نذرت صيام ثلاثة شهور، ولكنني لم أتمكن من الوفاء
نذرت لأن وصلت الديار المقدسة وزرت البيت الحرام أن أصوم الثلاث أشهر، رجب وشعبان ورمضان، وقد أديت فرضي والحمد لله، ولكن نظراً لظروف عملي لم أستطع إتمام الصيام، فهل يجزئ عن ذلك صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع أم لا؟ وهل يشترط التتابع في الصيام أم لا؟ وإذا لم أستطع فهل يجزئ عني كفارة، وما هي؟
أولاً: ننبه إلى أن النذر لا ينبغي للإنسان أن ينذر؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: [رواه مسلم في صحيحه] فلا ينبغي للإنسان أن ينذر، بل ينبغي له أن يتقرب إلى الله بالطاعات والقربات من غير نذر، ولا يلزم نفسه إلا ما أوجبه الله عليه في أصل الشريعة، أما أن يدخل نفسه في حرج، ويحملها واجبًا ثقيلاً من صيام أو عبادة لا تجب عليه بأصل الشرع، ثم بعد ذلك يحرج ويطلب المخارج؛ فهذا يجب عليه أن يحذر منه من البداية، وأن لا ينذر.
لكن؛ إذا نذر وعقد النذر، وهو نذر طاعة؛ فقد قال النبي [ ] صلى الله عليه وسلم: [رواه البخاري [ ] في صحيحه].
وقال تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [سورة الإنسان: آية 7].
ويقول تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [سورة البقرة: آية 270].
ويقول تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [سورة الحج: آية 29].
فإذا نذر الإنسان نذر طاعة ونذر تبرر؛ وجب عليه أن يؤديه؛ لأنه أوجب على نفسه، فوجب عليه أداؤه.
وما ذكرته السائلة من أنها نذرت أن تصوم ثلاثة أشهر - رجب وشعبان ورمضان [ ] -: أما رمضان؛ فهذا واجب عليها بأصل الشرع أن تصومه، وقد نذرته، فيكون واجبًا عليها من ناحيتين: بأصل الشرع، وبالنذر، وهذا لابدّ لها من صيامه. وأما صيام رجب وشعبان؛ فهذين يجب عليها صيامهما بالنذر فقط، فيجب عليها أن تصوم مادامت نذرت صيامهما؛ لأن هذا نذر طاعة.
فإذا كانت عينت سنة معينة؛ قال: من سنة كذا؛ فيجب عليها أن تصوم رجب وشعبان من السنة المعينة. أما إذا كانت نذرت رجب وشعبان غير معينين من سنة؛ فإنها تصوم رجب وشعبان من أي سنة تمر عليها.
الحاصل أنه لابدّ لها من صيام هذا النذر، ولو كان فيه عليها مشقة؛ لأنها هي التي ألزمت نفسها بهذا، فتصوم مادامت تستطيع الصيام، ولا يجزئ عنها أن تصوم يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع كما ذكرت.
- التصنيف: