صفة إحداد المتوفى عنها
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
السؤال: امرأة تسأل عن صفة إحداد المرأة المتوفى عنها زوجها، وما تلبسه من
الثياب. وهل يجوز لها أن تخرج ليلا لتصلي التراويح في المسجد، أو
تتسلى عند جارتها، أو تخرج نهارا لتقضي حاجتها من السوق، أو تستمع
خطبة الجمعة، وهل تكلم ابن عمها وزوج أختها ونحوهما؟
الإجابة: إحداد المرأة المتوفى عنها؛ هو ترك الزينة التي ترغِّب الرجال فيها
بجميع أنواعها، فتترك الحلي بجميع أنواعه، فلا تلبس منه شيئا، ولا
تلبس الثياب الجميلة بجميع أنواعها، وتجتنب الطيب بجميع أشكاله،
وتجتنب الحناء والخضاب وتحمير الوجه والتصبيغ و(المانوكير)، ونحوها،
وكذا الكحل، فإن احتاجت إليه لمرض عينيها جاز لها استعمال ما لا جمال
فيه.
ولها استعمال قطرة العين، ولها أن تلبس النقاب، وأن تغتسل، وتتنظف وتمتشط، ولا تُمنَع من تقليم الأظافر ونتف الإبط ونحوه، ولها الجلوس على فرش جميلة؛ لأن الإحداد في البدن، وما يلبس على البدن، لا في الفرش، ونحوها.
وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فلا تتحول منه إلا لحاجة؛ كخوف على نفسها، أو مالها، ولا تخرج منه نهارا إلا لحاجتها في نفسها خاصة، بخلاف خروجها لعيادة مريض، أو زيارة قريب، أو سلام على قادم من سفر، أو خروجها لقضاء حاجة غيرها، أو لاستماع خطبة الجمعة ونحوها، فهذا كله ممنوع، وإنما المسموح لها فيه خروجها نهارا لقضاء حاجتها خاصة سواء من السوق، أو من غيره، ولا تخرج ليلا؛ لأن الليل مظنة الفساد، فلا يسمح لها أن تخرج لتشهد صلاة التراويح في المسجد أو في غيره.
وإليك بعض الأحاديث التي تدل على ما ذكرناه، مما ورد في هذا الباب: عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أم سلمة؛ أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة. قال: قالت زينب: دخلتُ على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة؛ خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " ".
قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش، حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " ".
قالت زينب: سمعت أمي، أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: " "، ثم قال: " ".
قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها، دخلت حِفْشا، ولبست شرّ ثيابها، ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة؛ حمار أو شاة أو طير، فتَفْتَض به. فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره (أخرجاه) (1).
وعن أم عطية قالت: كنا ننهى أن نحدّ على ميت فوق ثلاثة أيام، إلا على زوج، أربعةَ أَشْهرٍ وعَشْرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر، إذا اغتسلت إحدانا من محيضها، في نُبذَة من كُسْت أظفار (أخرجاه) (2)، وفي رواية قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " " (متفق عليه) (3).
وعن فريعة بنت مالك قالت: خرج زوجي في طلب أعلاج له فأدركهم بطرف القدوم؛ فقتلوه، فأتاني نعيه، وأنا في دار شاسعة من دور أهلي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي، ولم يدع لي نفقة، ولا مال لورثته، وليس المسكن له، فلو تحولت إلى أهلي وأخوالي لكان أرفق بي في بعض شأني. قال: " "، فلما خرجتُ إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت. فقال: " "، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. قالت: فأرسل إلي عثمان فأخبرته فأخذ به (رواه الخمسة وصححه الترمذي) (4).
وعن جابر، قال: طلقتْ خالتي ثلاثا، فخرجت تجذ نخلا لها، فلقيها رجل فنهاها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها: " " (رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي) (5)، والله أعلم.
___________________________________________
1 - البخاري (1280)، ومسلم (1486).
2 - البخاري (313)، ومسلم (938) آخر كتاب الطلاق. والكُسْت والقُسْط واحد: نوع من البخور.
3 - البخاري (5334)، ومسلم (1486، 1490) دون هذه الزيادة: " ".
4 - أحمد (6/ 370)، وأبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي (6/ 199،200)، وابن ماجه (2031).
5 - أحمد (3/ 321)، ومسلم (1483)، وأبو داود (2297)، والنسائي (6/209)، وابن ماجه (2034).
ولها استعمال قطرة العين، ولها أن تلبس النقاب، وأن تغتسل، وتتنظف وتمتشط، ولا تُمنَع من تقليم الأظافر ونتف الإبط ونحوه، ولها الجلوس على فرش جميلة؛ لأن الإحداد في البدن، وما يلبس على البدن، لا في الفرش، ونحوها.
وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فلا تتحول منه إلا لحاجة؛ كخوف على نفسها، أو مالها، ولا تخرج منه نهارا إلا لحاجتها في نفسها خاصة، بخلاف خروجها لعيادة مريض، أو زيارة قريب، أو سلام على قادم من سفر، أو خروجها لقضاء حاجة غيرها، أو لاستماع خطبة الجمعة ونحوها، فهذا كله ممنوع، وإنما المسموح لها فيه خروجها نهارا لقضاء حاجتها خاصة سواء من السوق، أو من غيره، ولا تخرج ليلا؛ لأن الليل مظنة الفساد، فلا يسمح لها أن تخرج لتشهد صلاة التراويح في المسجد أو في غيره.
وإليك بعض الأحاديث التي تدل على ما ذكرناه، مما ورد في هذا الباب: عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أم سلمة؛ أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة. قال: قالت زينب: دخلتُ على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة؛ خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " ".
قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش، حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " ".
قالت زينب: سمعت أمي، أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: " "، ثم قال: " ".
قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها، دخلت حِفْشا، ولبست شرّ ثيابها، ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة؛ حمار أو شاة أو طير، فتَفْتَض به. فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره (أخرجاه) (1).
وعن أم عطية قالت: كنا ننهى أن نحدّ على ميت فوق ثلاثة أيام، إلا على زوج، أربعةَ أَشْهرٍ وعَشْرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر، إذا اغتسلت إحدانا من محيضها، في نُبذَة من كُسْت أظفار (أخرجاه) (2)، وفي رواية قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " " (متفق عليه) (3).
وعن فريعة بنت مالك قالت: خرج زوجي في طلب أعلاج له فأدركهم بطرف القدوم؛ فقتلوه، فأتاني نعيه، وأنا في دار شاسعة من دور أهلي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي، ولم يدع لي نفقة، ولا مال لورثته، وليس المسكن له، فلو تحولت إلى أهلي وأخوالي لكان أرفق بي في بعض شأني. قال: " "، فلما خرجتُ إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت. فقال: " "، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. قالت: فأرسل إلي عثمان فأخبرته فأخذ به (رواه الخمسة وصححه الترمذي) (4).
وعن جابر، قال: طلقتْ خالتي ثلاثا، فخرجت تجذ نخلا لها، فلقيها رجل فنهاها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها: " " (رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي) (5)، والله أعلم.
___________________________________________
1 - البخاري (1280)، ومسلم (1486).
2 - البخاري (313)، ومسلم (938) آخر كتاب الطلاق. والكُسْت والقُسْط واحد: نوع من البخور.
3 - البخاري (5334)، ومسلم (1486، 1490) دون هذه الزيادة: " ".
4 - أحمد (6/ 370)، وأبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي (6/ 199،200)، وابن ماجه (2031).
5 - أحمد (3/ 321)، ومسلم (1483)، وأبو داود (2297)، والنسائي (6/209)، وابن ماجه (2034).