اجتياز المسجد والصلاة في النعال
منذ 2008-04-03
السؤال: هل يجوز اجتياز بيوت الله، وتخطي رقاب المصلين، والصلاة بالأحذية
والمُدُس؟
الإجابة: أما اجتياز بيوت الله، بمعنى المرور فيها لا على جهة اتخاذها طرقاً،
فيدل على جوازه ما أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود وابن
ماجه (1) -واللفظ للبخاري- عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: " "، ولهذا ترجم البخاري في (صحيحه) لهذا الحديث: "باب
المرور في المسجد".
وأما اتخاذ المساجد طرقاً، فقد جاء النهي عنه في حديث رواه الطبراني في (الكبير) و(الأوسط) (2)، بإسناد فيه مقال، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ".
وأما تخطي رقاب المصلين، فلا يليق؛ لما فيه من أذيتهم، وإساءة الأدب معهم، وقد عقد الإمام الشافعي رضي الله عنه في (الأم) (3) باباً لكراهة تخطي رقاب الناس يوم الجمعة. قال فيه: "وأكره تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، قبل دخول الإمام وبعده؛ لما فيه من الأذى لهم، وسوء الأدب، ولذلك أحب لشاهد الجمعة التبكير إليها، مع الفضل في التبكير إليها. وقد روي عن الحسن مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " " (4)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم -رواه أبو هريرة- أنه قال: " " (5)، وإن كان دون مدخل رجلٍ زحام، وأمامه فرجة، فكان تخطيه إلى الفرجة بواحد أو اثنين رجوت أن يسعه التخطي، وإن كثر كرهته، ولم أحبه، إلا أن لا يجد السبيل إلى مصلى يصلي فيه الجمعة، إلا بأن يتخطى، فيسعه التخطي -إن شاء الله-. وإن كان إذا وقف حتى تقام الصلاة تقدم من دونه حتى يصل إلى موضع تجوز فيه الصلاة، كرهت له التخطي، وإن فعل ما كرهت له من التخطي، لم يكن عليه إعادة صلاة. وإن كان الزحام دون الإمام الذي يصلي الجمعة، لم أكره له من التخطي، ولا لمن يفرج له من الناس ما أكره للمأموم؛ لأنه مضطر إلى أن يمضي إلى الخطبة، والصلاة لهم". انتهى.
وذكر الحافظ في (فتح الباري) (6) في شرح باب الدهن يوم الجمعة: قول الشافعي: أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بذلك، ثم قال الحافظ: وهذا يدخل فيه الإمام، ومن يريد وصل الصف المنقطع إن أبى السابق من ذلك، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة.
ونقل ابن قدامة في (المغني) (7) عن الحسن البصري أنه قال: تخطوا رقاب الذين يجلسون على أبواب المساجد؛ فإنهم لا حرمة لهم.
فاستفيد من كلام الحسن أن هذا من المواضع التي لا يكره فيها التخطي. قال ابن قدامة في تعليل كلام الحسن: وذلك لأنهم خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ورغبوا عن الفضيلة، وخيِر الصفوف، وجلسوا في شرها؛ ولأن تخطيهم مما لا بد منه.أ.هـ.
▪ وأما الصلاة في النعال، ففي (اختيارات) (8) شيخ الإسلام ابن تيمية أنها سُنَّة أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال في (فتاواه): ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في (الصحيحين) أنه كان يصلي في نعليه، وقال: " "، وصلى مرة في نعليه وأصحابه في نعالهم، فخلعهما في الصلاة فخلعوا، فقالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال: " " (9).
وقال العلامة ابن القيم في (إغاثة اللهفان) (10): مما لا تطيب به قلوب الموسوسين الصلاة في النعال، وهي سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فعلًا منه وأمرًا. فروى أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه (متفق عليه) (11)، وعن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " (رواه أبو داود) (12)، وقيل للإمام أحمد: أيصلي الرجل في نعليه؟ قال: إي، والله.أ.هـ.
وقال الحافظ العراقي في (شرح الترمذي): ممن كان يفعل ذلك -يعني: لبس النعلين في الصلاة-: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وعويمر بن ساعدة، وأنس بن مالك، وسلمة بن الأكوع، وأوس الثقفي، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والقاسم، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله، وعطاء بن يسار، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وطاوس، وشريح القاضي، وأبو مجلز، وأبو عمرو الشيباني، والأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعي، وإبراهيم التيمي، وعلي بن الحسين، وابنه أبو جعفر.أ.هـ. نقله عن شرح العراقي للترمذي الشوكاني في (نيل الأوطار) (13).
ولما في معنى النعل حكمُ النعل، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) (14) قال: أما الصلاة في النعل ونحوه، مثل: الجمجم، والمداس، والزربول، وغير ذلك، فلا تكره، بل هي مستحبة.أ.هـ. واستدل بنصوص الصلاة في النعلين على ذلك.
___________________________________________
1 - ابن أبي شيبة (2/ 436)، والبخاري (452)، ومسلم (2615)، وأبو داود (2587)، وابن ماجه (3778).
2 - الطبراني في (الكبير) (12/314) و(الأوسط) (31)، وقال: لم يرو هذا الحديث عن سالم -هو ابن عبد الله بن عمر- إلا أبو قبيل المعافري -واسمه حُيَي بن هانئ- ولا عن أبي قبيل إلا على بن حوشب، تفرد به يحيى بن صالح الوحاظي.
3 - (1/ 198).
4 - عبد الرزاق (3/ 240)، وابن أبي شيبة (2/ 144) مرسلاً.
5 - عبد الرزاق (3/ 242)، وابن أبي شيبة (2/ 145) بنحوه. موقوفاً على أبي هريرة.
6 - (2/ 372).
7 - (3/ 231).
8 - ص (43).
9 - أخرجه أحمد (3/ 20، 92)، وأبو داود (650)، وابن خزيمة (1017)، والحاكم (1/ 260) وصححه على شرط مسلم، من حديث أبي سعيد الخدري.
10 - (1/ 167).
11 - البخاري (386)، ومسلم (555).
12 - أبو داود (652)، والحاكم (1/260)، والبيهقي (2/432)، وصححه الشيخ الألباني في (المشكاة) (765).
13 - (2/ 429، 430).
14 - (22/ 121).
وأما اتخاذ المساجد طرقاً، فقد جاء النهي عنه في حديث رواه الطبراني في (الكبير) و(الأوسط) (2)، بإسناد فيه مقال، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ".
وأما تخطي رقاب المصلين، فلا يليق؛ لما فيه من أذيتهم، وإساءة الأدب معهم، وقد عقد الإمام الشافعي رضي الله عنه في (الأم) (3) باباً لكراهة تخطي رقاب الناس يوم الجمعة. قال فيه: "وأكره تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، قبل دخول الإمام وبعده؛ لما فيه من الأذى لهم، وسوء الأدب، ولذلك أحب لشاهد الجمعة التبكير إليها، مع الفضل في التبكير إليها. وقد روي عن الحسن مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " " (4)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم -رواه أبو هريرة- أنه قال: " " (5)، وإن كان دون مدخل رجلٍ زحام، وأمامه فرجة، فكان تخطيه إلى الفرجة بواحد أو اثنين رجوت أن يسعه التخطي، وإن كثر كرهته، ولم أحبه، إلا أن لا يجد السبيل إلى مصلى يصلي فيه الجمعة، إلا بأن يتخطى، فيسعه التخطي -إن شاء الله-. وإن كان إذا وقف حتى تقام الصلاة تقدم من دونه حتى يصل إلى موضع تجوز فيه الصلاة، كرهت له التخطي، وإن فعل ما كرهت له من التخطي، لم يكن عليه إعادة صلاة. وإن كان الزحام دون الإمام الذي يصلي الجمعة، لم أكره له من التخطي، ولا لمن يفرج له من الناس ما أكره للمأموم؛ لأنه مضطر إلى أن يمضي إلى الخطبة، والصلاة لهم". انتهى.
وذكر الحافظ في (فتح الباري) (6) في شرح باب الدهن يوم الجمعة: قول الشافعي: أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بذلك، ثم قال الحافظ: وهذا يدخل فيه الإمام، ومن يريد وصل الصف المنقطع إن أبى السابق من ذلك، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة.
ونقل ابن قدامة في (المغني) (7) عن الحسن البصري أنه قال: تخطوا رقاب الذين يجلسون على أبواب المساجد؛ فإنهم لا حرمة لهم.
فاستفيد من كلام الحسن أن هذا من المواضع التي لا يكره فيها التخطي. قال ابن قدامة في تعليل كلام الحسن: وذلك لأنهم خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ورغبوا عن الفضيلة، وخيِر الصفوف، وجلسوا في شرها؛ ولأن تخطيهم مما لا بد منه.أ.هـ.
▪ وأما الصلاة في النعال، ففي (اختيارات) (8) شيخ الإسلام ابن تيمية أنها سُنَّة أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال في (فتاواه): ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في (الصحيحين) أنه كان يصلي في نعليه، وقال: " "، وصلى مرة في نعليه وأصحابه في نعالهم، فخلعهما في الصلاة فخلعوا، فقالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال: " " (9).
وقال العلامة ابن القيم في (إغاثة اللهفان) (10): مما لا تطيب به قلوب الموسوسين الصلاة في النعال، وهي سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فعلًا منه وأمرًا. فروى أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه (متفق عليه) (11)، وعن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " (رواه أبو داود) (12)، وقيل للإمام أحمد: أيصلي الرجل في نعليه؟ قال: إي، والله.أ.هـ.
وقال الحافظ العراقي في (شرح الترمذي): ممن كان يفعل ذلك -يعني: لبس النعلين في الصلاة-: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وعويمر بن ساعدة، وأنس بن مالك، وسلمة بن الأكوع، وأوس الثقفي، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والقاسم، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله، وعطاء بن يسار، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وطاوس، وشريح القاضي، وأبو مجلز، وأبو عمرو الشيباني، والأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعي، وإبراهيم التيمي، وعلي بن الحسين، وابنه أبو جعفر.أ.هـ. نقله عن شرح العراقي للترمذي الشوكاني في (نيل الأوطار) (13).
ولما في معنى النعل حكمُ النعل، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) (14) قال: أما الصلاة في النعل ونحوه، مثل: الجمجم، والمداس، والزربول، وغير ذلك، فلا تكره، بل هي مستحبة.أ.هـ. واستدل بنصوص الصلاة في النعلين على ذلك.
___________________________________________
1 - ابن أبي شيبة (2/ 436)، والبخاري (452)، ومسلم (2615)، وأبو داود (2587)، وابن ماجه (3778).
2 - الطبراني في (الكبير) (12/314) و(الأوسط) (31)، وقال: لم يرو هذا الحديث عن سالم -هو ابن عبد الله بن عمر- إلا أبو قبيل المعافري -واسمه حُيَي بن هانئ- ولا عن أبي قبيل إلا على بن حوشب، تفرد به يحيى بن صالح الوحاظي.
3 - (1/ 198).
4 - عبد الرزاق (3/ 240)، وابن أبي شيبة (2/ 144) مرسلاً.
5 - عبد الرزاق (3/ 242)، وابن أبي شيبة (2/ 145) بنحوه. موقوفاً على أبي هريرة.
6 - (2/ 372).
7 - (3/ 231).
8 - ص (43).
9 - أخرجه أحمد (3/ 20، 92)، وأبو داود (650)، وابن خزيمة (1017)، والحاكم (1/ 260) وصححه على شرط مسلم، من حديث أبي سعيد الخدري.
10 - (1/ 167).
11 - البخاري (386)، ومسلم (555).
12 - أبو داود (652)، والحاكم (1/260)، والبيهقي (2/432)، وصححه الشيخ الألباني في (المشكاة) (765).
13 - (2/ 429، 430).
14 - (22/ 121).
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .
- التصنيف: