الأصل: عد التسبيح بالأصابع
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
- التصنيفات: فقه العبادات -
صلى بجانبي رجل في المسجد الجامع، وبعد الصلاة أظهر سُبحته؛ لكي يعد التسبيح الذي بعد الصلاة، فقلت له: يا أخي، السنة عد التسبيح بالأصابع لا بالسبحة، فطلب مني الدليل على ذلك، وقال لي: ما صفة عده بالأصابع: هل هو لكل أصبع تسبيحة أم أن الأصبع فيه ثلاث أنامل لكل أنملة تسبيحة، فما عرفت أجيبه على ما سأل؛ لهذا أرجوكم الإفادة عن ذلك.
لا شك أن عقد التسبيح بالأصابع أفضل وأكمل، بل هو السنة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم.
. قال المجد بن تيمية في (المنتقى) (1): عن يُسَيْرة -وكانت من المهاجرات- قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " (رواه أحمد والترمذي وأبو داود) (2).
وعن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: " " (رواه أبو داود والترمذي) (3).
وعن صفية قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقال: " " فقالت: علمني، فقال: " " (رواه الترمذي) (4). انتهى.
. وقال الشوكاني في (نيل الأوطار) (5): والحديث الأول يدل على مشروعية عقد الأنامل بالتسبيح.
وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي، والحاكم وصححه (6) عن ابن عمرو أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح. زاد في رواية لأبي داود وغيره: بيمينه.
وقد علل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث الباب؛ بأن الأنامل مسئولات مستنطقات، يعني: أنهن يشهدن بذلك، فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى. انتهى من (نيل الأوطار).
. وقال السيد محمد رشيد رضا في فتاوى (المنار) (1131): السنة في إحصاء ما ورد من الذكر معدودا، فهي العقد بالأنامل، أي: وضع رأس الأصبع على عُقَدها، وفي كل أصبع ثلاث عقد.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح (رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم) (7).
وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان وغيرهم بأسانيد مختلفة (8) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالتسبيح، والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، وقال: " "، والله أعلم.
___________________________________________
1 - انظر (نيل الأوطار) (2/602).
2 - أحمد (6/ 370، 371)، والترمذي (3583)، وأبو داود (1501) من حديث هانئ ابن عثمان، عن حميضة بنت ياسر، عن يسيرة، به. قال الترمذي: هذا حديث غريب. إنما نعرفه من حديث هانئ بن عثمان. قلت: هانئ بن عثمان لم يوثقه إلا ابن حبان،وفيه جهالة. وأمه حميضة ذكرها الذهبي في (الميزان)، ضمن النسوة المجهولات، لم يرو عنها إلا ابنها هانئ، فالحديث ضعيف.
3 - أبو داود (1500)، والترمذي (3568) وقال: حسن غريب. من حديث سعيد ابن أبي هلال، عن خزيمة، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها، به. قال الذهبي: خزيمة لا يعرف، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال.
4 - الترمذي (3554) من حديث هاشم، حدثني كنانة مولى صفية، عن صفية، به. وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث صفية إلا من هذا الوجه من حديث هاشم ابن سعيد الكوفي، وليس إسناده بمعروف. قلت: هاشم بن سعيد، قال فيه أحمد بن حنبل: لا أعرفه، وقال ابن معين: ليس بشيء. وكنانة: ذكره الأزدي في (الضعفاء)، وقال: لا يقوم إسناد حديثه.
5 - (2/ 603).
6 - أبو داود (1502)، والترمذي (3411) وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث الأعمش، والنسائي (3/ 79)، والحاكم (1/ 547) جميعا من رواية عثام بن علي عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً، ورواه الحاكم أيضا من طريق شعبة عن عطاء، به. وهذا إسناد صحيح. وزيادة: (بيمينه) تفرد بها محمد بن قدامة بن أعين شيخ أبي داود.
7 - وإسناده صحيح مستقيم من طريق شعبة عن عطاء بن السائب -كما مرّ- وقد صححه الشيخ الألباني في (الضعيفة) (1/ 186).
8 - لكنها لا تثبت، كما مر تخريجها قريباً.