قبول التوبة ما لم يغرغر
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
- التصنيفات: التوبة -
السؤال: سائل يسأل عن رجل عمل معصية، ثم تاب منها، ثم عاد ثانياً، ثم تاب، ثم
عملها ثالثًا ورابعًا، وبعد ذلك تاب، وحسن عمله، وندم على ما
فات.
ويسأل عن حكم هذه التوبة، وعن الجمع بين قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ}، وبين الحديث: " "، وهل بينهما تعارض؟
ويسأل عن حكم هذه التوبة، وعن الجمع بين قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ}، وبين الحديث: " "، وهل بينهما تعارض؟
الإجابة: أما الرجل فتوبته مقبولة، ولله الحمد، فعليه بالاستقامة والثبات
عليها، وقد ورد في معنى ما ذكرته، جملة أحاديث منها:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " (1) (متفق عليه).
وأما ما أشكل عليك من وجه الجمع بين الآية والحديث، فلا تعارض بينهما بحمد الله، وليس معنى الآية كما توهمته: بأن من شرط التوبة أن يتوب العبد بزمن قريب من زمن المعصية، بل المعنى -والله أعلم-: أن من تاب قبل معاينة ملك الموت فتوبته مقبولة، وكل ما كان دون الموت فهو قريب، بل الدنيا كلها قريب؛ لقوله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} (2).
فقد دلت هذه النصوص على أن من تاب إلى الله، وهو يرجو الحياة، فإن توبته مقبولة، ومتى وقع اليأس من الحياة، وعاين ملك الموت، وحشرجت الروح في الحلق، وضاق بها الصدر، وبلغت الحلقوم، وغرغرت النفس صاعدة في الغلاصم، فلا توبة مقبولة حينئذ، ولات حين مناص؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (3).
نسأل الله التوبة النصوح قبل غرغرة الروح، إنه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
___________________________________________
1 - البخاري (7507)، ومسلم (2758).
2 - سورة النساء: الآية (77).
3 - سورة النساء: الآية (18).
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " (1) (متفق عليه).
وأما ما أشكل عليك من وجه الجمع بين الآية والحديث، فلا تعارض بينهما بحمد الله، وليس معنى الآية كما توهمته: بأن من شرط التوبة أن يتوب العبد بزمن قريب من زمن المعصية، بل المعنى -والله أعلم-: أن من تاب قبل معاينة ملك الموت فتوبته مقبولة، وكل ما كان دون الموت فهو قريب، بل الدنيا كلها قريب؛ لقوله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} (2).
فقد دلت هذه النصوص على أن من تاب إلى الله، وهو يرجو الحياة، فإن توبته مقبولة، ومتى وقع اليأس من الحياة، وعاين ملك الموت، وحشرجت الروح في الحلق، وضاق بها الصدر، وبلغت الحلقوم، وغرغرت النفس صاعدة في الغلاصم، فلا توبة مقبولة حينئذ، ولات حين مناص؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (3).
نسأل الله التوبة النصوح قبل غرغرة الروح، إنه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
___________________________________________
1 - البخاري (7507)، ومسلم (2758).
2 - سورة النساء: الآية (77).
3 - سورة النساء: الآية (18).