حكم الدم النازل إذا أسقطت الحامل
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال: كنت حاملاً في الشهر الرابع، وكان هذا في شهر رمضان -ولم أكن أعلم
بِحَمْلِي- فحملتُ أسطوانة غاز أربعة أدوار، وبعدها شعُرتُ بألم ونزل
معي دمٌ، فتوقعتُه من حمل الأشياء الثقيلة، واستمر الدم لمدة ستة أيام
وخلالها لم أفطر بل أكملت صيامي، ثُمَّ ذهبتُ للمستشفى، وقيل لي بأني
حامل والطفل تعب، وعند رجوعي مباشرة للمنزل سقط الجنين، فأفطرت الستة
الأيام المتبقية من رمضان، فما حكم صيامي للأيام الستة الماضية والدم
كان ينزل معي؟
بعد سقوط الجنين استمر النزيف معي لمدة ستة أشهر فقالت لي إحدى النساء: بالنسبة للصلاة فعليك بجمعها وقصرها ففعلت؛ فما رأيكم في هذا؟ جزاكم الله خيرًا.
بعد سقوط الجنين استمر النزيف معي لمدة ستة أشهر فقالت لي إحدى النساء: بالنسبة للصلاة فعليك بجمعها وقصرها ففعلت؛ فما رأيكم في هذا؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
فإنَّ السّقْطَ إذا كان قد استبان شيءٌ من خَلْقِه - كالرَّأْسِ والأطراف - فالدم النازل على المرأة مَعَهُ يكون نِفاسًا، وإن لم يستبن شيءٌ من خلقه فلا نفاس لها.
وبِناءً عليه؛ فإن كان السقط مُستبِينَ الخَلْقِ - وهو الظاهِرُ لأَنَّ أدنى مُدَّةٍ يُخَلَّقُ فيها الجنين (81) يومًا، وغالبها تسعون يومًا، والحمل المسؤول عنه أكثر من هذا - فلا تترك الصلاة والصوم بالدم المرئي قبل نزوله, لأنَّهُ قد تَبَيَّنَ أنَّكِ كُنْتِ حاملاً حين رأيْتِ الدم, وليس لِدَمِ الحامل حكمُ الحيض ولا النِّفاس, وما ينزل بعد السّقْطِ فهو دَمُ نِفاس تتركين له الصَّوْمَ والصلاةَ، ويَجِبُ عليكِ قضاءُ الأيام التي أفْطَرْتِها، وهذا مذهب الحنَفِيَّة ومذهبُ الشافعيَّة، قال في الهداية: والدَّمُ الذي تَراهُ الحامِلُ ابتداءً أوحالَ وِلادَتِها قَبْلَ خُروج الولد استحاضةٌ.
وأمَّا إِنْ لم يَكُنِ السّقْطُ مُستَبينَ الخَلْقِ؛ فما رَأَتْهُ قبل السّقْطِ وَبَعْدَهُ دَمُ فَسَادٍ وَعِلَّةٍ لا يُتْرَكُ له صومٌ ولا صلاةٌ، وَلَكِ حُكْمُ المُستَحاضَةِ .
قال "الإِمامُ الشّيرازيّ" في (المُهَذَّبِ): "فَإِنْ خَرَجَ قبل الوِلادة شيءٌ لم يَكُنْ نِفاسًا, وإِنْ خَرَجَ بعد الوِلادة كان نِفاسًا" قال النووي: وأمَّا الدَّمُ الخارجُ قبل الوِلادةِ فَقَدْ أَطْلَقَ المصنِّفُ وجمهورُ الأصحاب في الطُّرُقِ كُلِّها أَنَّهُ ليس بِنِفَاسٍ، بل له حُكْمُ دَمِ الحَامِلِ.
قالَ الشَّيْخُ "ابنُ عُثَيْمِينَ" رحمه الله في رسالة (الدِّماء الطبيعيَّة لِلنِّساءِ): "وَلا يَثْبُتُ النِّفاسُ إلا إذا وَضَعَتْ ما تَبَيَّنَ فيه خَلْقُ إنسانٍ، فَلَوْ وَضَعَتْ سقْطًا صغيرًا لم يَتَبَيَّنْ فيه خَلْقُ إنسانٍ فَلَيْسَ دَمْهُاَ دَمَ نِفَاسٍ، بلْ هو دَمُ عِرْقٍ ،فيكون حُكْمُها حُكْمَ الاستحاضة".
وحيثُ إنَّ السائِلَةَ تَقُولُ: إن الإجهاضَ في الشهْرِ الرَّابع، فإنَّهُ يُعَدُّ حَمْلاً قد تخلق، والدَّمُ الذي ينزل وَقْتَ الحَيْضِ يُعَدُّ استحاضةً، كما هو مذهب أبي حنيفة والشافِعِيّ؛ فَصِيَامُكِ صَحيحٌ إن شاء الله تعالى.
أمَّا قَصْرُك للصلاة أَثْناءَ الاسْتِحاضةِ فلا قائِلَ به -فيما نعلم- فَيَجِبُ عليكِ أن تَنْصَحِي تلك المرأةَ بالتَّوبَةِ والاستِغْفارِ؛ لأنها تَقَوَّلَتْ على الله تعالى بغير عِلْمٍ، وهذا مِنْ أَكْبَرِ الكبائر، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] كما يجب عليك لاحقًا ألا تأخُذي دِينَكِ إلاَّ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ. ولا يَجِبُ عَلَيْكِ إعادةُ تلك الصلواتِ؛ لأنَّكِ فَعَلْتِ ما فعَلْتِهِ بِجَهْلٍ وعن غير عمد، والثَّابِتُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يَأْمُرِ الجاهِلَ بالقضاء.
هذا والمستحاضَةُ يُسْتَحَبّ لها الجمع الصوري؛ بِأَنْ تُؤَخِّرَ الظُّهر لآخِرِ وَقْتِهِ وَتُصَلِّيَ العصرَ في أَوَّلِ وقْتِهِ، وتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلاَّ واحدَّا، وكذلِكَ تفْعَلُ مع المغْرِبِ والعِشاءِ؛ فقد رَوَى أبُو داودَ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قالت: كُنْتُ أُسْتَحاضُ حَيْضَةً كثيرةً شديدةً فأَتَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم أَسْتَفْتِيه وَأُخْبِرُهُ .. . - إلى أن قالت: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة
فإنَّ السّقْطَ إذا كان قد استبان شيءٌ من خَلْقِه - كالرَّأْسِ والأطراف - فالدم النازل على المرأة مَعَهُ يكون نِفاسًا، وإن لم يستبن شيءٌ من خلقه فلا نفاس لها.
وبِناءً عليه؛ فإن كان السقط مُستبِينَ الخَلْقِ - وهو الظاهِرُ لأَنَّ أدنى مُدَّةٍ يُخَلَّقُ فيها الجنين (81) يومًا، وغالبها تسعون يومًا، والحمل المسؤول عنه أكثر من هذا - فلا تترك الصلاة والصوم بالدم المرئي قبل نزوله, لأنَّهُ قد تَبَيَّنَ أنَّكِ كُنْتِ حاملاً حين رأيْتِ الدم, وليس لِدَمِ الحامل حكمُ الحيض ولا النِّفاس, وما ينزل بعد السّقْطِ فهو دَمُ نِفاس تتركين له الصَّوْمَ والصلاةَ، ويَجِبُ عليكِ قضاءُ الأيام التي أفْطَرْتِها، وهذا مذهب الحنَفِيَّة ومذهبُ الشافعيَّة، قال في الهداية: والدَّمُ الذي تَراهُ الحامِلُ ابتداءً أوحالَ وِلادَتِها قَبْلَ خُروج الولد استحاضةٌ.
وأمَّا إِنْ لم يَكُنِ السّقْطُ مُستَبينَ الخَلْقِ؛ فما رَأَتْهُ قبل السّقْطِ وَبَعْدَهُ دَمُ فَسَادٍ وَعِلَّةٍ لا يُتْرَكُ له صومٌ ولا صلاةٌ، وَلَكِ حُكْمُ المُستَحاضَةِ .
قال "الإِمامُ الشّيرازيّ" في (المُهَذَّبِ): "فَإِنْ خَرَجَ قبل الوِلادة شيءٌ لم يَكُنْ نِفاسًا, وإِنْ خَرَجَ بعد الوِلادة كان نِفاسًا" قال النووي: وأمَّا الدَّمُ الخارجُ قبل الوِلادةِ فَقَدْ أَطْلَقَ المصنِّفُ وجمهورُ الأصحاب في الطُّرُقِ كُلِّها أَنَّهُ ليس بِنِفَاسٍ، بل له حُكْمُ دَمِ الحَامِلِ.
قالَ الشَّيْخُ "ابنُ عُثَيْمِينَ" رحمه الله في رسالة (الدِّماء الطبيعيَّة لِلنِّساءِ): "وَلا يَثْبُتُ النِّفاسُ إلا إذا وَضَعَتْ ما تَبَيَّنَ فيه خَلْقُ إنسانٍ، فَلَوْ وَضَعَتْ سقْطًا صغيرًا لم يَتَبَيَّنْ فيه خَلْقُ إنسانٍ فَلَيْسَ دَمْهُاَ دَمَ نِفَاسٍ، بلْ هو دَمُ عِرْقٍ ،فيكون حُكْمُها حُكْمَ الاستحاضة".
وحيثُ إنَّ السائِلَةَ تَقُولُ: إن الإجهاضَ في الشهْرِ الرَّابع، فإنَّهُ يُعَدُّ حَمْلاً قد تخلق، والدَّمُ الذي ينزل وَقْتَ الحَيْضِ يُعَدُّ استحاضةً، كما هو مذهب أبي حنيفة والشافِعِيّ؛ فَصِيَامُكِ صَحيحٌ إن شاء الله تعالى.
أمَّا قَصْرُك للصلاة أَثْناءَ الاسْتِحاضةِ فلا قائِلَ به -فيما نعلم- فَيَجِبُ عليكِ أن تَنْصَحِي تلك المرأةَ بالتَّوبَةِ والاستِغْفارِ؛ لأنها تَقَوَّلَتْ على الله تعالى بغير عِلْمٍ، وهذا مِنْ أَكْبَرِ الكبائر، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] كما يجب عليك لاحقًا ألا تأخُذي دِينَكِ إلاَّ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ. ولا يَجِبُ عَلَيْكِ إعادةُ تلك الصلواتِ؛ لأنَّكِ فَعَلْتِ ما فعَلْتِهِ بِجَهْلٍ وعن غير عمد، والثَّابِتُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يَأْمُرِ الجاهِلَ بالقضاء.
هذا والمستحاضَةُ يُسْتَحَبّ لها الجمع الصوري؛ بِأَنْ تُؤَخِّرَ الظُّهر لآخِرِ وَقْتِهِ وَتُصَلِّيَ العصرَ في أَوَّلِ وقْتِهِ، وتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلاَّ واحدَّا، وكذلِكَ تفْعَلُ مع المغْرِبِ والعِشاءِ؛ فقد رَوَى أبُو داودَ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قالت: كُنْتُ أُسْتَحاضُ حَيْضَةً كثيرةً شديدةً فأَتَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم أَسْتَفْتِيه وَأُخْبِرُهُ .. . - إلى أن قالت: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة