فَصْل في ضرورة امتحان من يراد الزواج منه وغيره
منذ 2008-01-19
السؤال: فَصْـــل في ضرورة امتحان من يراد الزواج منه وغيره
الإجابة:
والمؤمن محتاج إلى امتحان من يريد أن يصاحبه ويقارنه بنكاح وغيره، قال تعالى:{إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} الآية [الممتحنة: 10]، وكذلك المرأة التي زني بها الرجل، فإنه لا يتزوج بها إلا بعد التوبة في أصح القولين، كما دل عليه الكتاب والسنة والآثار، لكن إذا أراد أن يمتحنها هل هي صحيحة التوبة أم لا؟ فقال عبدالله بن عمر وهو المنصوص عن أحمد: أنه يراودها عن نفسها، فإن أجابته لم تصح توبتها، وإن لم تجبه فقد تابت.
وقالت طائفة: هذا الامتحان فيه طلب الفاحشة منها، وقد تنقض التوبة، وقد تأمره نفسه بتحقيق فعل الفاحشة ويزين لهما الشيطان ذلك؛ ولا سيما إن كان يحبها وتحبه، وقد تقدم له معها فعل الفاحشة مرات وذاقته وذاقها، فقد تنقض التوبة ولا تخالفه فيما أراده منها.
ومن قال بالأول قال: الأمر الذي يقصد به امتحانها لا يقصد به نفس الفعل، فلا يكون أمرًا بما نهي الله عنه، ويمكنه ألا يطلب الفاحشة، بل يعَرِّض بها وينوي شيئًا آخر، والتعريض للحاجة جائز، بل واجب في مواضع كثيرة، وأما نقضها توبتها فإذا جاز أن تنقض التوبة معه جاز أن تنقضها مع غيره، والمقصود أن تكون ممتنعة ممن يراودها، فإذا لم تكن ممتنعة منه لم تكن ممتنعة من غيره.
وأما تزيين الشيطان له الفعل فهذا داخل في كل أمر يفعله الإنسان من الخير يجد فيه محبته، فإذا أراد الإنسان أن يصاحب المؤمن، أو أراد المؤمن أن يصاحب أحدًا وقد ذكر عنه الفجور وقيل: إنه تاب منه، أو كان ذلك مقولا عنه سواء كان ذلك القول صدقا أو كذبا؛ فإنه يمتحنه بما يظهر به بره أو فجوره وصدقه أو كذبه، وكذلك إذا أراد أن يولي أحدًا ولاية امتحنه؛ كما أمر عمر بن عبد العزيز غلامه أن يمتحن ابن أبي موسي لما أعجبه سمته، فقال له: قد علمت مكاني عند أمير المؤمنين فكم تعطيني إذا أشرت عليه بولايتك؟ فبذل له مالا عظيما، فعلم عمر أنه ليس ممن يصلح للولاية، وكذلك في المعاملات، وكذلك الصبيان والمماليك الذين عرفوا أو قيل عنهم الفجور وأراد الرجل أن يشتريه بأنه يمتحنه، فإن المخنث كالبغي، وتوبته كتوبتها.
ومعرفة أحوال الناس تارة تكون بشهادات الناس، وتارة تكون بالجرح والتعديل، وتارة تكون بالاختبار والامتحان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الخامس عشر.
والمؤمن محتاج إلى امتحان من يريد أن يصاحبه ويقارنه بنكاح وغيره، قال تعالى:{إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} الآية [الممتحنة: 10]، وكذلك المرأة التي زني بها الرجل، فإنه لا يتزوج بها إلا بعد التوبة في أصح القولين، كما دل عليه الكتاب والسنة والآثار، لكن إذا أراد أن يمتحنها هل هي صحيحة التوبة أم لا؟ فقال عبدالله بن عمر وهو المنصوص عن أحمد: أنه يراودها عن نفسها، فإن أجابته لم تصح توبتها، وإن لم تجبه فقد تابت.
وقالت طائفة: هذا الامتحان فيه طلب الفاحشة منها، وقد تنقض التوبة، وقد تأمره نفسه بتحقيق فعل الفاحشة ويزين لهما الشيطان ذلك؛ ولا سيما إن كان يحبها وتحبه، وقد تقدم له معها فعل الفاحشة مرات وذاقته وذاقها، فقد تنقض التوبة ولا تخالفه فيما أراده منها.
ومن قال بالأول قال: الأمر الذي يقصد به امتحانها لا يقصد به نفس الفعل، فلا يكون أمرًا بما نهي الله عنه، ويمكنه ألا يطلب الفاحشة، بل يعَرِّض بها وينوي شيئًا آخر، والتعريض للحاجة جائز، بل واجب في مواضع كثيرة، وأما نقضها توبتها فإذا جاز أن تنقض التوبة معه جاز أن تنقضها مع غيره، والمقصود أن تكون ممتنعة ممن يراودها، فإذا لم تكن ممتنعة منه لم تكن ممتنعة من غيره.
وأما تزيين الشيطان له الفعل فهذا داخل في كل أمر يفعله الإنسان من الخير يجد فيه محبته، فإذا أراد الإنسان أن يصاحب المؤمن، أو أراد المؤمن أن يصاحب أحدًا وقد ذكر عنه الفجور وقيل: إنه تاب منه، أو كان ذلك مقولا عنه سواء كان ذلك القول صدقا أو كذبا؛ فإنه يمتحنه بما يظهر به بره أو فجوره وصدقه أو كذبه، وكذلك إذا أراد أن يولي أحدًا ولاية امتحنه؛ كما أمر عمر بن عبد العزيز غلامه أن يمتحن ابن أبي موسي لما أعجبه سمته، فقال له: قد علمت مكاني عند أمير المؤمنين فكم تعطيني إذا أشرت عليه بولايتك؟ فبذل له مالا عظيما، فعلم عمر أنه ليس ممن يصلح للولاية، وكذلك في المعاملات، وكذلك الصبيان والمماليك الذين عرفوا أو قيل عنهم الفجور وأراد الرجل أن يشتريه بأنه يمتحنه، فإن المخنث كالبغي، وتوبته كتوبتها.
ومعرفة أحوال الناس تارة تكون بشهادات الناس، وتارة تكون بالجرح والتعديل، وتارة تكون بالاختبار والامتحان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الخامس عشر.
- التصنيف: