ما تفسير قول الله: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس ...
محمد الحسن الددو الشنقيطي
- التصنيفات: التفسير -
السؤال: ما تفسير قول الله: {وابتغ فيما آتاك
الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله
إليك}؟
الإجابة: هذا من الكلام المرضي عند الله سبحانه وتعالى الذي قصه علينا في قصة
قارون، والله سبحانه وتعالى من عادته في كتابه أن الكلام المرضي عنده
يدرجه في كلامه، والكلام المسخوط عنده ينقله عمن قاله، ولذلك فإن الله
تعالى يقول في كتابه: {فخلف من بعدهم خلف
أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً * إلا من تاب وآمن
وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً * جنات عدن التي
وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتياً * لا يسمعون فيها لغواً
إلا سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً * تلك الجنة التي نورث من
عبادنا من كان تقياً}، ثم نقل كلام الملائكة فقال: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما
خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا}، ولم يقل: "وتقول
الملائكة: وما نتنزل إلا بأمر ربك"، لأنه رضي كلامهم فأدرجه في كلامه،
لكن جاء بعده كلام الإنسان غير المرضي فقال: {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حياً *
أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً}، ويقول
الإنسان عطف على قوله وتقول الملائكة، لكن تقول الملائكة حذفت لأنها
مرضية عند الله، فأدرج كلام الملائكة في كلام الله إقرارا له ورضى
به.
فكذلك هنا أخبر الله عن الذين أوتوا العلم من بني إسرائيل أنهم قالوا لقارون هذا الكلام: {فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون}، وبين أنه عندما خاطبوه بهذا الكلام ووجهوه بهذا التوجيه قالوا له: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}، فقوله وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، معناه أن ما لدى الإنسان ينبغي أن يحتسبه فداء له يفتدي به من عذاب الله.
فالتقوى هي أن تجعل بينك وبين سخط الله وقاية من مرضاة الله، ومن قدم ماله اتقى به النار فهذا من التقوى، ولذلك صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال: " "، يجعل الإنسان وقاية بينه وبين النار من ماله، {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} ابتغ الدار الآخرة فيما آتاك الله ولم يقولوا بما آتاك الله، بما آتاك الله لو قالوها لاقتضى ذلك أن يدفع ماله جميعاً، لكن قال فيما آتاك الله أي ببعضه فقط، فيما آتاك الله الدار الآخرة، وهذا يشمل ما تصدق به وما أنفقه على نفسه وما أنفقه على من تجب عليه نفقته حتى ما تجعل في فِي امرأتك كما في حديث سعد بن أبي وقاص.
وكذلك {لا تنس نصيبك من الدنيا}، واختلف في معنى هذه الجملة فقالت طائفة من أهل العلم معناها خذ لك نصيباً من الدنيا فلا تجعلها جميعاً موجهة إلى غيرك، بل استغلها فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يرى أثرها عليه، ولذلك ينبغي للإنسان إذا أنعم الله عليه بنعمة أن يرى عليه أثرها في لباسه وفي توزيعه وفي صدقاته وفي استغلاله للخير، وقالت طائفة من أهل العلم معنى قوله: {ولا تنس نصيبك من الدنيا} أي لا تنس أن وقتك في الدنيا قصير، وأنك لو بنيت القصور ستنتقل منها إلى القبور، كما قال ابن المبارك هذه قصورهم وهذه قبورهم، فلذلك لا تنس نصيبك من الدنيا اعلم أن نصيبك من الدنيا قليل، وأنك لو عشت فيها عمراً طويلاً فانتقلت إلى الآخرة فإنك ستقول كما يقول أهل القبور: {إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
فكذلك هنا أخبر الله عن الذين أوتوا العلم من بني إسرائيل أنهم قالوا لقارون هذا الكلام: {فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون}، وبين أنه عندما خاطبوه بهذا الكلام ووجهوه بهذا التوجيه قالوا له: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}، فقوله وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، معناه أن ما لدى الإنسان ينبغي أن يحتسبه فداء له يفتدي به من عذاب الله.
فالتقوى هي أن تجعل بينك وبين سخط الله وقاية من مرضاة الله، ومن قدم ماله اتقى به النار فهذا من التقوى، ولذلك صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال: " "، يجعل الإنسان وقاية بينه وبين النار من ماله، {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} ابتغ الدار الآخرة فيما آتاك الله ولم يقولوا بما آتاك الله، بما آتاك الله لو قالوها لاقتضى ذلك أن يدفع ماله جميعاً، لكن قال فيما آتاك الله أي ببعضه فقط، فيما آتاك الله الدار الآخرة، وهذا يشمل ما تصدق به وما أنفقه على نفسه وما أنفقه على من تجب عليه نفقته حتى ما تجعل في فِي امرأتك كما في حديث سعد بن أبي وقاص.
وكذلك {لا تنس نصيبك من الدنيا}، واختلف في معنى هذه الجملة فقالت طائفة من أهل العلم معناها خذ لك نصيباً من الدنيا فلا تجعلها جميعاً موجهة إلى غيرك، بل استغلها فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يرى أثرها عليه، ولذلك ينبغي للإنسان إذا أنعم الله عليه بنعمة أن يرى عليه أثرها في لباسه وفي توزيعه وفي صدقاته وفي استغلاله للخير، وقالت طائفة من أهل العلم معنى قوله: {ولا تنس نصيبك من الدنيا} أي لا تنس أن وقتك في الدنيا قصير، وأنك لو بنيت القصور ستنتقل منها إلى القبور، كما قال ابن المبارك هذه قصورهم وهذه قبورهم، فلذلك لا تنس نصيبك من الدنيا اعلم أن نصيبك من الدنيا قليل، وأنك لو عشت فيها عمراً طويلاً فانتقلت إلى الآخرة فإنك ستقول كما يقول أهل القبور: {إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.