فصل في العبد لا يكون ولياً لله إلا إذا كان مؤمناً تقياً
منذ 2007-10-24
السؤال: فصل في العبد لا يكون ولياً لله إلا إذا كان مؤمناً تقياً
الإجابة: فصـــل:
وإذا كان العبد لا يكون ولياً لله إلا إذا كان مؤمناً تقياً لقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [ يونس:62- 63 ] وفي صحيح البخاري الحديث المشهور وقد تقدم يقول الله تبارك وتعالى فيه: ولا يكون مؤمناً تقياً حتى يتقرب إلى الله بالفرائض فيكون من الأبرار أهل اليمين، ثم بعد ذلك لا يزال يتقرب بالنوافل حتى يكون من السابقين المقربين، فمعلوم أن أحداً من الكفار والمنافقين لا يكون ولياً لله.
وكذلك من لا يصح أيمانه وعباداته وإن قدر أنه لا إثم عليه مثل أطفال الكفار ومن لم تبلغه الدعوة وإن قيل: إنهم لا يعذبون حتى يرسل إليهم رسولاً فلا يكونون من أولياء الله إلا إذا كانوا من المؤمنين المتقين؛ فمن لم يتقرب إلى الله لا بفعل الحسنات ولا يترك السيئات لم يكن من أولياء الله.
وكذلك المجانين والأطفال؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .
وهذا الحديث قد رواه أهل السـنن من حديث علي وعائشة رضي الله عنهما واتفق أهل المعرفة على تلقيه بالقبول. لكن الصبي المميز تصح عباداته ويثاب عليها عند جمهور العلماء.
وأما المجنون الذي رفع عنه القلم فلا يصح شيء من عباداته باتفاق العلماء.
ولا يصح منه أيمان ولا كفر ولا صلاة ولا غير ذلك من العبادات، بل لا يصلح هو عند عامة العقلاء لأمور الدنيا كالتجارة والصناعة.
فلا يصلح أن يكون بزازاً ولا عطاراً ولا حداداً ولا نجاراً ولا تصح عقوده باتفاق العلماء.
فلا يصح بيعه ولا شراؤه ولا نكاحه ولا طلاقه ولا إقراره ولا شهادته، ولا غير ذلك من أقواله، بل أقواله كلها لغو لا يتعلق بها حكم شرعي، ولا ثواب ولا عقاب.
بخلاف الصبي المميز فإن له أقوالاً معتبرة في مواضع بالنص والإجماع.
وفي مواضع فيها نزاع .
وإذا كان المجنون لا يصح منه الإيمان ولا التقوى ولا التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل، وامتنع أن يكون ولياً لله، فلا يجوز لأحد أن يعتقد أنه ولي لله؛ لا سيما أن تكون حجته على ذلك إما مكاشفة سمعها منه، أو نوع من تصرف، مثل أن يراه قد أشار إلى واحد فمات أو صرع، فإنه قد علم أن الكفار والمنافقين من المشركين وأهل الكتاب ـ لهم مكاشفات وتصرفات شيطانية كالكهان والسحرة وعباد المشركين وأهل الكتاب، فلا يجوز لأحد أن يستدل بمجرد ذلك على كون الشخص ولياً لله وإن لم يعلم منه ما يناقض ولاية الله، فكيف إذا علم منه ما يناقض ولاية الله ؟! مثل أن يعلم أنه لا يعتقد وجوب إتباع النبي صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً، بل يعتقد أنه يتبع الشرع الظاهر دون الحقيقة الباطنة. أو يعتقد أن لأولياء الله طريقاً إلى الله غير طريق الأنبياء عليهم السلام أو يقول: إن الأنبياء ضيقوا الطريق أو هم على قدوة العامة دون الخاصة ونحو ذلك مما يقوله بعض من يدعى الولاية، فهؤلاء فيهم من الكفر ما يناقض الإيمان. فضلا عن ولاية الله عز وجل. فمن احتج بما يصدر عن أحدهم من خرق عادة على ولأيتهم كان أضل من اليهود والنصارى .
وكذلك المجنون؛ فإن كونه مجنوناً يناقض أن يصح منه الأيمان والعبادات التي هي شرط في ولاية الله، ومن كان يجن أحياناً ويفيق أحياناً.
إذا كان في حال إفاقته مؤمناً بالله ورسوله ويؤدي الفرائض ويجتنب المحارم، فهذا إذا جن لم يكن جنونه مانعاً من أن يثيبه الله على أيمانه وتقواه الذي أتى به في حال إفاقته، ويكون له من ولاية الله بحسب ذلك.
وكذلك من طرأ عليه الجنون بعد إيمانه وتقواه، فإن الله يثيبه ويأجره على ما تقدم من أيمانه وتقواه، ولا يحبطه بالجنون الذي ابتلي به من غير ذنب فعله، والقلم مرفوع عنه في حال جنونه .
فعلى هذا فمن أظهر الولاية وهو لا يؤدى الفرائض ولا يجتنب المحارم بل قد يأتى بما يناقض ذلك.
لم يكن لأحد أن يقول: هذا ولى لله، فإن هذا إن لم يكن مجنوناً، بل كان متولهاً من غير جنون أو كان يغيب عقله بالجنون تارة، ويفيق أخرى وهو لا يقوم بالفرائض، بل يعتقد أنه لا يجب عليه اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وإن كان مجنوناً باطناً وظاهراً قد ارتفع عنه القلم، فهذا وإن لم يكن معاقباً عقوبة الكافرين فليس هو مستحقاً لما يستحقه أهل الأيمان والتقوى من كرامة الله عز وجل، فلا يجوز على التقديرين أن يعتقد فيه أحد أنه ولى لله، ولكن إن كان له حالة في إفاقته كان فيها مؤمناً بالله متقياً كان له من ولاية الله بحسب ذلك.
وإن كان له في حال إفاقته فيه كفر أو نفاق أو كان كافراً أو منافقاً ثم طرأ عليه الجنون، فهذا فيه من الكفر والنفاق ما يعاقب عليه، وجنونه لا يحبط عنه ما يحصل منه حال إفاقته من كفر أو نفاق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.
وإذا كان العبد لا يكون ولياً لله إلا إذا كان مؤمناً تقياً لقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [ يونس:62- 63 ] وفي صحيح البخاري الحديث المشهور وقد تقدم يقول الله تبارك وتعالى فيه: ولا يكون مؤمناً تقياً حتى يتقرب إلى الله بالفرائض فيكون من الأبرار أهل اليمين، ثم بعد ذلك لا يزال يتقرب بالنوافل حتى يكون من السابقين المقربين، فمعلوم أن أحداً من الكفار والمنافقين لا يكون ولياً لله.
وكذلك من لا يصح أيمانه وعباداته وإن قدر أنه لا إثم عليه مثل أطفال الكفار ومن لم تبلغه الدعوة وإن قيل: إنهم لا يعذبون حتى يرسل إليهم رسولاً فلا يكونون من أولياء الله إلا إذا كانوا من المؤمنين المتقين؛ فمن لم يتقرب إلى الله لا بفعل الحسنات ولا يترك السيئات لم يكن من أولياء الله.
وكذلك المجانين والأطفال؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .
وهذا الحديث قد رواه أهل السـنن من حديث علي وعائشة رضي الله عنهما واتفق أهل المعرفة على تلقيه بالقبول. لكن الصبي المميز تصح عباداته ويثاب عليها عند جمهور العلماء.
وأما المجنون الذي رفع عنه القلم فلا يصح شيء من عباداته باتفاق العلماء.
ولا يصح منه أيمان ولا كفر ولا صلاة ولا غير ذلك من العبادات، بل لا يصلح هو عند عامة العقلاء لأمور الدنيا كالتجارة والصناعة.
فلا يصلح أن يكون بزازاً ولا عطاراً ولا حداداً ولا نجاراً ولا تصح عقوده باتفاق العلماء.
فلا يصح بيعه ولا شراؤه ولا نكاحه ولا طلاقه ولا إقراره ولا شهادته، ولا غير ذلك من أقواله، بل أقواله كلها لغو لا يتعلق بها حكم شرعي، ولا ثواب ولا عقاب.
بخلاف الصبي المميز فإن له أقوالاً معتبرة في مواضع بالنص والإجماع.
وفي مواضع فيها نزاع .
وإذا كان المجنون لا يصح منه الإيمان ولا التقوى ولا التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل، وامتنع أن يكون ولياً لله، فلا يجوز لأحد أن يعتقد أنه ولي لله؛ لا سيما أن تكون حجته على ذلك إما مكاشفة سمعها منه، أو نوع من تصرف، مثل أن يراه قد أشار إلى واحد فمات أو صرع، فإنه قد علم أن الكفار والمنافقين من المشركين وأهل الكتاب ـ لهم مكاشفات وتصرفات شيطانية كالكهان والسحرة وعباد المشركين وأهل الكتاب، فلا يجوز لأحد أن يستدل بمجرد ذلك على كون الشخص ولياً لله وإن لم يعلم منه ما يناقض ولاية الله، فكيف إذا علم منه ما يناقض ولاية الله ؟! مثل أن يعلم أنه لا يعتقد وجوب إتباع النبي صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً، بل يعتقد أنه يتبع الشرع الظاهر دون الحقيقة الباطنة. أو يعتقد أن لأولياء الله طريقاً إلى الله غير طريق الأنبياء عليهم السلام أو يقول: إن الأنبياء ضيقوا الطريق أو هم على قدوة العامة دون الخاصة ونحو ذلك مما يقوله بعض من يدعى الولاية، فهؤلاء فيهم من الكفر ما يناقض الإيمان. فضلا عن ولاية الله عز وجل. فمن احتج بما يصدر عن أحدهم من خرق عادة على ولأيتهم كان أضل من اليهود والنصارى .
وكذلك المجنون؛ فإن كونه مجنوناً يناقض أن يصح منه الأيمان والعبادات التي هي شرط في ولاية الله، ومن كان يجن أحياناً ويفيق أحياناً.
إذا كان في حال إفاقته مؤمناً بالله ورسوله ويؤدي الفرائض ويجتنب المحارم، فهذا إذا جن لم يكن جنونه مانعاً من أن يثيبه الله على أيمانه وتقواه الذي أتى به في حال إفاقته، ويكون له من ولاية الله بحسب ذلك.
وكذلك من طرأ عليه الجنون بعد إيمانه وتقواه، فإن الله يثيبه ويأجره على ما تقدم من أيمانه وتقواه، ولا يحبطه بالجنون الذي ابتلي به من غير ذنب فعله، والقلم مرفوع عنه في حال جنونه .
فعلى هذا فمن أظهر الولاية وهو لا يؤدى الفرائض ولا يجتنب المحارم بل قد يأتى بما يناقض ذلك.
لم يكن لأحد أن يقول: هذا ولى لله، فإن هذا إن لم يكن مجنوناً، بل كان متولهاً من غير جنون أو كان يغيب عقله بالجنون تارة، ويفيق أخرى وهو لا يقوم بالفرائض، بل يعتقد أنه لا يجب عليه اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وإن كان مجنوناً باطناً وظاهراً قد ارتفع عنه القلم، فهذا وإن لم يكن معاقباً عقوبة الكافرين فليس هو مستحقاً لما يستحقه أهل الأيمان والتقوى من كرامة الله عز وجل، فلا يجوز على التقديرين أن يعتقد فيه أحد أنه ولى لله، ولكن إن كان له حالة في إفاقته كان فيها مؤمناً بالله متقياً كان له من ولاية الله بحسب ذلك.
وإن كان له في حال إفاقته فيه كفر أو نفاق أو كان كافراً أو منافقاً ثم طرأ عليه الجنون، فهذا فيه من الكفر والنفاق ما يعاقب عليه، وجنونه لا يحبط عنه ما يحصل منه حال إفاقته من كفر أو نفاق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.
- التصنيف: