ما حكم استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية؟
منذ 2007-10-31
السؤال: ما حكم استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية؟ وما رأي فضيلتكم فيمن
يكره الصلاة في المسجد الذي فيه مكبر صوت ويتعرض لعرض من يستعمله؟
وبعض الناس يرى تحريمه؟
الإجابة: الذي أرى أن استعمال مكبر الصوت أثناء الصلاة إذا كان فيه تشويش على
أهل البيوت أو المساجد التي حوله فإنه منهي عنه، لما فيه من أذية
المسلمين والتشويش عليهم في صلواتهم، وقد بلغني أن بعض المصلين في
المساجد التي حول من يستعملون مكبر الصوت ربما يؤمِّنون على قراءة
المسجد الذي فيه مكبر الصوت، وربما يتابعونه دون إمامهم، وفي هذا من
الإخلال بصلاة الآخرين ما يقتضي المنع من استعمال مكبر الصوت، وقد
أخرج الإمام مالك في الموطأ 1/167 من شرح الزرقاني في: (باب العمل في
القراءة) عن البياضي فروة بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال:
" "، وأخرج أبو داود 2/38 تحت
عنوان: (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) عن أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون
بالقراءة، فكشف الستر وقال: " "، قال ابن عبد البر: حديث البياضي، وأبي
سعيد، ثابتان، صحيحان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه 23/61 مجلد الفتاوى: "ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين". وفي جواب له 1/305 من الفتاوى الكبرى: "ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك مُنع منه".أ.هـ.
أما إذا كان استعمال مكبر الصوت لا يشوش على أحد، ولا يؤذي أحداً بحيث تكون السماعات داخل المسجد، فهذا إن كان فيه مصلحة كتنشيط القارئ والمصلين، أو كان له حاجة مثل: أن يكون المسجد كبيراً، أو يكون صوت الإمام ضعيفاً فلا بأس به، وقد يترجح جانب استعماله على جانب تركه.
وإن لم يكن في ذلك مصلحة ولا له حاجة فلا يُستعمل لأن في ذلك استهلاكاً للكهرباء، واستعمالاً بلا مصلحة ولا حاجة وفي ذلك ما فيه.
وأما ما ذكرتم من أن بعض الناس يكره الصلاة في المسجد الذي فيه مكبر الصوت وربما تحول عنه إلى مسجد آخر، وربما تعرض لعرض من يستعمله، فلا وجه لكراهته هذه، ولا ينبغي له أن يتحول عن المسجد من أجل هذا السبب؛ لأن الأحكام الشرعية لا تتبع أذواق الناس وما يهوونه، بل هي مضبوطة بحدود من قبل الله ورسوله، ولهذا يعبر الله تعالى عن كثير من الأحكام بأنها حدوده، فإن كانت أوامر قال: {فلا تعتدوها}، وإن كانت نواهي قال: {فلا تقربوها}.
وأما تعرضه لعِرضِ من يستعمله فإنه في الحقيقة إنما يضر نفسه بانتهاك عرض أخيه، ولا يخفى أن الغيبة من كبائر الذنوب كما يدل على ذلك ظاهر القرآن والسنة، وقد نص الإمام أحمد على أنها من الكبائر.
قال صاحب النظم ابن عبد القوي:
وأما ما ذكرتهم من أن بعض الناس يرى تحريم استعمال مكبر الصوت، فهذا إن كان يرى ذلك في الحال التي يكون فيها تشويش أو أذية، فرأيه قريب؛ لأن الأصل أن أذية المسلمين والتشويش عليهم في عباداتهم التحريم لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم المصلين عن أذية بعضهم بعضاً والتشويش عليهم بالجهر بالقراءة كما سبق.
وإن كان يرى تحريم استعمال مكبر الصوت بكل حالٍ فلا وجه لرأيه؛ لأن التحريم لا يثبت إلا بدليل شرعي، والأصل في غير العبادات الحل حتى يقوم دليل التحريم لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً}.
ولا يحل لأحد أن يقول عن شيء إنه حلال أو حرام إلا بدليل، لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}، وقوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
فتحريم ما أحل الله كتحليل ما حرم الله إن لم يكن أعظم، لما يحصل في التحريم من الإشقاق على الناس والتضييق عليهم، والرب عز وجل يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وهو سبحانه يحب أن تؤتى رخصه التي فيها إسقاط لما أصله واجب، أو تحليل لما أصله محرم لما في ذلك من التخفيف والتيسير، فكما أن على المسلم أن يحترز في تحليل الحرام فعليه أن يحترز في تحريم الحلال أولى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثالث عشر - كتاب استعمال مكبرات الصوت.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه 23/61 مجلد الفتاوى: "ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين". وفي جواب له 1/305 من الفتاوى الكبرى: "ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك مُنع منه".أ.هـ.
أما إذا كان استعمال مكبر الصوت لا يشوش على أحد، ولا يؤذي أحداً بحيث تكون السماعات داخل المسجد، فهذا إن كان فيه مصلحة كتنشيط القارئ والمصلين، أو كان له حاجة مثل: أن يكون المسجد كبيراً، أو يكون صوت الإمام ضعيفاً فلا بأس به، وقد يترجح جانب استعماله على جانب تركه.
وإن لم يكن في ذلك مصلحة ولا له حاجة فلا يُستعمل لأن في ذلك استهلاكاً للكهرباء، واستعمالاً بلا مصلحة ولا حاجة وفي ذلك ما فيه.
وأما ما ذكرتم من أن بعض الناس يكره الصلاة في المسجد الذي فيه مكبر الصوت وربما تحول عنه إلى مسجد آخر، وربما تعرض لعرض من يستعمله، فلا وجه لكراهته هذه، ولا ينبغي له أن يتحول عن المسجد من أجل هذا السبب؛ لأن الأحكام الشرعية لا تتبع أذواق الناس وما يهوونه، بل هي مضبوطة بحدود من قبل الله ورسوله، ولهذا يعبر الله تعالى عن كثير من الأحكام بأنها حدوده، فإن كانت أوامر قال: {فلا تعتدوها}، وإن كانت نواهي قال: {فلا تقربوها}.
وأما تعرضه لعِرضِ من يستعمله فإنه في الحقيقة إنما يضر نفسه بانتهاك عرض أخيه، ولا يخفى أن الغيبة من كبائر الذنوب كما يدل على ذلك ظاهر القرآن والسنة، وقد نص الإمام أحمد على أنها من الكبائر.
قال صاحب النظم ابن عبد القوي:
وقد قيل صغرى غيبة ونميمة ***
وكلتاهما كبرى على نص أحمد
وأما ما ذكرتهم من أن بعض الناس يرى تحريم استعمال مكبر الصوت، فهذا إن كان يرى ذلك في الحال التي يكون فيها تشويش أو أذية، فرأيه قريب؛ لأن الأصل أن أذية المسلمين والتشويش عليهم في عباداتهم التحريم لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم المصلين عن أذية بعضهم بعضاً والتشويش عليهم بالجهر بالقراءة كما سبق.
وإن كان يرى تحريم استعمال مكبر الصوت بكل حالٍ فلا وجه لرأيه؛ لأن التحريم لا يثبت إلا بدليل شرعي، والأصل في غير العبادات الحل حتى يقوم دليل التحريم لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً}.
ولا يحل لأحد أن يقول عن شيء إنه حلال أو حرام إلا بدليل، لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}، وقوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
فتحريم ما أحل الله كتحليل ما حرم الله إن لم يكن أعظم، لما يحصل في التحريم من الإشقاق على الناس والتضييق عليهم، والرب عز وجل يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وهو سبحانه يحب أن تؤتى رخصه التي فيها إسقاط لما أصله واجب، أو تحليل لما أصله محرم لما في ذلك من التخفيف والتيسير، فكما أن على المسلم أن يحترز في تحليل الحرام فعليه أن يحترز في تحريم الحلال أولى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثالث عشر - كتاب استعمال مكبرات الصوت.
محمد بن صالح العثيمين
كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
- التصنيف: