استنابة شيعي جعفري عن امرأة سنية للحج، هل يجوز؟
محمد بن إبراهيم آل الشيخ
- التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
السؤال: أريد أن أحج عن امرأة متوفاه، فهل يجوز أن أرسل عنها رجلاً، وعلى فرض
الجواز، هل هناك مانع من استنابة شيعي جعفري عنها وهي سنية، وهل تنال
بالحج عنها أجر حجة كاملة كما لو كانت حية وحجت بنفسها، وما ثواب من
حج عنها، وهل ذبح العقيقة عنها يعد صدقة، وما يُفعل بعظم تلك العقيقة؟
الإجابة: أما إرسال الرجل للحج عنها بالنيابة فجائز، لما (رواه البخاري) في
"باب من مات وعليه نذر" من صحيحه عن عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما
أنه قال: " ".
وعقد (البخاري) في (كتاب الحج) من صحيحه بابًا "للحج والنذور"، و"الرجل يحج عن المرأة"، استدل فيه لحج الرجل عن المرأة بما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما " " يقصد البخاري بالاستدلال بهذا الحديث أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " " شامل للرجال والنساء.
وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): لا خلاف في جواز حج الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل، ولم يخالف في جواز حج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل إلا الحسن بن صالح. أهـ.
وأما استنابة الشيعي عن السنية فلا ينبغي؛ لاختلال شرط الاستنابة في النسك في الشيعي، وهو "العدالة"، قال العلامة ابن حجر الهييثمي في (الفتاوي الكبرى): "يجب على الوصي ألا يستأجر أو يجاعل إلا عدلا على المعتمد؛ لأنه منصرف عن الغير، وكل متصرف عن الغير يلزمه الاحتياط، وغير الثقة لا يوثق منه بأن يحج عن الميت وإن شوهد؛ لأن المدار على النية وهي أمر قلبي لا اطلاع لأحد عليها"، ومر الهيثمي إلى أن قال: "وبه يعلم أنه لا فرق بين من استؤجر أو جوعل لأداء فرض أو تطوع كنفل حج أوصي به؛ لأن ذلك وإن كان تطوعًا في الأصل إلا أنه بالوصية صار واجب الأداء. وما وجب أداؤه لا يخرج عن عهدته بفعل الفاسق؛ لأنه غير أمين، ومشاهدة أفعاله لا تمنع خيانته، لارتباطها بالنية، ولا مطلع لأحد عليها". أهـ.
والتصرف الممنوع في هذا للوصي يمنع لغيره من باب الأولى.
وأما ما تناله المتوفاة من الأجر إذا حج عنها، فظاهر النصوص الواردة فيمن حج عنه أن لها أجر حجة كاملة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: " "، وقال للمرأة: " "، فأخبر أن الحج نفسه هو الذي يقع عن الميت، فيكون له ثوابه، وبهذين النصين رد ابن القيم رحمه الله في (كتاب الروح) زعم من قال: بأن الميت المحجوج عنه لا ينال من الثواب إلا ثواب الإنفاق على من حج عنه.
وأما الذي يقوم بالحج بالنيابة عن المبيت فله أجر الحج إن كان متطوعًا بذلك، قال أبوداود في (مسائل الإمام أحمد) روايته عنه: سمعت أحمد قال له رجل: أريد أن أحج عن أمي أترجو أن يكون لي أجر حجة أيضاً، قال: نعم تقضي ديناً كان عليها. أهـ.
وهذا هو ظاهر ما (رواه الطبراني) في (الأوسط) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ".
وأما إن كان الحاج عن الميت مستأجرا ففي (الفتاوي الكبرى) "لابن حجر" ج2 ص96-97 ما نصه: "من استؤجر للحج أو غيره فإن كان الباعث على نحو الحج لأجرة ولولاها لم يحج لم يكن له ثواب، وإلا فله الثواب بقدر باعث الآخرة".
وفي اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية للعلامة البعلي ما نصه: "والمستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج، لا أن يحج ليأخذ، فمن أحب إبرار الميت برؤية المشاعر يأخذ ليحج، ومثله كل رزق على عمل صالح، ففرق بين من يقصد الدين والدنيا وسيلة وبين عكسه، فالأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خَلاق.
وبالنسبة للأعمال التي يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة، هل يجوز إيقاعها على غير وجه القربة؟
فمن قال لا يجوز ذلك لم يجز الإجارة عليها، لأنها بالعوض تقع غير قربة، وإنما الأعمال بالنيات، والله لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه.
وأما من جوز الإجارة جوز إيقاعها على غير وجه القربة، وقال: تجوز الإجارة عليها لما فيها من نفع المستأجر. أهـ.
وأما العق عن البالغ في (البوسيط) ما نصه: "ولا يعق عن كبير"، وفسر النووي هذه العبارة في المجموع (شرح المهذب ص431 ج8) بقوله: معناه لا يعق عن البالغ غيره، وعلى القول بجواز العقيقة عن الميت فهي تقطع إربًا، وتطبخ بماء وملح، ويوكل منها، ويتصدق وفي كسر عظامها خلاف، فقد روى عن (عائشة أم المؤمنين وجابر بن عبدالله) وعطاء أنهم نهوا عن كسر عظام العقيقة، وإليه ذهب الإمامان "الشافعي" و"أحمد بن حنبل".
وجاء في ذلك حديث مرسل (رواه أبوداود) في مراسيله من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: " "، وذهب (الإمام مالك بن أنس وشيخه الزهري) إلى أنه لا بأس بكسر عظام العقيقة، لأنه لم يصح في المنع من ذلك شيء، ولا في كراهيته سُنة يجب المصير إليها.
وقد جرت العادة بكسر عظام اللحم، وفي ذلك مصلحة أكله وتمام الانتفاع به، ولا مصلحة تمنع من ذلك، وقد أطال "ابن القيم" البحث في هذا في (كتاب تحفة المودود بأحكام المولود) ومال إلى المنع والله الموفق.
وعقد (البخاري) في (كتاب الحج) من صحيحه بابًا "للحج والنذور"، و"الرجل يحج عن المرأة"، استدل فيه لحج الرجل عن المرأة بما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما " " يقصد البخاري بالاستدلال بهذا الحديث أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " " شامل للرجال والنساء.
وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): لا خلاف في جواز حج الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل، ولم يخالف في جواز حج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل إلا الحسن بن صالح. أهـ.
وأما استنابة الشيعي عن السنية فلا ينبغي؛ لاختلال شرط الاستنابة في النسك في الشيعي، وهو "العدالة"، قال العلامة ابن حجر الهييثمي في (الفتاوي الكبرى): "يجب على الوصي ألا يستأجر أو يجاعل إلا عدلا على المعتمد؛ لأنه منصرف عن الغير، وكل متصرف عن الغير يلزمه الاحتياط، وغير الثقة لا يوثق منه بأن يحج عن الميت وإن شوهد؛ لأن المدار على النية وهي أمر قلبي لا اطلاع لأحد عليها"، ومر الهيثمي إلى أن قال: "وبه يعلم أنه لا فرق بين من استؤجر أو جوعل لأداء فرض أو تطوع كنفل حج أوصي به؛ لأن ذلك وإن كان تطوعًا في الأصل إلا أنه بالوصية صار واجب الأداء. وما وجب أداؤه لا يخرج عن عهدته بفعل الفاسق؛ لأنه غير أمين، ومشاهدة أفعاله لا تمنع خيانته، لارتباطها بالنية، ولا مطلع لأحد عليها". أهـ.
والتصرف الممنوع في هذا للوصي يمنع لغيره من باب الأولى.
وأما ما تناله المتوفاة من الأجر إذا حج عنها، فظاهر النصوص الواردة فيمن حج عنه أن لها أجر حجة كاملة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: " "، وقال للمرأة: " "، فأخبر أن الحج نفسه هو الذي يقع عن الميت، فيكون له ثوابه، وبهذين النصين رد ابن القيم رحمه الله في (كتاب الروح) زعم من قال: بأن الميت المحجوج عنه لا ينال من الثواب إلا ثواب الإنفاق على من حج عنه.
وأما الذي يقوم بالحج بالنيابة عن المبيت فله أجر الحج إن كان متطوعًا بذلك، قال أبوداود في (مسائل الإمام أحمد) روايته عنه: سمعت أحمد قال له رجل: أريد أن أحج عن أمي أترجو أن يكون لي أجر حجة أيضاً، قال: نعم تقضي ديناً كان عليها. أهـ.
وهذا هو ظاهر ما (رواه الطبراني) في (الأوسط) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ".
وأما إن كان الحاج عن الميت مستأجرا ففي (الفتاوي الكبرى) "لابن حجر" ج2 ص96-97 ما نصه: "من استؤجر للحج أو غيره فإن كان الباعث على نحو الحج لأجرة ولولاها لم يحج لم يكن له ثواب، وإلا فله الثواب بقدر باعث الآخرة".
وفي اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية للعلامة البعلي ما نصه: "والمستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج، لا أن يحج ليأخذ، فمن أحب إبرار الميت برؤية المشاعر يأخذ ليحج، ومثله كل رزق على عمل صالح، ففرق بين من يقصد الدين والدنيا وسيلة وبين عكسه، فالأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خَلاق.
وبالنسبة للأعمال التي يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة، هل يجوز إيقاعها على غير وجه القربة؟
فمن قال لا يجوز ذلك لم يجز الإجارة عليها، لأنها بالعوض تقع غير قربة، وإنما الأعمال بالنيات، والله لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه.
وأما من جوز الإجارة جوز إيقاعها على غير وجه القربة، وقال: تجوز الإجارة عليها لما فيها من نفع المستأجر. أهـ.
وأما العق عن البالغ في (البوسيط) ما نصه: "ولا يعق عن كبير"، وفسر النووي هذه العبارة في المجموع (شرح المهذب ص431 ج8) بقوله: معناه لا يعق عن البالغ غيره، وعلى القول بجواز العقيقة عن الميت فهي تقطع إربًا، وتطبخ بماء وملح، ويوكل منها، ويتصدق وفي كسر عظامها خلاف، فقد روى عن (عائشة أم المؤمنين وجابر بن عبدالله) وعطاء أنهم نهوا عن كسر عظام العقيقة، وإليه ذهب الإمامان "الشافعي" و"أحمد بن حنبل".
وجاء في ذلك حديث مرسل (رواه أبوداود) في مراسيله من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: " "، وذهب (الإمام مالك بن أنس وشيخه الزهري) إلى أنه لا بأس بكسر عظام العقيقة، لأنه لم يصح في المنع من ذلك شيء، ولا في كراهيته سُنة يجب المصير إليها.
وقد جرت العادة بكسر عظام اللحم، وفي ذلك مصلحة أكله وتمام الانتفاع به، ولا مصلحة تمنع من ذلك، وقد أطال "ابن القيم" البحث في هذا في (كتاب تحفة المودود بأحكام المولود) ومال إلى المنع والله الموفق.