شهرا عيدٍ لا ينقصان
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
- التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها -
سائل يسأل عن الأثر المشهور: "
"، هل هو حديث مرفوع، أو أثر موقوف، ومن رواه، وما معناه؟
هذا حديث صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري ومسلم (1) عن أبي بكرة، وترجم عليه الإمام البخاري في (صحيحه): (باب: شهرا عيد لا ينقصان). قال أبو عبد الله: قال إسحاق: وإن كان ناقصا فهو تمام. وقال محمد: لا يجتمعان كلاهما ناقص. ثم ساق بسنده إلى أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ".
وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث:
فمنهم من حمله على ظاهره. فقال: لا يكون رمضان وذو الحجة إلا تامَّين، ثلاثين يوما. وهذا قول مردود، مخالف للمشاهد الموجود.
ومنهم من تأول له معنى آخر، وقال: لا ينقصان في الفضيلة إن كانا تسعا وعشرين أو ثلاثين، وهو قول إسحاق بن راهويه، وغيره.
وفي قول ثالث: إنهما لا ينقصان معا في سنة واحدة، إن جاء أحدهما تسعا وعشرين جاء الآخر ثلاثين ولا بد. قال أحمد بن حنبل(2): إن نقص رمضان تم ذو الحجة، وإن نقص ذو الحجة تم رمضان. ونَقل عنه أبو داود: لا أدري ما هذا، قد رأيناهما ينقصان، فعلى هذا يكون عنه في ذلك روايتان.
وفي قول رابع: إن المراد: لا ينقصان في عام بعينه، وهو العام الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم تلك المقالة. وقد أنكر الإمام أحمد هذا القول.
وقيل: إنما خصهما بالذكر لفضلهما على سائر الشهور، واختصاصهما بالعيدين، وتعلُّق أحكام الصوم والحج بهما. فكل ما ورد فيهما من الفضائل والأحكام حاصل، سواء كان رمضان تسعا وعشرين أو ثلاثين، وسواء وافق الوقوف اليوم التاسع أو غيره. ذكره البيهقي (3).
▪ وفائدة الحديث: ما قد يقع في القلوب من شك لمن صام تسعا وعشرين، أو وقف في غير يوم عرفة، والله أعلم.
___________________________________________
1 - البخاري (1912)، ومسلم (1089).
2 - بلفظه من: (مسائل الكوسج) (2/ 164). كما نقله محقق مسائله برواية عبد الله، وبمعناه (2/ 619) من هذه المسائل. وكذا نقل عنه الترمذي في (السنن) في تعقيبه على هذا الحديث (692). وكذا نقل عنه البغوي في (شرح السنة) في تعقيبه على هذا الحديث (1717).
3 - انظر (السنن) للبيهقي (4/ 251).