حكم المسح على الجبيرة ونحوها
سائل يسأل عن رجل جرحت أصبعه، وذهب للطبيب فأجرى له عملية جراحية وخاطه، ووضع عليه دواء، ورباطاً، وقال: لا تمسَّه الماءَ، ولا تفتحه إلا بعد ثلاثة أيام، فهل يجزئ أن يمسح عليه إذا أراد الوضوء، أو يتيمم عنه؟
أما فيما يتعلق بالجرح فله التقيد بأمر الطبيب، ولا حرج في ذلك، ولا يمس أصبعه الماء، ولا يفكه إلا بإشراف الطبيب.
وأما فيما يتعلق بالوضوء، فإن كان وضع عليه الدواء وهو متطهر، وصار الدواء والربط بمقدار الجرح، وما يحتاج إليه الجرح من دون زيادة فالمشروع في حقه المسح عليه بالماء مرة واحدة، فيعمه بالمسح من فوق الرباط عند غسل اليد، ويجزئه ذلك، ولا يحتاج إلى تيمم.
وإن كانت الأدوية والرباط التي وضعت عليه زائدة عن مقدار الحاجة نزعها إن تمكن، فإن خشي تلفاً أو ضرراً أو التهاباً أو تأخر برء أبقاها، وحينئذ يغسل الصحيح من يده، ويمسح ما حاذى محل الحاجة من الجرح بالماء من فوق الرباط مرة واحدة؛ يعمه بالماء، ويتيمم لما زاد عن محل الحاجة، فيجمع حينئذ بين الغسل والمسح والتيمم. هذا إن كانت قد وضعت على طهارة، فإن وضعها على غير طهارة فلا مسح، وإنما يتيمم عنها على المشهور من المذهب، سواء كانت بقدر الحاجة أو زائدة عنها.
والرواية الأخرى عن الإمام أحمد: أن الجبيرة لا يشترط لها تقدم كمال الطهارة. اختاره ابن عقيل، والشيخان: الموفق والمجد، والشيخ تقي الدين، وهو الصحيح، واختارها شيخنا ابن السعدي؛ فيمسح عليها، سواء وضعها على طهارة أو على غير طهارة، وسواء في ذلك الحدث الأكبر أو الأصغر، ولا يتقيد بمدة يوم وليلة أو ثلاثة أيام، بل هو مستمر إلى أن يبرأ الجرح ونحوه.
▪ فيتحصل لنا من هذا أن الجبيرة ونحوها لها ثلاث حالات:
- الحالة الأولى: المسح عليها بالماء فقط بدون تيمم.
- الحالة الثانية: التيمم عنها فقط بدون مسح بالماء.
- الحالة الثالثة: أن يجمع بين المسح والتيمم.
فأما حالة المسح فقط فهي إذا وضعها بعد كمال الطهارة ولم تتجاوز موضع الحاجة.
وأما حالة التيمم فقط فهي إذا وضعها على غير طهارة، سواء تجاوزت محل الحاجة أو لم تتجاوز، إذ لا فرق في هذه الصورة؛ لأنها وضعت على غير طهارة.
وأما حالة الجمع بين المسح والتيمم؛ فهو ما إذا وضعها على طهارة، لكنها تجاوزت محل الحاجة. ففي هذه الحالة يمسح ما حاذى محل الحاجة، ويتيمم لما زاد على ذلك. والله أعلم.
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .
- التصنيف:
- المصدر: