حكم استعمال الكحل في رمضان

منذ 2009-03-11
السؤال: ما حكم استعمال الكُحْل وبعض أدوات التجميل للنساء خلالَ نهار رمضان، وهل تُفَطِّر هذه الأشياء أم لا؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ الاكتحالَ أو استعمالَ أدوات التجميل لا يُبْطِلُ الصوم، فرضًا كانَ أوْ نَفْلاً، سواء وصل شيْءٌ منه إلى الحَلْقِ أم لا؛ لأنه ليس بِأَكْلٍ ولا شُرْبٍ ولا في معناهما، وهو مذهب الحنفية والشافعيَّة واختيار شيخ الإسلام ابن تَيْمية وغيره من المحققين، وكثيرٍ من المعاصرين؛ منهم العثيمين.

قال النووي: لأن العين ليست بجَوْفٍ, ولا مَنْفَذ منها إلى الحلق، وقال السرخسي -الحنفي- في (المبسوط): "والاكتحالُ لا يَضُرّ الصائم, وإن وَجَدَ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ، وكان إبراهيم النخعي يكره للصائم أن يَكْتَحِلَ، وابْنُ أبي لَيْلَى كان يقول: إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ في حَلْقِه فَطَّرَهُ لِوُصولِ الكُحْلِ إلى باطنه".

وَقَدْ أبطل المالكيَّة والحنابلة الصيام إذا وصل طَعْمُ الكحل إلى الحلق؛ قال ابن قدامة في "المغني": "أما الكحل؛ فما وَجَدَ طَعْمَهُ في حَلْقِهِ, أوْ عَلِمَ وُصولَهُ إليه, فَطَّرَهُ, وإلاّ لم يُفَطِّرْهُ، نَصَّ عليه أحْمَدُ. وقال ابْنُ أبي موسى: ما يَجِدُ طَعْمَهُ كالذَّرُورِ والصَّبِرِ والقَطُورِ, أفْطَرَ. وإنِ اكْتَحَل بِاليَسِيرِ من الإثمد غير المطيَّب, كالمِيل ونحوه, لم يُفْطِرْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وقال ابْنُ عقيل: إن كان الكُحْلُ حادًّا, فَطَّره, وإلا فلا. ونحو ما ذكرناهُ قال أصحابُ مالك، وعن ابن أبي ليلى, وابنِ شُبْرُمَةَ أن الكحل يُفَطِّرُ الصائم. وقال أبو حنيفة, والشافعي: لا يُفَطِّرُه".

والراجح قَوْلُ الجمهور أنَّ الاكتحال لا يُبْطِلُ الصوم، سواء وَصَلَ شيْءٌ منه إلى الحلق أم لا؛ قال شيخُ الإسلام ابن تيمية في رسالة (حقيقة الصيام): ونَحْنُ نعلم أنه ليس في الكتابِ والسُّنَّةِ ما يدلُّ على الإفطار بهذه الأشياء، فعلِمْنَا أنها ليْسَتْ مفطرة، وقال: فإنَّ الصيام من دين المسلمين الذي يَحْتَاجُ إلى مَعْرِفَتِهِ الخاصُّ والعامُّ.

فلو كانت هذه الأمور مما حرَّمه الله ورسوله في الصيام ويَفْسُدُ الصومُ بها لكان هذا ممَّا يجب على الرسول صلى الله عليه وسلم بيانُه، ولوْ ذَكَرَ ذلك لعلِمَهُ الصحابة وبلَّغوه الأُمَّة كما بلغوا سائر شرعه. فلما لم يَنْقُلْ أحدٌ من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مُسندًا ولا مُرسلاً عُلِمَ أنه لم يَذْكُرْ شيئًا من ذلك، والحديث المرويّ في الكحل يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر "بالإثمد" المروح عند النوم وقال: «لِيَتَّقِهِ الصائم»، ضعيف، رواه أبو داود في السنن ولم يَرْوِهِ غيرُه. قال أبو داود: قال لي يحيى بن معين: هذا حديثٌ مُنْكَرٌ. وقال: والأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًّا ولا بد أن تنقلها الأمة. فإذا انتفى هذا عُلِمَ أن هذا ليس من دينه"اهـ.

وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار: والظاهر ما ذَهَبَ إليه الجمهورُ؛ لأنَّ البراءة الأصلية لا تَنْتَقِلُ عنها إلا بدليل، وليس في الباب ما يَصْلُحُ للنقل" اهـ ،، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع الألوكة

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 30
  • 5
  • 313,443

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً