هل من شروط صحة الصلاة ستر العورة
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال: في مصلى الجامعة أمَّنا أحد الإخوة، وكان يلبس قميصاً قصيراً، بحيث
كلما ركع أو سجد انكشف جزء من ظهره قريباً من الدبر، فما حكم صلاته
وصلاة المأمومين وراءه في الحالات التالية: إن لم ينتبه الإمام لتكشف
عورته، وانتبه لذلك المأمومين، إذا لم ينتبه الإمام و انتبه بعض
المأمومين دون بعض، إذا انتبه الإمام ولم يحرص على ستر عورته في
الصلاة؟
الإجابة: إن من شروط صحة الصلاة ستر العورة، وعبر بعضهم بأنه "فرض"، فلا يصح
الصلاة دونه وهو (مذهب جمهور الفقهاء): الحنفية، والشافعية,
والحنابلة, وهو المشهور عند المالكية، وداود، وابن حزم، ولا فرق في
ذلك بين من يصلي منفرداً أو بجماعة, في خلوة أو بين الناس, في ضوء أو
في ظلام, وهذا الشرط لمن يكون قادراً على ستر العورة وواجداً للثياب,
فلو صلى مكشوف العورة قادراً وواجداً للساتر، بطلت صلاته, وعليه
الإعادة, قال ابن عبد البر: "احتج من قال الستر من فرائض الصلاة,
بالإجماع على إفساد من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به, وصلى
عريانا، وهذا أجمعوا عليه كلهم".
ولقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "المراد به الثياب في الصلاة، وإذا لم يجد المصلي ما يستر به عورته، فاتفق الفقهاء على أنه يجب عليه أن يصلي عرياناً; لأن اشتراط الستر في صحة الصلاة مقيد بالقدرة، وهو عاجز عنه".
أما عورة الرجل في الصلاة وخارجها، فهي ما بين السرة والركبة؛ قال ابن قدامة في (المغني): "الكلام في حد العورة، والصالح في المذهب، أنها من الرجل ما بين السرة والركبة. نص عليه أحمد في رواية جماعة، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء، وفيه رواية أخرى أنها الفرجان. قال مهنا: سألت أحمد ما العورة؟ قال: الفرج والدبر وهذا قول ابن أبي ذئب وداود". فالفرجان (القبل والدبر) عورة بالإجماع، واختلفوا إذا انكشف شيء منها بغير قصد:
فذهب الحنفية: أن الصلاة تبطل لو انكشف ربع عضو قدر أداء ركن من أركان الصلاة، وأما إذا أدى مع الانكشاف ركنا فإنها تفسد باتفاق الحنفية، وهذا كله في الانكشاف الحادث في أثناء الصلاة، أما المقارن لابتدائها فإنه يمنع انعقادها.
ويرى الشافعية: أنه إن لم يُستر حالاً فإن صلاته تبطل، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: فإن انكشف شيء من عورة المصلي لم تصح صلاته، سواء أكثر المنكشف أم قل، ولو كان أدنى جزء، وهذا إذا لم يسترها في الحال".
ويرى الحنابلة: أنه يعفى عن اليسير دون الكثير، قال ابن قدامة في "المغني": "فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته. نص عليه أحمد قال: واليسير ما لا يفحش، والمرجع في ذلك إلى العادة، إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها".
والراجح -والعلم عند الله- هو قول الشافعية أن الصلاة تبطل بانكشاف العورة في الصلاة، ولو عن غير قصد، ما لم تُستر حالاً، وهو الموافق لعموم الأدلة وللقواعد العامة التي تنص على أن تخلف الشرط يبطل الصلاة،سواء عن عمد أو عن غير عمد، كمن صلى بغير وضوء، أو صلى لغير القبلة؛ ذاهلاً عنها، أو صلى وهو جنب، أو في غير وقت الصلاة، فكل هؤلاء يعيدون الصلاة بإجماع العلماء، ولا فرق بين هذه الشروط وبين شرط ستر عورته، ومن ادعى الفرق طولب بالدليل.
وعليه؛ فصلاة ذلك الإمام باطلة على كل حال، سواء انتبه أو لم ينتبه، وتجب عليه الإعادة، مادام لم يستر نفسه حالاً في الصلاة، أما المأمومون: فمَن عَلِمَ منهم وهو في الصلاة بانكشاف عورة الإمام المغلظة، وتابعه ولم يفارقه فصلاته باطله؛ لأنه علم بطلان صلاة إمامه وتابعه على تلك الصلاة الباطلة، ومَن لم يعلم منهم بانكشاف عورة الإمام إلا بعد انتهاء الصلاة، فصلاته صحيحة؛ لأنه يصلي وراءه وهو متيقن أنه مستوفٍ لشروط الصلاة.
قال أبو محمد بن حزم: ومَن صلى جُنباً أو على غير وضوء عمداً أو نسياناً فصلاة مَن ائتم به صحيحة تامة، إلا أن يكون عَلِمَ ذلك يقيناً فلا صلاة له; لأنه ليس مصلياً، فإذا لم يكن مصلياً، فالمؤتم بمن لا يصلي عابث عاص مُخالف لما أمر به، ومن هذه صفته في صلاته فلا صلاة له، وقال الشافعي، وأبو سليمان، كما قلنا قال علي ابن حزم: برهان صحة قولنا: قول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، وليس في وسعنا علم الغيب من طهارته؟ وكل إمام يصلى وراءه في العالم: ففي الممكن أن يكون على غير طهارة عامداً أو ناسياً، فصحَّ أننا لم نكلف علم يقين طهارتهم وكل أحد يصلي لنفسه، ولا يبطل صلاة المأموم إن صحت بطلان صلاة الإمام، ولا يصح صلاة المأموم إن بطلت صحة صلاة الإمام.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، وقال علي ابن حزم: "وعمدتنا في هذا هو ما حدثناه عن أبي بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فكبَّر فأومأ إليهم: أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر، فصلى بهم، فلما قضى الصلاة قال: " "، فقد اعتدوا بتكبيرهم خلفه وهو صلى الله عليه وسلم جُنب، وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه، أن عمر بن الخطاب صلى بالناس وهو جنب فأعاد، ولم يبلغنا أن الناس أعادوا، وعن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن أباه صلى بالناس صلاة العصر وهو على غير وضوء، فأعاد ولم يعد أصحابه، وعن إبراهيم النخعي، والحسن، وسعيد بن جبير، فيمن أم قوما وهو على غير طهارة: أنه يعيد ولا يعيدون، ولم يفرقوا بين ناسٍ وعامد" والله أعلم. منقول من موقع الآلوكة
ولقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "المراد به الثياب في الصلاة، وإذا لم يجد المصلي ما يستر به عورته، فاتفق الفقهاء على أنه يجب عليه أن يصلي عرياناً; لأن اشتراط الستر في صحة الصلاة مقيد بالقدرة، وهو عاجز عنه".
أما عورة الرجل في الصلاة وخارجها، فهي ما بين السرة والركبة؛ قال ابن قدامة في (المغني): "الكلام في حد العورة، والصالح في المذهب، أنها من الرجل ما بين السرة والركبة. نص عليه أحمد في رواية جماعة، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء، وفيه رواية أخرى أنها الفرجان. قال مهنا: سألت أحمد ما العورة؟ قال: الفرج والدبر وهذا قول ابن أبي ذئب وداود". فالفرجان (القبل والدبر) عورة بالإجماع، واختلفوا إذا انكشف شيء منها بغير قصد:
فذهب الحنفية: أن الصلاة تبطل لو انكشف ربع عضو قدر أداء ركن من أركان الصلاة، وأما إذا أدى مع الانكشاف ركنا فإنها تفسد باتفاق الحنفية، وهذا كله في الانكشاف الحادث في أثناء الصلاة، أما المقارن لابتدائها فإنه يمنع انعقادها.
ويرى الشافعية: أنه إن لم يُستر حالاً فإن صلاته تبطل، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: فإن انكشف شيء من عورة المصلي لم تصح صلاته، سواء أكثر المنكشف أم قل، ولو كان أدنى جزء، وهذا إذا لم يسترها في الحال".
ويرى الحنابلة: أنه يعفى عن اليسير دون الكثير، قال ابن قدامة في "المغني": "فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته. نص عليه أحمد قال: واليسير ما لا يفحش، والمرجع في ذلك إلى العادة، إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها".
والراجح -والعلم عند الله- هو قول الشافعية أن الصلاة تبطل بانكشاف العورة في الصلاة، ولو عن غير قصد، ما لم تُستر حالاً، وهو الموافق لعموم الأدلة وللقواعد العامة التي تنص على أن تخلف الشرط يبطل الصلاة،سواء عن عمد أو عن غير عمد، كمن صلى بغير وضوء، أو صلى لغير القبلة؛ ذاهلاً عنها، أو صلى وهو جنب، أو في غير وقت الصلاة، فكل هؤلاء يعيدون الصلاة بإجماع العلماء، ولا فرق بين هذه الشروط وبين شرط ستر عورته، ومن ادعى الفرق طولب بالدليل.
وعليه؛ فصلاة ذلك الإمام باطلة على كل حال، سواء انتبه أو لم ينتبه، وتجب عليه الإعادة، مادام لم يستر نفسه حالاً في الصلاة، أما المأمومون: فمَن عَلِمَ منهم وهو في الصلاة بانكشاف عورة الإمام المغلظة، وتابعه ولم يفارقه فصلاته باطله؛ لأنه علم بطلان صلاة إمامه وتابعه على تلك الصلاة الباطلة، ومَن لم يعلم منهم بانكشاف عورة الإمام إلا بعد انتهاء الصلاة، فصلاته صحيحة؛ لأنه يصلي وراءه وهو متيقن أنه مستوفٍ لشروط الصلاة.
قال أبو محمد بن حزم: ومَن صلى جُنباً أو على غير وضوء عمداً أو نسياناً فصلاة مَن ائتم به صحيحة تامة، إلا أن يكون عَلِمَ ذلك يقيناً فلا صلاة له; لأنه ليس مصلياً، فإذا لم يكن مصلياً، فالمؤتم بمن لا يصلي عابث عاص مُخالف لما أمر به، ومن هذه صفته في صلاته فلا صلاة له، وقال الشافعي، وأبو سليمان، كما قلنا قال علي ابن حزم: برهان صحة قولنا: قول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، وليس في وسعنا علم الغيب من طهارته؟ وكل إمام يصلى وراءه في العالم: ففي الممكن أن يكون على غير طهارة عامداً أو ناسياً، فصحَّ أننا لم نكلف علم يقين طهارتهم وكل أحد يصلي لنفسه، ولا يبطل صلاة المأموم إن صحت بطلان صلاة الإمام، ولا يصح صلاة المأموم إن بطلت صحة صلاة الإمام.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، وقال علي ابن حزم: "وعمدتنا في هذا هو ما حدثناه عن أبي بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فكبَّر فأومأ إليهم: أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر، فصلى بهم، فلما قضى الصلاة قال: " "، فقد اعتدوا بتكبيرهم خلفه وهو صلى الله عليه وسلم جُنب، وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه، أن عمر بن الخطاب صلى بالناس وهو جنب فأعاد، ولم يبلغنا أن الناس أعادوا، وعن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن أباه صلى بالناس صلاة العصر وهو على غير وضوء، فأعاد ولم يعد أصحابه، وعن إبراهيم النخعي، والحسن، وسعيد بن جبير، فيمن أم قوما وهو على غير طهارة: أنه يعيد ولا يعيدون، ولم يفرقوا بين ناسٍ وعامد" والله أعلم. منقول من موقع الآلوكة