مَن هي الفرقة الناجية؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: الفرق والجماعات الإسلامية -
السؤال: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم -فيما معناه-: "
"، فهل الفرقة الناجية من الجماعات الإسلامية الموجودة
الآن، أو أي الجماعات الموجودة الآن من الفرقة الناجية؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه وسلم - أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم) وقال: صحيح على شرط مسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: " "، وفي رواية : " "، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا حديث محفوظ.
وقد اختلفت أقوال العلماء في معنى الفرقة الناجية في هذا الحديث:
فقال قوم: هم السواد الأعظم؛ فيشمل مجتهدي الأمة، وعلماءها، وأهل الشريعة العاملين بها،، ومن سواهم داخلون في حكمهم؛ لأنهم تابعون لهم، ومقتدون بهم. وقال قوم: هم أئمة العلماء المجتهدون، والمقصود بهم: العلماء الأعلام من أئمة الهدى، المتبعون للكتاب والسنة.
وقال قوم: هم الصحابة على الخصوص.
وخلاصة هذه الأقوال: أن المقصود بالفرقة الناجية:
من عصمهم الله تعالى من الاختلاف في أصول الدين وكلياته وقطعياته، وهم القائمون على الحق، الآخذون بالكتاب والسنة، السائرون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في الاعتقاد والسلوك والعمل؛ فهم أهل السنة والجماعة؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " "، قال عمران: لا أدري: أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعدُ قرنين أو ثلاثة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " "؛ أخرجاه في (الصحيحين).
أما بالنسبة للجماعات الإسلامية: فالمعيار الذي تقاس عليه هو اتباعها لمنهج السلف الصالح في الأصول والعقائد؛ يقول الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام): "وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزء من الجزئيات؛ إذ الجزء والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية"، ثم قال: "ومجرى القاعدة الكلية: كثرة الجزئيات؛ فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة، عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة".
ومن تأمل حال الفرق المنحرفة، وجدها تخالف أهل السنة والجماعة في معنى أو عدة معانٍ كلية، واعتبر ذلك بحال الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والرافضة، وغلاة المتصوفة، وغيرهم؛ كالقولِ أن العمل ليس من الإيمان، أو حصر الكفر في التكذيب والجحود، أو نفي الصفات، أو التهوين من أمر مستبدل الشريعة أوالدفاع عنه أو الطعن في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أو تسويغ عبادة المقبورين، أو القول بوحدة الوجود، كل واحدة منها تعد من الأصول والمعاني الكلية المخالفة لمنهج الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، مالم يتخذ الانتساب للجماعة ذريعة إلى التحزب والتعصب للأسماء والشعارات، أو رفض الحق وإنكاره حين يأتي من خارج جماعته، أو امتحان الناس بهذه الأسماء، أو عقد الولاء والبراء عليها؛ يقول شيخ الإسلام "ابن تيمية" في (مجموع الفتاوى): "بل الأسماء التي يسوغ التسمي بها؛ مثل انتساب الناس إلى إمام؛ كالحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، أو إلى شيخ؛ كالقادري، والعدوي، ونحوهم ... فلا يجوز لأحدٍ أن يمتحن الناس بها، ولا يوالي بهذه الأسماء، ولا يعادي عليها، بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفةٍ كان، وأولياء الله -الذين هم أولياؤه- هم الذين آمنوا، وكانوا يتقون... وقد جعل الله فيها أي: في نصوص الكتاب والسنة عباده المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وجعلهم إخوة، وجعلهم متناصرين متراحمين متعاطفين، وأمرهم سبحانه بالائتلاف، ونهاهم عن التفرق والاختلاف؛ فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام:159]؛ فكيف يجوز لأمة محمد -بعد هذا- أن تفترق وتختلف؟! حتى يوالي طائفةً، ويعادي طائفةً أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى، وقد برَّأ الله نبيه ممن كان هكذا؛ فهذا فعل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين، واستحلوا دماء من خالفهم، وأما أهل السنة والجماعة: فهم معتصمون بحبل الله.
وأقل ما في ذلك: "أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه، وإن كان غيره أتقى لله منه، وإنما الواجب أن يقدم من قدمه الله ورسوله، ويؤخر من أخره الله ورسوله، ويحب ما أحبه الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله، وينهى عما نهى الله عنه ورسوله، وأن يرضى بما رضي الله به ورسوله، وأن يكون المسلمون يداً واحدة".
وهو كلام ماتع يبين هدي الإسلام في مثل هذا الاختلاف، ولو عقله أفراد الحركات الإسلامية اليوم لكانت أبعد ما تكون عن التشرذم والتفرق، فليس الخطر في الأسماء السائغة شرعاً، وإنما الخطر في الممارسة الخاطئة للانتماء يجب على المسلم أن يكون على بصيرة في التعامل معها ، وأن لا يقبل إلا ما وافق الكتاب والسنة ، وأن يعتصم بفهم سلف الأمة ، فإن الخير كله في اتباع من سلف ، والشر في ابتداع من خلف.
وقد سئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (الفتوى رقم 7122) عن الجماعات وانضوائها تحت الفرقة الناجية؟
فأجابت: كل من هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية إلا من أتى منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان، لكنهم تتفاوت درجاتهم قوة وضعفًا بقدر إصابتهم للحق وعملهم به وخطئهم في فهم الأدلة والعمل، فأهداهم أسعدهم بالدليل فهمًا وعملًا، فاعرف وجهات نظرهم، وكن مع أتبعهم للحق وألزمهم له، ولا تبخس الآخرين إخوتهم في الإسلام فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق، بل اتبع الحق حيثما كان ولو ظهر على لسان من يخالفك في بعض المسائل، فالحق رائد المؤمن، وقوة الدليل من الكتاب والسنة هي الفيصل بين الحق والباطل، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة
فالحديث المشار إليه رواه (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم) وقال: صحيح على شرط مسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: " "، وفي رواية : " "، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا حديث محفوظ.
وقد اختلفت أقوال العلماء في معنى الفرقة الناجية في هذا الحديث:
فقال قوم: هم السواد الأعظم؛ فيشمل مجتهدي الأمة، وعلماءها، وأهل الشريعة العاملين بها،، ومن سواهم داخلون في حكمهم؛ لأنهم تابعون لهم، ومقتدون بهم. وقال قوم: هم أئمة العلماء المجتهدون، والمقصود بهم: العلماء الأعلام من أئمة الهدى، المتبعون للكتاب والسنة.
وقال قوم: هم الصحابة على الخصوص.
وخلاصة هذه الأقوال: أن المقصود بالفرقة الناجية:
من عصمهم الله تعالى من الاختلاف في أصول الدين وكلياته وقطعياته، وهم القائمون على الحق، الآخذون بالكتاب والسنة، السائرون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في الاعتقاد والسلوك والعمل؛ فهم أهل السنة والجماعة؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " "، قال عمران: لا أدري: أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعدُ قرنين أو ثلاثة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " "؛ أخرجاه في (الصحيحين).
أما بالنسبة للجماعات الإسلامية: فالمعيار الذي تقاس عليه هو اتباعها لمنهج السلف الصالح في الأصول والعقائد؛ يقول الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام): "وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزء من الجزئيات؛ إذ الجزء والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية"، ثم قال: "ومجرى القاعدة الكلية: كثرة الجزئيات؛ فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة، عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة".
ومن تأمل حال الفرق المنحرفة، وجدها تخالف أهل السنة والجماعة في معنى أو عدة معانٍ كلية، واعتبر ذلك بحال الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والرافضة، وغلاة المتصوفة، وغيرهم؛ كالقولِ أن العمل ليس من الإيمان، أو حصر الكفر في التكذيب والجحود، أو نفي الصفات، أو التهوين من أمر مستبدل الشريعة أوالدفاع عنه أو الطعن في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أو تسويغ عبادة المقبورين، أو القول بوحدة الوجود، كل واحدة منها تعد من الأصول والمعاني الكلية المخالفة لمنهج الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، مالم يتخذ الانتساب للجماعة ذريعة إلى التحزب والتعصب للأسماء والشعارات، أو رفض الحق وإنكاره حين يأتي من خارج جماعته، أو امتحان الناس بهذه الأسماء، أو عقد الولاء والبراء عليها؛ يقول شيخ الإسلام "ابن تيمية" في (مجموع الفتاوى): "بل الأسماء التي يسوغ التسمي بها؛ مثل انتساب الناس إلى إمام؛ كالحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، أو إلى شيخ؛ كالقادري، والعدوي، ونحوهم ... فلا يجوز لأحدٍ أن يمتحن الناس بها، ولا يوالي بهذه الأسماء، ولا يعادي عليها، بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفةٍ كان، وأولياء الله -الذين هم أولياؤه- هم الذين آمنوا، وكانوا يتقون... وقد جعل الله فيها أي: في نصوص الكتاب والسنة عباده المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وجعلهم إخوة، وجعلهم متناصرين متراحمين متعاطفين، وأمرهم سبحانه بالائتلاف، ونهاهم عن التفرق والاختلاف؛ فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام:159]؛ فكيف يجوز لأمة محمد -بعد هذا- أن تفترق وتختلف؟! حتى يوالي طائفةً، ويعادي طائفةً أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى، وقد برَّأ الله نبيه ممن كان هكذا؛ فهذا فعل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين، واستحلوا دماء من خالفهم، وأما أهل السنة والجماعة: فهم معتصمون بحبل الله.
وأقل ما في ذلك: "أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه، وإن كان غيره أتقى لله منه، وإنما الواجب أن يقدم من قدمه الله ورسوله، ويؤخر من أخره الله ورسوله، ويحب ما أحبه الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله، وينهى عما نهى الله عنه ورسوله، وأن يرضى بما رضي الله به ورسوله، وأن يكون المسلمون يداً واحدة".
وهو كلام ماتع يبين هدي الإسلام في مثل هذا الاختلاف، ولو عقله أفراد الحركات الإسلامية اليوم لكانت أبعد ما تكون عن التشرذم والتفرق، فليس الخطر في الأسماء السائغة شرعاً، وإنما الخطر في الممارسة الخاطئة للانتماء يجب على المسلم أن يكون على بصيرة في التعامل معها ، وأن لا يقبل إلا ما وافق الكتاب والسنة ، وأن يعتصم بفهم سلف الأمة ، فإن الخير كله في اتباع من سلف ، والشر في ابتداع من خلف.
وقد سئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (الفتوى رقم 7122) عن الجماعات وانضوائها تحت الفرقة الناجية؟
فأجابت: كل من هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية إلا من أتى منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان، لكنهم تتفاوت درجاتهم قوة وضعفًا بقدر إصابتهم للحق وعملهم به وخطئهم في فهم الأدلة والعمل، فأهداهم أسعدهم بالدليل فهمًا وعملًا، فاعرف وجهات نظرهم، وكن مع أتبعهم للحق وألزمهم له، ولا تبخس الآخرين إخوتهم في الإسلام فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق، بل اتبع الحق حيثما كان ولو ظهر على لسان من يخالفك في بعض المسائل، فالحق رائد المؤمن، وقوة الدليل من الكتاب والسنة هي الفيصل بين الحق والباطل، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة