صلاة الوتر وحكم من يتركها
منذ 2009-05-19
السؤال: رجل يسأل عن صلاة الوتر، وحكم من يتركها، وعن وقتها، وهل يجوز -لمن
طلع عليه الفجر قبل أن يوتر- الوترُ قبل صلاة الصبح؟
الإجابة: الوتر سنة مؤكدة، بل هو آكد النوافل على الإطلاق. ومن العلماء من قال
بوجوبه. وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها أبو بكر. وهي مذهب أبي
حنيفة. وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية فقال بوجوبه على من يتهجد بالليل
(1).
واستدل القائلون بوجوبه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم به في غير ما حديث. والأمر يقتضي الوجوب. وعن بريدة مرفوعا: " "، كررها ثلاثا (رواه أحمد وأبو داود) (2) وفيه ضعف. وعن أبي أيوب مرفوعا: " " (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه) (3)، والصواب أنه موقوف. والمشهور القول الأول.
وعلى كل فقد شدد العلماء في تركه. قال الإمام أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء؛ لا ينبغي أن تقبل شهادته. وكذلك يروى عنه فيمن يترك السنن الرواتب؛ لأنه بالمداومة على تركها يكون راغبا عن السنة، وتلحقه التهمة، فتنتفي عنه بذلك العدالة.
ووقت الوتر ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر الثاني. والأفضل فعله آخر الليل لمن وثق من نفسه. فإن خاف أن لا يقوم آخر الليل استحب أن يوتر قبل أن ينام.
واختلف العلماء فيما لو طلع عليه الفجر قبل أن يوتر. فقالت طائفة: يفوت وقته فيصليه قضاء. وهذا المشهور من المذهب. وقال آخرون: إنه يفعل قبيل صلاة الفجر.
قال في (المغني) (4): والمنصوص عن أحمد في الوتر أنه يفعله قبل صلاة الفجر. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل: أيوتر الرجل بعدما يطلع الفجر؟ قال: نعم.
ورُوي ذلك عن ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وحذيفة، وأبي الدرداء، وعُبادة بن الصامت، وفَضالة بن عُبيد، وعائشة، وعبد الله بن عامر بن رَبِيعة، وعمرو بن شُرَحْبِيل. وقال أيوب السَّخْتِياني وحُمَيْد الطويل: إن أكثر وترنا لبعد طلوع الفجر. وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي. وأنكر ذلك عطاء، والنخعي، وسعيد بن جبير. وهو قول أبي موسى. واحتجوا بعموم النهي.
ولنا ما روى أبو بصرة الغفاري. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " " (رواه الأثرم) (5) واحتج به أحمد. ولأنه قول من سمينا من الصحابة.
وأحاديث النهي الصحيحة ليست صريحة في النهي قبل صلاة الفجر، على ما قدمناه، إنما فيه حديث ابن عمر، وهو غريب.
وقد روى أبو هريرة (6)، مرفوعا: " " (رواه ابن ماجه) (7) وهذا صريح في محل النزاع.
وإذا ثبت هذا، فلا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يصبح؛ لهذا الخبر. وهكذا قال مالك. وقال: من فاتته صلاة الليل فله أن يصليها بعد الصبح قبل أن يصلي الصبح. وحكاه ابن أبي موسى في (الإرشاد) مذهبا لأحمد؛ قياسا على الوتر، ولأن هذا الوقت لم يثبت النهي فيه صريحًا؛ فكان حكمه خفيفًا. انتهى ملخصا. والله أعلم.
___________________________________________
1 - انظر (الاختيارات) ص (64).
2 - أحمد (5/ 357)، وأبو داود (1419)، والبيهقي (2/ 470) وغيرهم. قال البخاري: عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب، عن ابن بريدة، سمع منه زيد ابن الحباب، عنده مناكير.
3 - أخرجه أحمد (5/ 418)، وأبو داود (1422)، وابن ماجه (1190) وغيرهم من حديث أبي أيوب، مرفوعًا، به. والحديث أعلَّه البيهقي بالوقف (السنن) (3/ 23، 24)، وقال أبو حاتم الرازي: هو من كلام أبي أيوب (العلل) (1/ 172).
4 - (2/ 529 - 531).
5 - وأخرجه أحمد (6/ 7، 397)، وهو في (الصحيحة) (108)، و(الإرواء) (423).
6 - هكذا في (المغني)، والصواب: عن أبي سعيد الخدري.
7 - ابن ماجه (1188)، والترمذي (465) من طريق عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، مرفوعا، وأعله الترمذي برواية عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه، مرفوعًا يعنى مرسلاً؛ لضعف عبد الرحمن، وقد رواه أبو داود (1431)، والحاكم (1/302)، والبيهقي (2/ 480) من طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيدا مرفوعًا، كرواية عبد الرحمن تمامًا، وقد صحح إسناده الحاكم على شرط الشيخين، والعراقي، والشيخ الألباني في هامش (المشكاة) (1279).
واستدل القائلون بوجوبه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم به في غير ما حديث. والأمر يقتضي الوجوب. وعن بريدة مرفوعا: " "، كررها ثلاثا (رواه أحمد وأبو داود) (2) وفيه ضعف. وعن أبي أيوب مرفوعا: " " (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه) (3)، والصواب أنه موقوف. والمشهور القول الأول.
وعلى كل فقد شدد العلماء في تركه. قال الإمام أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء؛ لا ينبغي أن تقبل شهادته. وكذلك يروى عنه فيمن يترك السنن الرواتب؛ لأنه بالمداومة على تركها يكون راغبا عن السنة، وتلحقه التهمة، فتنتفي عنه بذلك العدالة.
ووقت الوتر ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر الثاني. والأفضل فعله آخر الليل لمن وثق من نفسه. فإن خاف أن لا يقوم آخر الليل استحب أن يوتر قبل أن ينام.
واختلف العلماء فيما لو طلع عليه الفجر قبل أن يوتر. فقالت طائفة: يفوت وقته فيصليه قضاء. وهذا المشهور من المذهب. وقال آخرون: إنه يفعل قبيل صلاة الفجر.
قال في (المغني) (4): والمنصوص عن أحمد في الوتر أنه يفعله قبل صلاة الفجر. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل: أيوتر الرجل بعدما يطلع الفجر؟ قال: نعم.
ورُوي ذلك عن ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وحذيفة، وأبي الدرداء، وعُبادة بن الصامت، وفَضالة بن عُبيد، وعائشة، وعبد الله بن عامر بن رَبِيعة، وعمرو بن شُرَحْبِيل. وقال أيوب السَّخْتِياني وحُمَيْد الطويل: إن أكثر وترنا لبعد طلوع الفجر. وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي. وأنكر ذلك عطاء، والنخعي، وسعيد بن جبير. وهو قول أبي موسى. واحتجوا بعموم النهي.
ولنا ما روى أبو بصرة الغفاري. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " " (رواه الأثرم) (5) واحتج به أحمد. ولأنه قول من سمينا من الصحابة.
وأحاديث النهي الصحيحة ليست صريحة في النهي قبل صلاة الفجر، على ما قدمناه، إنما فيه حديث ابن عمر، وهو غريب.
وقد روى أبو هريرة (6)، مرفوعا: " " (رواه ابن ماجه) (7) وهذا صريح في محل النزاع.
وإذا ثبت هذا، فلا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يصبح؛ لهذا الخبر. وهكذا قال مالك. وقال: من فاتته صلاة الليل فله أن يصليها بعد الصبح قبل أن يصلي الصبح. وحكاه ابن أبي موسى في (الإرشاد) مذهبا لأحمد؛ قياسا على الوتر، ولأن هذا الوقت لم يثبت النهي فيه صريحًا؛ فكان حكمه خفيفًا. انتهى ملخصا. والله أعلم.
___________________________________________
1 - انظر (الاختيارات) ص (64).
2 - أحمد (5/ 357)، وأبو داود (1419)، والبيهقي (2/ 470) وغيرهم. قال البخاري: عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب، عن ابن بريدة، سمع منه زيد ابن الحباب، عنده مناكير.
3 - أخرجه أحمد (5/ 418)، وأبو داود (1422)، وابن ماجه (1190) وغيرهم من حديث أبي أيوب، مرفوعًا، به. والحديث أعلَّه البيهقي بالوقف (السنن) (3/ 23، 24)، وقال أبو حاتم الرازي: هو من كلام أبي أيوب (العلل) (1/ 172).
4 - (2/ 529 - 531).
5 - وأخرجه أحمد (6/ 7، 397)، وهو في (الصحيحة) (108)، و(الإرواء) (423).
6 - هكذا في (المغني)، والصواب: عن أبي سعيد الخدري.
7 - ابن ماجه (1188)، والترمذي (465) من طريق عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، مرفوعا، وأعله الترمذي برواية عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه، مرفوعًا يعنى مرسلاً؛ لضعف عبد الرحمن، وقد رواه أبو داود (1431)، والحاكم (1/302)، والبيهقي (2/ 480) من طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيدا مرفوعًا، كرواية عبد الرحمن تمامًا، وقد صحح إسناده الحاكم على شرط الشيخين، والعراقي، والشيخ الألباني في هامش (المشكاة) (1279).
عبد الله بن عبد العزيز العقيل
كان الشيخ عضوا في مجلس القضاء الأعلى ومن هيئة كبار العلماء في المملكة. توفي رحمه الله عام 1432هـ .
- التصنيف: