عدة المطلقة إذا توفي عنها زوجها
امرأة طلقها زوجها طلقة واحدة في صحته، وحاضت حيضتين، ولم يبق إلا أيام قليلة على الحيضة الثالثة التي ستخرج بها من عدته، وهي مخطوبة، وقدر الله على زوجها الذي طلقها وانقلبت به السيارة وتوفي، وهو فقير لا ميراث له.
فهل تتم عدتها؛ عدة الطلاق وتنتهي بالحيضة الثالثة أم تنتقل إلى عدة الوفاة؟
وإذا قلتم: تنتقل إلى عدة الوفاة، فهل تبني على ما مضى من عدتها، أم تبتدئ من تاريخ وفاته؟ وهل يلزمها أن تحد عليه أم لا؟
إذا مات الزوج الذي طلق زوجته في صحته طلاقا رجعيا -والطلاق الرجعي: هو الذي يملك به رجعتها- فإنها في هذه الحالة تبتدئ عدة الوفاة من حين موته، وتعتد أربعة أشهر وعشرا، إن لم تكن حاملا؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [سورة البقرة: الآية 234]، وعليها أن تحد عليه الإحداد المعروف.
وأما قول السائلة: إنها مخطوبة، وهي في عدتها، فهذا لا يجوز -أن تُخطَب- وهي في العدة؛ لأن المعتدة الرجعية في حكم الزوجات، فلزوجها أن يراجعها ولو بغير رضاها، ولها أن تتجمل له وتدخل عليه كسائر زوجاته، ويحرم على الرجال أن يخطبوها من نفسها، أو من وليها تصريحا أو تعريضا، ويحرم عليها وعلى وليها الموافقة على هذه الخطبة، بل ينبه الخاطب بأنها لا تزال في العدة؛ ولأنها في حكم الزوجات فيلزم التنبه لذلك.
وأما قولها: إن زوجها فقير ليس له ميراث، فلتعلم السائلة -وفقها الله- أن الحداد ليس لأجل الميراث، وإنما هو حق لله وللزوج، سواء كان فقيرا أو غنيا، حاضرا أو غائبا، يعني: سواء مات عندها في بيتها وبلدها، أو في غربة وغَيبة عنها، فالإحداد لازم لها بكل حال، أما لو مات في الغربة، ولم يأتها خبر وفاته إلا بعد شهر مثلا، فإنها تبتدئ من تاريخ وفاته، لا من حين بلغها الخبر، فإن بلغها الخبر، وقد بقي من عدتها شيء؛ فإنها تحد بمقدار ما بقي من المدة، وإن انقضت المدة دون أن تعلم سقط الإحداد بمضي مدته، وتنتهي عدتها بمضي أربعة أشهر وعشر ولو لم تعلم بخبر وفاته إلا بعدها، والله أعلم.
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .
- التصنيف: