نود توضيح مفهوم الجماعة وإمام المسلمين في حديث حذيفة بن اليمان؟

منذ 2008-09-17
السؤال: نود توضيح مفهوم الجماعة وإمام المسلمين في حديث حذيفة بن اليمان؟
الإجابة: يقصد لأن حديث حذيفة رضي الله عنه في الصحيحين (قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم"، قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دخن"، قلت: وما دخنه يا رسول الله؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها"، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: "هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا"، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".

هذا الحديث بين فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض مسيرة هذه الأمة بإجمال، وبينها بالتفصيل في حديث حذيفة الآخر الذي قال فيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "تكون فيكم النبوة ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهج النبوة ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرية ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهج النبوة" وسكت.

فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما إلى أنه عند حصول التفرق والاختلاف الذي سيشهده حذيفة -وهو ما كان في أيام عثمان رضي الله عنه في السنة السادسة من خلافة عثمان- بدأ الافتراق والخلاف في هذه الأمة، فأرشد الرسول حذيفة لأن يكون مع جماعة المسلمين وإمامهم، جماعة المسلمين اختلف العلماء في المقصود بها في هذا الحديث، فقيل من بايع تحت الشجرة، وقد بايع تحت شجرة البيعة بيعة الرضوان ألف وخمسمائة صحابي، وقد كان مع علي رضي الله عنه في الفتنة منهم ثمانمائة رجل، ثمانمائة ممن بايعوا تحت الشجرة كانوا مع علي رضي الله عنه، وقيل هم أهل بدر وبقيتهم المقصود بهم بقية أهل بدر، وإمام المسلمين هو إذ ذاك عثمان ثم علي رضي الله عنهما.

ولا ينافي هذا أن يكون الحديث مستمراً، فجماعة المسلمين معناه الجماعة التي تهتم بإعلاء كلمة الله وإعزاز دينه، وإقامة الحجة لله على أهل الأرض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود وموساة الضعفاء ورفع الظلم، هذه هي جماعة المسلمين ولها مواصفات وشروط شرعية.

فمن شروطها ومواصفاتها: أن يكون تحاكمها إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون أمرها منضبطاً منتظماً، وأن لا تقع فيها الخلافات والتنازع، وأن تكون كذلك مستمسكة بإعلاء كلمة الله وإعزاز دينه، مقدمة لذلك على مصالحها الخاصة فهذه هي جماعة المسلمين.

أما إمام المسلمين فالمقصود به من يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلافة الشرعية، والخلافة عرفها العلماء بأنها نيابة عن صاحب الشرع في إقامة الدين وسياسة الدنيا به، نيابة عن صاحب الشرع أي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين، مسؤولية الخليفة الأولى هي إقامة الدين لله، الجهاد في سبيل الله إقامة الحدود منع الظلم، نشر العدل بين الناس، هذا إقامة العدل، نيابة عن صاحب الشرع في إقامة الدين وسياسة الدنيا، سياسة الدنيا أي حصول الرفاه للمسلمين ومساواتهم في الفرص والخيرات -خيرات أرضهم- وعدم الميل إلى طائفة منهم دون طائفة، وعدم إعطاء مالهم دولة بين الأغنياء منهم، بحيث يزداد الغني غنى والفقير فقراً فهذا ليس هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هديه سياسة الدنيا بالدين.

ولذلك قالوا في إقامة الدين وسياسة الدنيا به، وهذا الخليفة يشترط له عشرة شروط شرعية:
- الشرط الأول: أن يكون مسلماً، فلا يمكن أن يكون الخليفة كافراً بالله العظيم، لأنه لا يمكن أن ينوب عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو عدوه، الكفار أعداء الله ورسوله.
- الشرط الثاني: أن يكون مجتهداً في دين الله عالماً به، فالجاهل لا يمكن أن يخلف الرسول صلى الله عليه وسلم أبدا، كيف يخلفه بشيء يجهله؟
- الشرط الثالث: أن يكون ورعا، معناه صاحب ورع يحول بينه وبين الوقوع في المنكر لأنه صاحب سلطان ولا يردعه أحد، فلا بد أن يكون عليه ورع يحول بينه وبين الوقوع في المنكر، وهذا الشرط من أهم الشروط، ولذلك قال مالك رحمه الله: "ولا أراها اليوم تجتمع في واحد"، شروط الإمام لا أراها اليوم تجتمع في واحد، فإن لم تجتمع فورع عاقل، فبالعقل يسأل وبالورع يكف، فبالعقل يسأل يسأل أهل العلم، وبالورع يكف، إذا جاءته مسألة جهل حكمها توقف فيها، هذا الشرط الثالث.
- الشرط الرابع: حصول العقل، والمقصود به بحيث لا تتمشى عليه حيل الخصوم، ولا يتمكن الناس من خديعته.
- الشرط الخامس الكفاية، معناه أن يكون كافياً في القيام بمهمات الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يكون قادرا على أن يؤم الناس ويخطب على المنبر، ويعلم الناس ويقضي بينهم ويقيم الحدود ويغزو ويقود الجيوش، هذه هي الكفاية، من لم يقم بهذه الوظائف التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بها لا يكون خليفته لأنه لم يخلفه لم يقم بمهماته وعمله.
- الشرط السادس أن يكون سميعاً بصيراً متكلماً، فإن كان أعمى أو كان أصم أو كان أخرس لا يتكلم فإنه لا يصلح للخلافة لأن الخلافة مقتضية لأن يخطب على المنبر، وأن يعلم وأن يتكلم باسم المسلمين وهذا لا يتم من الأخرس، وكذلك الأعمى لأنه عذر في كثير من التكاليف ولا يمكن منه الغزو وقد عذره الله في الغزو في سبيله، وكذلك الأصم لأنه لا يمكن أن يبلغ عادة كثيراً من المهمات المستعجلة فلذلك لا يصلح للخلافة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.

  • 17
  • 3
  • 85,348

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً