فَصـل في النزاع في قوله: قل يا أيها الكافرون
ابن تيمية
- التصنيفات: الجرح والتعديل وعلومه -
السؤال: فَصـل في النزاع في قوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}
الإجابة:
وهذا النزاع في قوله : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، هل هو خطاب لجنس الكفار ،كما قاله الأكثرون؟ أو لمن علم أنه يموت كافرًا، كما قاله بعضهم؟ يتعلق بمسمى [الكافر] ومسمى [المؤمن].
فطائفة تقول: هذا إنما يتناول من وافي القيامة بالإيمان.
فاسم المؤمن عندهم إنما هو لمن مات مؤمنًا.
فأما من آمن ثم ارتد فذاك ليس عندهم بإيمان.
وهذا اختيار الأشعري، وطائفة من أصحاب أحمد، وغيرهم.
وهكذا يقال: الكافر من مات كافرًا.
وهؤلاء يقولون: إن حب الله وبغضه، ورضاه وسخطه، وولايته وعداوته، إنما يتعلق بالموافاة فقط.
فالله يحب من علم أنه يموت مؤمنًا. ويرضى عنه ويواليه بحب قديم وموالاة قديمة.
ويقولون: إن عمر حال كفره كان وليًا لله.
وهذا القول معروف عن ابن كُلاب ومن تبعه، كالأشعرى وغيره.
وأكثر الطوائف يخالفونه في هذا، فيقولون: بل قد يكون الرجل عدوًا لله ثم يصير وليًا لله، ويكون الله يبغضه ثم يحبه.
وهذ مذهب الفقهاء والعامة.
وهو قول المعتزلة، والكرامية، والحنفية قاطبة، وقدماء المالكية، والشافعية، والحنبلية.
وعلى هـذا يـدل القـرآن، كقوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران:31]، {وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ} [النساء: 137]، فوصفهم بكفر بعد إيمان، وإيمان بعد كفر.
وأخبر عن الذين كفروا أنهم كفار، وأنهم إن انتهوا يغفر لهم ما قد سلف.
وقال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمًْ} [الزخرف: 55]، وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 28] .
وفي الصحيحين في حديث الشفاعة: تقول الأنبياء .
وفي دعاء الحجاج عند الملتزم عن ابن عباس وغيره: [فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا، وإلا فمن الآن فارض عني].
وبعضهم حذف: [فارض عني]، فظن بعض الفقهاء أنه [فمن الآن] أنه من [المن].
وهو تصحيف.
وإنما هو من حروف الجر كما في تمام الكلام، وإلا فمن الآن فارض عني.
فبين أنه يزداد رضا، وأنه يرضى في وقت محدود. وشواهد هذا كثيرة. وهو مبسوط في مواضع.
_______________
<مجموع فتاوى ابن تيمية - 16 - المجلد السادس عشر (التفسير)
وهذا النزاع في قوله : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، هل هو خطاب لجنس الكفار ،كما قاله الأكثرون؟ أو لمن علم أنه يموت كافرًا، كما قاله بعضهم؟ يتعلق بمسمى [الكافر] ومسمى [المؤمن].
فطائفة تقول: هذا إنما يتناول من وافي القيامة بالإيمان.
فاسم المؤمن عندهم إنما هو لمن مات مؤمنًا.
فأما من آمن ثم ارتد فذاك ليس عندهم بإيمان.
وهذا اختيار الأشعري، وطائفة من أصحاب أحمد، وغيرهم.
وهكذا يقال: الكافر من مات كافرًا.
وهؤلاء يقولون: إن حب الله وبغضه، ورضاه وسخطه، وولايته وعداوته، إنما يتعلق بالموافاة فقط.
فالله يحب من علم أنه يموت مؤمنًا. ويرضى عنه ويواليه بحب قديم وموالاة قديمة.
ويقولون: إن عمر حال كفره كان وليًا لله.
وهذا القول معروف عن ابن كُلاب ومن تبعه، كالأشعرى وغيره.
وأكثر الطوائف يخالفونه في هذا، فيقولون: بل قد يكون الرجل عدوًا لله ثم يصير وليًا لله، ويكون الله يبغضه ثم يحبه.
وهذ مذهب الفقهاء والعامة.
وهو قول المعتزلة، والكرامية، والحنفية قاطبة، وقدماء المالكية، والشافعية، والحنبلية.
وعلى هـذا يـدل القـرآن، كقوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران:31]، {وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ} [النساء: 137]، فوصفهم بكفر بعد إيمان، وإيمان بعد كفر.
وأخبر عن الذين كفروا أنهم كفار، وأنهم إن انتهوا يغفر لهم ما قد سلف.
وقال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمًْ} [الزخرف: 55]، وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 28] .
وفي الصحيحين في حديث الشفاعة: تقول الأنبياء .
وفي دعاء الحجاج عند الملتزم عن ابن عباس وغيره: [فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا، وإلا فمن الآن فارض عني].
وبعضهم حذف: [فارض عني]، فظن بعض الفقهاء أنه [فمن الآن] أنه من [المن].
وهو تصحيف.
وإنما هو من حروف الجر كما في تمام الكلام، وإلا فمن الآن فارض عني.
فبين أنه يزداد رضا، وأنه يرضى في وقت محدود. وشواهد هذا كثيرة. وهو مبسوط في مواضع.
_______________
<مجموع فتاوى ابن تيمية - 16 - المجلد السادس عشر (التفسير)