاً، حسن العشرة،له نظم رائق، وله كتاب [الهداية].
قيل عنه: إنه كان من محاسن العلماء، خيِّراً صادقاً، حسن الخلق ،حلو النادرة من أذكياء الرجال، روى الكثير، وطلب الحديث وكتبه، ولابن كليب منه إجازة.
درس الفقه على أبي يعلى، وقرأ الفرائض على الوفي، وصار إمام وقته، وشيخ عصره، وصنف في المذهب والأصول والخلاف والشعر الجيد.
توفى أبو الخطاب في الثالث والعشرين من جمادي الآخرة سنة عشر وخمسمائة.
[سير أعلام النبلاء:19/348: 350].
وغيره، على أن الآية عامة: لا يعذب الله أحداً إلا بعد رسول.
و فيهما دليل على أنه لا يعذب إلا بذنب،خلافاً لما يقوله: [المجبرة] أتباع جهم : أنه تعالي يعذب بلا ذنب، وقد تبعه طائفة تنسب إلى السنة: كالأشعري وغيره، وهو قول القاضي أبي يعلى وغيره، وقالوا: إن الله يجوز أن يعذب الأطفال في الآخرة عذاباً لا نهاية له من غير ذنب فعلوه، وهؤلاء يحتجون بالآية على إبطال قول من يقول: إن العقل يوجب عذاب من لم يفعل،والآية حجة عليهم أيضاً حيث يجوزون العذاب بلا ذنب، فهي حجة على الطائفتين.
ولها نظائر في القرآن كقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِك الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}[القصص:59]، وقوله تعالى :{لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165] وقوله : {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ}[الملك :8-9].
وما فعلوه قبل مجيء الرسل كان سيئاً وقبيحاً وشرّا، لكن لا تقوم عليهم الحجة إلا بالرسول.
هذا قول الجمهور.
وقيل : إنه لا يكون قبيحاً إلا بالنهي، وهو قول من لا يثبت حسنا ولا قبيحا إلا بالأمر والنهي. كقول جهم والأشعري ومن تابعه من المنتسبين إلى السنة.
وأصحاب مالك والشافعي وأحمد: كالقاضي أبي يعلى، وأبي الوليد الباجي، وأبي المعالي الجويني وغيرهم، والجمهور من السلف والخلف على أن ما كانوا فيه قبل مجيء الرسول من الشرك والجاهلية شيئاً قبيحاً، وكان شرّا.
لكن لا يستحقون العذاب إلا بعد مجيء الرسول؛ ولهذا كان للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال: قيل: إن قبحهما معلوم بالعقل، وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة، وإن لم يأتهم الرسول،كما يقوله المعتزلة، وكثير من أصحاب أبي حنيفة.
وحكوه عن أبي حنيفة نفسه، وهو قول أبي الخطاب، وغيره.
و قيل: لا قبح، ولا حسن، ولا شر فيهما قبل الخطاب، وإنما القبيح ما قيل : فيه لا تفعل، والحسن ما قيل : فيه افعل، أو ما أذن في فعله، كما تقوله الأشعرية، ومن وافقهم، من الطوائف الثلاثة.
وقيل: إن ذلك سيئ، وشر، وقبيح، قبل مجيء الرسول؛ لكن العقوبة إنما تستحق بمجيء الرسول.
وعلى هذا عامة السلف، وأكثر المسلمين، وعليه يدل الكتاب والسنة، فإن فيهما بيان أن ما عليه الكفار هو شر وقبيح، وسيئ قبل الرسل، وإن كانوا لا يستحقون العقوبة إلا بالرسول.
وفي الصحيح أن حذيقة قال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.
والمقصود أن الاستغفار والتوبة يكونان من كلا النوعين، وأيضاً فالاستغفار والتوبة مما فعله وتركه، في حال الجهل قبل أن يعلم أن هذا قبيح من السيئات، وقبل أن يرسل إليه رسول، وقبل أن تقوم عليه الحجة، فإنه سبحانه قال:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15].
وقد قال طائفة من أهل الكلام والرأي : إن هذا في الواجبات الشرعية غير العقلية.
كما يقوله من يقوله من المعتزلة وغيرهم: من أصحاب أبي حنيفة، وغيرهم: مثل أبي الخطاب [هو محفوظ بن أحمد بن حسن بن حسن العراقي، الكلواذاني، ثم البغدادي الأزجي، الشيخ الإمام، العلامة الورع، شيخ الحنابلة. تلميذ القاضي أبي يعلى الفراء.
ولد في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة ،قال السلفي: هو ثقة رضي، من أصحاب أحمد، وقال غيره :كان مفتياً صالحاً، عابدا ورعاً، حسن العشرة،له نظم رائق، وله كتاب [الهداية].
قيل عنه: إنه كان من محاسن العلماء، خيِّراً صادقاً، حسن الخلق ،حلو النادرة من أذكياء الرجال، روى الكثير، وطلب الحديث وكتبه، ولابن كليب منه إجازة.
درس الفقه على أبي يعلى، وقرأ الفرائض على الوفي، وصار إمام وقته، وشيخ عصره، وصنف في المذهب والأصول والخلاف والشعر الجيد.
توفى أبو الخطاب في الثالث والعشرين من جمادي الآخرة سنة عشر وخمسمائة.
[سير أعلام النبلاء:19/348: 350].
وغيره، على أن الآية عامة: لا يعذب الله أحداً إلا بعد رسول.
و فيهما دليل على أنه لا يعذب إلا بذنب،خلافاً لما يقوله: [المجبرة] أتباع جهم : أنه تعالي يعذب بلا ذنب، وقد تبعه طائفة تنسب إلى السنة: كالأشعري وغيره، وهو قول القاضي أبي يعلى وغيره، وقالوا: إن الله يجوز أن يعذب الأطفال في الآخرة عذاباً لا نهاية له من غير ذنب فعلوه، وهؤلاء يحتجون بالآية على إبطال قول من يقول: إن العقل يوجب عذاب من لم يفعل،والآية حجة عليهم أيضاً حيث يجوزون العذاب بلا ذنب، فهي حجة على الطائفتين.
ولها نظائر في القرآن كقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِك الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}[القصص:59]، وقوله تعالى :{لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165] وقوله : {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ}[الملك :8-9].
وما فعلوه قبل مجيء الرسل كان سيئاً وقبيحاً وشرّا، لكن لا تقوم عليهم الحجة إلا بالرسول.
هذا قول الجمهور.
وقيل : إنه لا يكون قبيحاً إلا بالنهي، وهو قول من لا يثبت حسنا ولا قبيحا إلا بالأمر والنهي. كقول جهم والأشعري ومن تابعه من المنتسبين إلى السنة.
وأصحاب مالك والشافعي وأحمد: كالقاضي أبي يعلى، وأبي الوليد الباجي، وأبي المعالي الجويني وغيرهم، والجمهور من السلف والخلف على أن ما كانوا فيه قبل مجيء الرسول من الشرك والجاهلية شيئاً قبيحاً، وكان شرّا.
لكن لا يستحقون العذاب إلا بعد مجيء الرسول؛ ولهذا كان للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال: قيل: إن قبحهما معلوم بالعقل، وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة، وإن لم يأتهم الرسول،كما يقوله المعتزلة، وكثير من أصحاب أبي حنيفة.
وحكوه عن أبي حنيفة نفسه، وهو قول أبي الخطاب، وغيره.
و قيل: لا قبح، ولا حسن، ولا شر فيهما قبل الخطاب، وإنما القبيح ما قيل : فيه لا تفعل، والحسن ما قيل : فيه افعل، أو ما أذن في فعله، كما تقوله الأشعرية، ومن وافقهم، من الطوائف الثلاثة.
وقيل: إن ذلك سيئ، وشر، وقبيح، قبل مجيء الرسول؛ لكن العقوبة إنما تستحق بمجيء الرسول.
وعلى هذا عامة السلف، وأكثر المسلمين، وعليه يدل الكتاب والسنة، فإن فيهما بيان أن ما عليه الكفار هو شر وقبيح، وسيئ قبل الرسل، وإن كانوا لا يستحقون العقوبة إلا بالرسول.
وفي الصحيح أن حذيقة قال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.
- التصنيف: