باب تفريع المواقيت
محمد بن إدريس الشافعي
- التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
السؤال: باب تفريع المواقيت
الإجابة: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن
عمرو بن دينار عن طاوس قال: قال: "ولم يسم عمرو القائل إلا أنا نراه
ابن عباس" الرجل يُهلّ من أهله ومن بعدما يجاوز أين شاء ولا يجاوز
الميقات إلا محرماً، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي
الشعثاء أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم.
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ، وإذا أهلّ الرجل بالحج أو العمرة من دون ميقاته ثم رجع إلى ميقاته فهو محرم في رجوعه ذلك، فإن قال قائل: فكيف أمرته بالرجوع وقد ألزمته إحراماً قد ابتدأه من دون ميقاته؟ أقلت ذلك اتباعاً لابن عباس أم خبراً من غيره أو قياساً؟ قلت: هو وإن كان اتباعاً لابن عباس ففيه أنه في معنى السنة، فإن قال: فاذكر السنة التي هو في معناها، قلت: أرأيت إذ وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم المواقيت لمن أراد حجاً أو عمرة، أليس المريد لهما مأموراً أن يكون محرماً من الميقات لا يحل إلا بإتيان البيت والطواف والعمل معه؟ قال: بلى. قلت: افتراه مأذوناً له قبل بلوغ الميقات أن يكون غير محرم؟ قال: بلى. قلت: أفتراه أن يكون مأذوناً له أن يكون بعض سفره حلالاً وبعضه حراماً؟ قال: نعم. قلت أفرأيت إذا جاوز الميقات فأحرم أو لم يحرم ثم رجع إلى الميقات فأحرم منه، أما أتى بما أمر به من أن يكون محرماً من الميقات إلى أن يحل بالطواف بالبيت وعمل غيره؟ قال: بلى. ولكنه إذا دخل في إحرام بعد الميقات فقد لزمه إحرامه وليس بمبتدئ إحراماً من الميقات.
[قال الشافعي]: قلت إنه لا يضيق عليه أن يبتدئ الإحرام قبل الميقات كما لا يضيق عليه لو أحرم من أهله فلم يأت الميقات إلا وقد تقدم بإحرامه، لأنه قد أتى بما أمر به من أن يكون محرماً من الميقات إلى أن يحل بالطواف وعمل الحج، وإذا كان هذا هكذا كان الذي جاوز الميقات ثم أحرم ثم رجع إليه في معنى هذا في أنه قد أتى على الميقات محرماً ثم كان بعد محرماً إلى أن يطوف ويعمل لإحرامه إلا أنه زاد على نفسه سفراً بالرجوع، والزيادة لا تؤثمه ولا توجب عليه فدية إن شاء الله تعالى، فإن قال: أفرأيت من كان أهله من دون الميقات أو كان من أهل الميقات؟ قلت: سفر ذلك كله إحرام وحاله إذا جاوز أهله حال من جاوز الميقات يفعل ما أمرنا به من جاوز الميقات.
[قال الشافعي]: أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال: قال عمرو بن دينار عن طاوس: من شاء أهلّ من بيته ومن شاء استمتع بثيابه حتى يأتي ميقاته، ولكن لا يجاوزه إلا محرماً يعني ميقاته، أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال: المواقيت في الحج والعمرة سواء ومن شاء أهل من ورائها ومن شاء أهل منها ولا يجاوزها إلا محرماً وبهذا نأخذ، أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج أن عطاء قال: ومن أخطأ أن يهلّ بالحج من ميقاته أو عمد ذلك فليرجع إلى ميقاته فليهلل منه إلا أن يحبسه أمر يعذر به من وجع أو غيره أو يخشى أن يفوته الحج إن رجع فليهرق دماً ولا يرجع، وأدنى ما يهريق من الدم في الحج أو غيره شاة، أخبرنا مسلم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أرأيت الذي يخطئ أن يهل بالحج من ميقاته ويأتي وقد أزف الحج فيهريق دماً، أيخرج مع ذلك من الحرم فيهل بالحج من الحل؟ قال: لا. ولم يخرج خشية الدم الذي يهريق.
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ، من أهلّ من دون ميقاته أمرناه بالرجوع إلى ميقاته ما بينه وبين أن يطوف بالبيت، فإذا طاف بالبيت لم نأمره بالرجوع وأمرناه أن يهريق دماً، وإن لم يقدر على الرجوع إلى ميقاته بعذر أو تركه عامداً لم نأمره بأن يخرج إلى شيء دون ميقاته، وأمرناه أن يهريق دماً، وهو مسيء في تركه أن يرجع إذا أمكنه عامداً، ولو كان ميقات القوم قرية فأقل ما يلزمه في الإهلال أن لا يخرج من بيوتها حتى يحرم، وأحب إليّ إن كانت بيوتها مجتمعة أو متفرقة أن يتقصى فيحرم من أقصى بيوتها مما يلي بلده الذي هو أبعد من مكة، وإن كان وادياً فأحب إلى أن يحرم من أقصاه وأقربه ببلده وأبعده من مكة، وإن كان ظهراً من الأرض فأقل ما يلزمه في ذلك أن يهلّ مما يقع عليه اسم الظهر أو الوادي أو الوضع أو القرية إلا أن يعلم موضعها فيهل منه، وأحب إليّ أن يحرم من أقصاه إلى بلده الذي هو أبعد من مكة، فإنه إذا أتى بهذا فقد أحرم من الميقات يقيناً أو زاد والزيادة لا تضر، وإن علم أن القرية نقلت فيحرم من القرية الأولى، وإن جاوز ما يقع عليه الاسم رجع أو أهراق دماً، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري، قال: رأى سعيد بن جبير رجلاً يريد أن يحرم من ميقات ذات عرق، فأخذ بيده حتى أخرجه من البيوت وقطع به الوادي وأتى به المقابر، ثم قال: "هذه ذات عرق الأولى".
[قال الشافعي]: ومن سلك بحراً أو براً من غير وجه المواقيت أهلّ بالحج إذا حاذى المواقيت متأخياً، وأحب إليّ أن يحتاط فيحرم من وراء ذلك، فإن علم أنه أهل بعدما جاوز المواقيت كان كمن جاوزها فرجع أو أهراق دماً، أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: "من سلك بحراً أو براً من غير جهة المواقيت أحرم إذا حاذى المواقيت".
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ، ومن سلك كداء من أهل نجد والسراة أهل بالحج من قرن، وذلك قبل أن يأتي ثنية كدى وذلك أرفع من قرن في نجد وأعلى وادي قرن، وجماع ذلك ما قال عطاء أن يهلّ من جاء من غير جهة المواقيت، إذا حاذى المواقيت، وحديث طاوس في المواقيت عن النبي صلى الله عليه وسلم أوضحها معنى وأشدها غنى عما دونه، وذلك أنه أتى على المواقيت، ثم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: " "، وكان بيناً فيه أن عراقياً أو شامياً لو مر بالمدينة يريد حجاً أو عمرة كان ميقاته ذا الحليفة، وإن مدنيا لو جاء من اليمن كان ميقاته يلملم، وأن قوله يهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة إنما هو لأنهم يخرجون من بلادهم ويكون ذو الحليفة طريقهم وأول ميقات يمرون به، وقوله وأهل الشام من الجحفة لأنهم يخرجون من بلادهم والجحفة طريقهم وأول ميقات يمرون به ليست المدينة ولا ذو الحليفة طريقهم، إلا أن يعرجوا إليها، وكذلك قوله في أهل نجد واليمن لأن كل واحد منهم خارج من بلده وكذلك أول ميقات يمرون به، وفيه معنى آخر أن أهل نجد اليمن يمرون بقرن، فلما كانت طريقهم لم يكلفوا أن يأتوا يلملم وإنما ميقات يلملم لأهل غور اليمن تهمها ممن هي طريقهم.
[قال الشافعي]: ولا يجوز في الحديث غير ما قلت، والله أعلم، وذلك أنه لو كان على أهل المدينة أين كانوا فأرادوا الحج أن يهلوا من ذي الحليفة رجعوا من اليمن إلى ذي الحليفة ورجع أهل اليمن من المدينة إن أرادوا منها الحج إلى يلملم، ولكن معناه ما قلت والله أعلم، وهو موجود في الحديث معقول فيه، ومعقول في الحديث في قوله: " "، ما وصفت، وقوله: " "، أنهن مواقيت لمن أتى عليهم يريد حجاً أو عمرة، فمن أتى عليهن لا يريد حجاً ولا عمرة فجاوز الميقات ثم بدا له أن يحج أو يعتمر أهل بالحج من حيث يبدو له، وكان ذلك ميقاته كما يكون ميقات أهله الذين أنشئوا منه يريدون الحج أو العمرة حين أنشئوا منه، وهذا معنى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " "، لأن هذا جاوز الميقات لا يريد حجاً ولا عمرة ومعنى قوله: " "، فهذه إنما أراد الحج أو العمرة بعدما جاوز المواقيت فأراد وهو ممن دون المواقيت المنصوبة وأراده وهو داخل في جملة المواقيت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " " فهذا جملة المواقيت، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أهل من الفرع.
[قال الشافعي]: وهذا عندنا والله أعلم أنه مر بميقاته لم يرد حجاً ولا عمرة ثم بدا له من الفرع فأهلّ منه أو جاء الفرع من مكة أو غيرها ثم بدا له الإهلال فأهلّ منها ولم يرجع إلى ذي الحليفة، وهو روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت، فلو أن بعض أهل المدينة أتى الطائف لحاجته عامداً لا يريد حجاً ولا عمرة ثم خرج منها كذلك لا يريد حجاً ولا عمرة حتى قارب الحرم، ثم بدا له أن يهلّ بالحج أو العمرة أهلّ من موضعه ذلك ولم يرجع، أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال: إذا مر المكي بميقات أهل مصر فلا يجاوزه إلا محرماً، أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال: قال طاوس: فإن مر المكي على المواقيت يريد مكة فلا يخلفها حتى يعتمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأم - كتاب الحج.
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ، وإذا أهلّ الرجل بالحج أو العمرة من دون ميقاته ثم رجع إلى ميقاته فهو محرم في رجوعه ذلك، فإن قال قائل: فكيف أمرته بالرجوع وقد ألزمته إحراماً قد ابتدأه من دون ميقاته؟ أقلت ذلك اتباعاً لابن عباس أم خبراً من غيره أو قياساً؟ قلت: هو وإن كان اتباعاً لابن عباس ففيه أنه في معنى السنة، فإن قال: فاذكر السنة التي هو في معناها، قلت: أرأيت إذ وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم المواقيت لمن أراد حجاً أو عمرة، أليس المريد لهما مأموراً أن يكون محرماً من الميقات لا يحل إلا بإتيان البيت والطواف والعمل معه؟ قال: بلى. قلت: افتراه مأذوناً له قبل بلوغ الميقات أن يكون غير محرم؟ قال: بلى. قلت: أفتراه أن يكون مأذوناً له أن يكون بعض سفره حلالاً وبعضه حراماً؟ قال: نعم. قلت أفرأيت إذا جاوز الميقات فأحرم أو لم يحرم ثم رجع إلى الميقات فأحرم منه، أما أتى بما أمر به من أن يكون محرماً من الميقات إلى أن يحل بالطواف بالبيت وعمل غيره؟ قال: بلى. ولكنه إذا دخل في إحرام بعد الميقات فقد لزمه إحرامه وليس بمبتدئ إحراماً من الميقات.
[قال الشافعي]: قلت إنه لا يضيق عليه أن يبتدئ الإحرام قبل الميقات كما لا يضيق عليه لو أحرم من أهله فلم يأت الميقات إلا وقد تقدم بإحرامه، لأنه قد أتى بما أمر به من أن يكون محرماً من الميقات إلى أن يحل بالطواف وعمل الحج، وإذا كان هذا هكذا كان الذي جاوز الميقات ثم أحرم ثم رجع إليه في معنى هذا في أنه قد أتى على الميقات محرماً ثم كان بعد محرماً إلى أن يطوف ويعمل لإحرامه إلا أنه زاد على نفسه سفراً بالرجوع، والزيادة لا تؤثمه ولا توجب عليه فدية إن شاء الله تعالى، فإن قال: أفرأيت من كان أهله من دون الميقات أو كان من أهل الميقات؟ قلت: سفر ذلك كله إحرام وحاله إذا جاوز أهله حال من جاوز الميقات يفعل ما أمرنا به من جاوز الميقات.
[قال الشافعي]: أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال: قال عمرو بن دينار عن طاوس: من شاء أهلّ من بيته ومن شاء استمتع بثيابه حتى يأتي ميقاته، ولكن لا يجاوزه إلا محرماً يعني ميقاته، أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال: المواقيت في الحج والعمرة سواء ومن شاء أهل من ورائها ومن شاء أهل منها ولا يجاوزها إلا محرماً وبهذا نأخذ، أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج أن عطاء قال: ومن أخطأ أن يهلّ بالحج من ميقاته أو عمد ذلك فليرجع إلى ميقاته فليهلل منه إلا أن يحبسه أمر يعذر به من وجع أو غيره أو يخشى أن يفوته الحج إن رجع فليهرق دماً ولا يرجع، وأدنى ما يهريق من الدم في الحج أو غيره شاة، أخبرنا مسلم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أرأيت الذي يخطئ أن يهل بالحج من ميقاته ويأتي وقد أزف الحج فيهريق دماً، أيخرج مع ذلك من الحرم فيهل بالحج من الحل؟ قال: لا. ولم يخرج خشية الدم الذي يهريق.
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ، من أهلّ من دون ميقاته أمرناه بالرجوع إلى ميقاته ما بينه وبين أن يطوف بالبيت، فإذا طاف بالبيت لم نأمره بالرجوع وأمرناه أن يهريق دماً، وإن لم يقدر على الرجوع إلى ميقاته بعذر أو تركه عامداً لم نأمره بأن يخرج إلى شيء دون ميقاته، وأمرناه أن يهريق دماً، وهو مسيء في تركه أن يرجع إذا أمكنه عامداً، ولو كان ميقات القوم قرية فأقل ما يلزمه في الإهلال أن لا يخرج من بيوتها حتى يحرم، وأحب إليّ إن كانت بيوتها مجتمعة أو متفرقة أن يتقصى فيحرم من أقصى بيوتها مما يلي بلده الذي هو أبعد من مكة، وإن كان وادياً فأحب إلى أن يحرم من أقصاه وأقربه ببلده وأبعده من مكة، وإن كان ظهراً من الأرض فأقل ما يلزمه في ذلك أن يهلّ مما يقع عليه اسم الظهر أو الوادي أو الوضع أو القرية إلا أن يعلم موضعها فيهل منه، وأحب إليّ أن يحرم من أقصاه إلى بلده الذي هو أبعد من مكة، فإنه إذا أتى بهذا فقد أحرم من الميقات يقيناً أو زاد والزيادة لا تضر، وإن علم أن القرية نقلت فيحرم من القرية الأولى، وإن جاوز ما يقع عليه الاسم رجع أو أهراق دماً، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري، قال: رأى سعيد بن جبير رجلاً يريد أن يحرم من ميقات ذات عرق، فأخذ بيده حتى أخرجه من البيوت وقطع به الوادي وأتى به المقابر، ثم قال: "هذه ذات عرق الأولى".
[قال الشافعي]: ومن سلك بحراً أو براً من غير وجه المواقيت أهلّ بالحج إذا حاذى المواقيت متأخياً، وأحب إليّ أن يحتاط فيحرم من وراء ذلك، فإن علم أنه أهل بعدما جاوز المواقيت كان كمن جاوزها فرجع أو أهراق دماً، أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: "من سلك بحراً أو براً من غير جهة المواقيت أحرم إذا حاذى المواقيت".
[قال الشافعي]: وبهذا نأخذ، ومن سلك كداء من أهل نجد والسراة أهل بالحج من قرن، وذلك قبل أن يأتي ثنية كدى وذلك أرفع من قرن في نجد وأعلى وادي قرن، وجماع ذلك ما قال عطاء أن يهلّ من جاء من غير جهة المواقيت، إذا حاذى المواقيت، وحديث طاوس في المواقيت عن النبي صلى الله عليه وسلم أوضحها معنى وأشدها غنى عما دونه، وذلك أنه أتى على المواقيت، ثم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: " "، وكان بيناً فيه أن عراقياً أو شامياً لو مر بالمدينة يريد حجاً أو عمرة كان ميقاته ذا الحليفة، وإن مدنيا لو جاء من اليمن كان ميقاته يلملم، وأن قوله يهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة إنما هو لأنهم يخرجون من بلادهم ويكون ذو الحليفة طريقهم وأول ميقات يمرون به، وقوله وأهل الشام من الجحفة لأنهم يخرجون من بلادهم والجحفة طريقهم وأول ميقات يمرون به ليست المدينة ولا ذو الحليفة طريقهم، إلا أن يعرجوا إليها، وكذلك قوله في أهل نجد واليمن لأن كل واحد منهم خارج من بلده وكذلك أول ميقات يمرون به، وفيه معنى آخر أن أهل نجد اليمن يمرون بقرن، فلما كانت طريقهم لم يكلفوا أن يأتوا يلملم وإنما ميقات يلملم لأهل غور اليمن تهمها ممن هي طريقهم.
[قال الشافعي]: ولا يجوز في الحديث غير ما قلت، والله أعلم، وذلك أنه لو كان على أهل المدينة أين كانوا فأرادوا الحج أن يهلوا من ذي الحليفة رجعوا من اليمن إلى ذي الحليفة ورجع أهل اليمن من المدينة إن أرادوا منها الحج إلى يلملم، ولكن معناه ما قلت والله أعلم، وهو موجود في الحديث معقول فيه، ومعقول في الحديث في قوله: " "، ما وصفت، وقوله: " "، أنهن مواقيت لمن أتى عليهم يريد حجاً أو عمرة، فمن أتى عليهن لا يريد حجاً ولا عمرة فجاوز الميقات ثم بدا له أن يحج أو يعتمر أهل بالحج من حيث يبدو له، وكان ذلك ميقاته كما يكون ميقات أهله الذين أنشئوا منه يريدون الحج أو العمرة حين أنشئوا منه، وهذا معنى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " "، لأن هذا جاوز الميقات لا يريد حجاً ولا عمرة ومعنى قوله: " "، فهذه إنما أراد الحج أو العمرة بعدما جاوز المواقيت فأراد وهو ممن دون المواقيت المنصوبة وأراده وهو داخل في جملة المواقيت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " " فهذا جملة المواقيت، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أهل من الفرع.
[قال الشافعي]: وهذا عندنا والله أعلم أنه مر بميقاته لم يرد حجاً ولا عمرة ثم بدا له من الفرع فأهلّ منه أو جاء الفرع من مكة أو غيرها ثم بدا له الإهلال فأهلّ منها ولم يرجع إلى ذي الحليفة، وهو روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت، فلو أن بعض أهل المدينة أتى الطائف لحاجته عامداً لا يريد حجاً ولا عمرة ثم خرج منها كذلك لا يريد حجاً ولا عمرة حتى قارب الحرم، ثم بدا له أن يهلّ بالحج أو العمرة أهلّ من موضعه ذلك ولم يرجع، أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال: إذا مر المكي بميقات أهل مصر فلا يجاوزه إلا محرماً، أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال: قال طاوس: فإن مر المكي على المواقيت يريد مكة فلا يخلفها حتى يعتمر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأم - كتاب الحج.