أدب المشي مع الشيخ
منذ 2008-05-14
السؤال: نحن إخوان زملاء، لنا شيخ نُجِله ونحترمه، فهل المشروع أن نمشي خلفه،
أو عن يمينه، أو عن شماله؟ وبعض الأحيان إذا غاب شيخنا، يتدافع بعض
الإخوان، كل منهم يريد أن يقدم صاحبه على نفسه في المشي، والدخول،
ونحو ذلك، فيأبى هذا، إلا أن يتقدمه زميله؟ وقد طلب مني زملائي أن
أكتب لكم هذا السؤال؟
الإجابة: قال ابن عقيل: من مشى مع إنسان، فإن كان أكبر منه وأعلم، فعن يمينه،
يقيمه مقام الإمام في الصلاة، وإن كان دونه في المنزلة فيجعله عن
يمينه، وإذا كانا سواء استحب له أن يخلي له يساره؛ حتى لا يضيق عليه
جهة البصاق والامتخاط ونحوه. ومقتضى كلامه؛ استحباب مشي الجماعة خلف
الكبير، وإن مشوا على جانبيه فلا بأس، كالإمام في الصلاة.
وفي (صحيح) مسلم في أول كتاب الإيمان قول يحيى بن يعمر أنه هو وحميد ابن عبد الرحمن مشيا إلى جانبي ابن عمر رضي الله عنهما (1). وقد قيل: المستحب: المشي عن اليمين في الجملة؛ ليخلي اليسار للبصاق، وغيره (2). قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: إذا أذِن له في الدخول، ومعه من هو أكبر منه بيوم، قدم الأكبر في الدخول، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " "، وقال: " " (3). وقال مالك بن مغول: كنت أمشي مع طلحة بن مصرف، فصرنا إلى مضيق، فتقدمني، ثم قال: لو كنت أعلم أنك أكبر مني بيوم ما تقدمتك...، قال ابن الجوزي: فإن كان الأصغر أعلم، فتقديمه أولى. ثم روى بإسناده عن الحسين بن منصور قال: كنت مع يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه يوماً نعود مريضاً، فلما حاذينا الباب، تأخر إسحاق، وقال ليحيى: تقدم أنت يا أبا زكريا؛ أنت أكبر مني. قال: نعم، أكبر منك، وأنت أعلم مني. فتقدم إسحاق. انتهى. قال ابن مفلح رحمه الله: وهذا يقتضي أن من له التقديم يتقدم عملاً بالسنة، وأن ذلك يحسن منه، وأن الأعلم يقدم مطلقاً، ولا اعتبار معه إلى سن ولا صلاح ولا شيء، وأن الأسن يقدم على الأورع والأدين، كما هو ظاهر كلامه في (المستوعب).
فإن استوى اثنان في العلم والسن، فينبغي أن يقدم من له مزية بدين، أو ورع، أو ما أشبه ذلك...، وذكر ابن الجوزي بعد ذلك حديث: " " (رواه الإمام أحمد)، ولفظ حديث أحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " (4)، ورواه الحاكم أيضا، بلفظ: " " (5) إلخ، ذكره في (شرح منظومة الآداب)، والله أعلم.
___________________________________________
1 - مسلم (8).
2 - راجع (الآداب الشرعية) لابن مفلح (3/ 247).
3 - البيهقي (الكبرى) (1/40)، وأحمد (2 / 138) وغيره بنحوه مطولاً، وهذه رواية مرجوحة، ولفظه: "أراني أتسوك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر".
4 - أحمد (5/ 323)، وانظر (الآداب الشرعية) (3/ 249- 251).
5 - الحاكم في (المستدرك) (1/ 122) من الوجه السابق.
وفي (صحيح) مسلم في أول كتاب الإيمان قول يحيى بن يعمر أنه هو وحميد ابن عبد الرحمن مشيا إلى جانبي ابن عمر رضي الله عنهما (1). وقد قيل: المستحب: المشي عن اليمين في الجملة؛ ليخلي اليسار للبصاق، وغيره (2). قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: إذا أذِن له في الدخول، ومعه من هو أكبر منه بيوم، قدم الأكبر في الدخول، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " "، وقال: " " (3). وقال مالك بن مغول: كنت أمشي مع طلحة بن مصرف، فصرنا إلى مضيق، فتقدمني، ثم قال: لو كنت أعلم أنك أكبر مني بيوم ما تقدمتك...، قال ابن الجوزي: فإن كان الأصغر أعلم، فتقديمه أولى. ثم روى بإسناده عن الحسين بن منصور قال: كنت مع يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه يوماً نعود مريضاً، فلما حاذينا الباب، تأخر إسحاق، وقال ليحيى: تقدم أنت يا أبا زكريا؛ أنت أكبر مني. قال: نعم، أكبر منك، وأنت أعلم مني. فتقدم إسحاق. انتهى. قال ابن مفلح رحمه الله: وهذا يقتضي أن من له التقديم يتقدم عملاً بالسنة، وأن ذلك يحسن منه، وأن الأعلم يقدم مطلقاً، ولا اعتبار معه إلى سن ولا صلاح ولا شيء، وأن الأسن يقدم على الأورع والأدين، كما هو ظاهر كلامه في (المستوعب).
فإن استوى اثنان في العلم والسن، فينبغي أن يقدم من له مزية بدين، أو ورع، أو ما أشبه ذلك...، وذكر ابن الجوزي بعد ذلك حديث: " " (رواه الإمام أحمد)، ولفظ حديث أحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " (4)، ورواه الحاكم أيضا، بلفظ: " " (5) إلخ، ذكره في (شرح منظومة الآداب)، والله أعلم.
___________________________________________
1 - مسلم (8).
2 - راجع (الآداب الشرعية) لابن مفلح (3/ 247).
3 - البيهقي (الكبرى) (1/40)، وأحمد (2 / 138) وغيره بنحوه مطولاً، وهذه رواية مرجوحة، ولفظه: "أراني أتسوك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر".
4 - أحمد (5/ 323)، وانظر (الآداب الشرعية) (3/ 249- 251).
5 - الحاكم في (المستدرك) (1/ 122) من الوجه السابق.
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .
- التصنيف: