فتوى للدكتور علي جمعة
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: عبارات وألفاظ لا تصح -
السؤال: انتشرت فتوى للدكتور علي جمعة، تقول بجواز شُرْب بول النبي، وأن
الصحابة كانوا يتبرَّكون به؟! فما حُكْم الإسلام في هذه المسألة؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن
والاه، أمَّا بعدُ:
فالفتوى المشار إليها أوردها علي جمعة في كتابه (الفتاوى العصرية اليومية)، وهو الكتاب الذي قرَّر مَجْمَع البحوث الإسلامية بالأزهر سَحْبَه من السوق، ووصفوا تلك الفتوى بالشذوذ، وأجمعوا على رفضها.
قال الدكتور أحمد عمر هاشم -رئيس جامعة الأزهر السابق، وعضو مَجْمَع البحوث-: "إن هذه الفتوى شاذة، وإن المَجْمَع لم يُوافق على ما سَاقَه الدكتور جمعة مِن أدلة شرعية على فتواه، واعتبر أسانيده ضعيفة"، وأضاف: "لقد أذعن المفتي لرأي المَجْمَع، وتَعهَّد بسحْب جميع نسخ الكِتاب من المكتبات، ومَنْع طبْعِه مرة أخرى، وقَدَّم اعتذاره للمَجْمَع".
واستدل على زعمه بحديث ضعيف رواه الحاكم، والدارقطني، والطبراني، وأبو نعيم مِن حديث أبي مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن أم أيمن، قالت: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة في جانب البيت، فَبَالَ فيها، فقمتُ من الليل وأنا عطشانة، فشربتُ ما فيها وأنا لا أَشعُر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أم أيمن، قُومي فأهريقي ما في تلك الفخارة"، قلتُ: قد والله شربتُ ما فيها! قالت: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بَدتْ نواجذه، ثم قال: "أما والله إنه لا تَتَّجِعِينَ بطنك أبداً".
.. قال الحافظ ابن حجر في (تلخيص الحبير): "ورواه أبو أحمد العسكري بلفظ: "لن تشتكي بطنك)) وأبو مالك ضعيفٌ، ونبيحٌ لم يلحق أم أيمن".
.. وضعَّفه الرحيباني الحنبلي في (مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى).
.. وأيضاً فالحديث فيه أبو مالك النخعي واسمه: عبد الملك بن الحسين، قال الإمام النسائي في (الضعفاء والمتروكين) ترجمة (383): "عبد الملك بن الحسين أبو مالك النخعي: متروك".أ.هـ.
وهذا المصطلح عند الإمام النسائي له معناه، ولقد بيَّنَه الإمام الحافظ ابن حجر في (شرح النخبة) (ص 191) حيث قال: "ولهذا كان مذهب النسائي أن لا يَترُك حديثَ الرجلِ حتى يجتمع الجميع على تَرْكِه".
.. وأورده الإمام الدارقطني في (الضعفاء والمتروكين) ترجمة (363) وقال: "عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي، عن البصريين والكوفيين".
.. كما أورده الإمام ابن أبي حاتم في (الجَرْح والتعديل) (2/2/347، 5/347/1641) قال: "عبد الملك بن الحسين أبو مالك النخعي، سألتُ أبي عنه فقال: ضعيف الحديث".
وقال: "سألتُ أبا زرعة عن أبي مالك النخعي فقال: ضعيف الحديث".
وقال: "حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو مالك النخعي ليس بشيء".
.. وأورده الإمام البخاري في كتابه (الضعفاء الصغير) ترجمة (219) وقال: "ليس بالقوي عندهم".
.. وأورده الإمام ابن عدي في (الكامل) (5/303، 479/1447) وقال: حدثنا علان، حدثنا ابن أبي مريم، سألتُ يحيى بن معين عن أبي مالك فقال: "ليس بشيء".
.. وقال الإمام ابن حبان في (المجروحين) (2/134): "عبد الملك بن الحسين بن أبي الحسين النخعي أبو مالك: من أهل واسط، كان ممن يروي المقلوبات عن الأَثْبَات؛ لا يجوز الاحتجاج به فيما وافق الثقات، ولا الاعتبار فيما لم يخالف الأثبات".أ.هـ.
.. وأورده الإمام الذهبي في (الميزان) (2/653/5198) ونقل أقوال أئمة الجَرْح والتعديل في عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي وأقرَّها.
.. وأورده الحافظ ابن حجر في (التهذيب) (12/240/1006) وقال: "أبو مالك النخعي الواسطي اسمه عبد الملك بن الحسين، ثم نقل أقوال الأئمة قائلاً: قال عمرو بن علي: ضعيف مُنكَر الحديث، وقال الأزدي والنسائي: متروك الحديث".
* ويتبين من هذا التحليل أن أبا مالك النخعي، واسمه عبد الملك بن الحسين أجمع الأئمةُ على أنه متروك، مُنكَر الحديث، ليس بشيء، وعلى ذلك فالقصة: "قصة شرب أم أيمن لبول النبي صلى الله عليه وسلم" قصة واهية، تالفة السند.
وقد رويت تلك القصة من حديث أُمَيْمَةَ بنت رقيقة عن أمها أنها قالت: "كان للنَّبي صلى الله عليه وسلم قَدَحٌ مِنْ عيدانٍ تحت سريره يَبُولُ فيه بالليل"؛ رواه أبو داود والنسائي وليس فيه قصة الشرب، ورواه الطبراني في (الكبير)، وأبو نعيم الأصبهاني في (معرفة الصحابة)، والبيهقي بزيادة: "فأَرَادَه فإذا القدح ليس فيه شيء"، فقال لامرأة يقال لها بركة، كانت تخدم أم حبيبة، جاءت بها من أرض الحبشة: "أين البول الذي كان في القدح؟"، قالت: "شربتُه"، قال: "ولقد احتظرتِ من النار بحظار"، وضعَّف هذه الزيادة الألباني؛ لشذوذها وإرسالها.
.. ولو سلمنا جدلاً أن الحديث صحيح، فليس فيه أن الصحابية قصدَتِ التَّبرُّكَ بالبول عند شُرْبه! وإنما وقع ذلك منها على سبيل الخطأ كما هو ظاهر فكيف يقال: إنه حُجَّة على التَّبرُّك مع انتفاء القصد أصلاً؟! فليس في الحديث أكثر من جواز إعداد الآنية للبول فيها، والله أعلم.
فالفتوى المشار إليها أوردها علي جمعة في كتابه (الفتاوى العصرية اليومية)، وهو الكتاب الذي قرَّر مَجْمَع البحوث الإسلامية بالأزهر سَحْبَه من السوق، ووصفوا تلك الفتوى بالشذوذ، وأجمعوا على رفضها.
قال الدكتور أحمد عمر هاشم -رئيس جامعة الأزهر السابق، وعضو مَجْمَع البحوث-: "إن هذه الفتوى شاذة، وإن المَجْمَع لم يُوافق على ما سَاقَه الدكتور جمعة مِن أدلة شرعية على فتواه، واعتبر أسانيده ضعيفة"، وأضاف: "لقد أذعن المفتي لرأي المَجْمَع، وتَعهَّد بسحْب جميع نسخ الكِتاب من المكتبات، ومَنْع طبْعِه مرة أخرى، وقَدَّم اعتذاره للمَجْمَع".
واستدل على زعمه بحديث ضعيف رواه الحاكم، والدارقطني، والطبراني، وأبو نعيم مِن حديث أبي مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن أم أيمن، قالت: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة في جانب البيت، فَبَالَ فيها، فقمتُ من الليل وأنا عطشانة، فشربتُ ما فيها وأنا لا أَشعُر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أم أيمن، قُومي فأهريقي ما في تلك الفخارة"، قلتُ: قد والله شربتُ ما فيها! قالت: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بَدتْ نواجذه، ثم قال: "أما والله إنه لا تَتَّجِعِينَ بطنك أبداً".
.. قال الحافظ ابن حجر في (تلخيص الحبير): "ورواه أبو أحمد العسكري بلفظ: "لن تشتكي بطنك)) وأبو مالك ضعيفٌ، ونبيحٌ لم يلحق أم أيمن".
.. وضعَّفه الرحيباني الحنبلي في (مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى).
.. وأيضاً فالحديث فيه أبو مالك النخعي واسمه: عبد الملك بن الحسين، قال الإمام النسائي في (الضعفاء والمتروكين) ترجمة (383): "عبد الملك بن الحسين أبو مالك النخعي: متروك".أ.هـ.
وهذا المصطلح عند الإمام النسائي له معناه، ولقد بيَّنَه الإمام الحافظ ابن حجر في (شرح النخبة) (ص 191) حيث قال: "ولهذا كان مذهب النسائي أن لا يَترُك حديثَ الرجلِ حتى يجتمع الجميع على تَرْكِه".
.. وأورده الإمام الدارقطني في (الضعفاء والمتروكين) ترجمة (363) وقال: "عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي، عن البصريين والكوفيين".
.. كما أورده الإمام ابن أبي حاتم في (الجَرْح والتعديل) (2/2/347، 5/347/1641) قال: "عبد الملك بن الحسين أبو مالك النخعي، سألتُ أبي عنه فقال: ضعيف الحديث".
وقال: "سألتُ أبا زرعة عن أبي مالك النخعي فقال: ضعيف الحديث".
وقال: "حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو مالك النخعي ليس بشيء".
.. وأورده الإمام البخاري في كتابه (الضعفاء الصغير) ترجمة (219) وقال: "ليس بالقوي عندهم".
.. وأورده الإمام ابن عدي في (الكامل) (5/303، 479/1447) وقال: حدثنا علان، حدثنا ابن أبي مريم، سألتُ يحيى بن معين عن أبي مالك فقال: "ليس بشيء".
.. وقال الإمام ابن حبان في (المجروحين) (2/134): "عبد الملك بن الحسين بن أبي الحسين النخعي أبو مالك: من أهل واسط، كان ممن يروي المقلوبات عن الأَثْبَات؛ لا يجوز الاحتجاج به فيما وافق الثقات، ولا الاعتبار فيما لم يخالف الأثبات".أ.هـ.
.. وأورده الإمام الذهبي في (الميزان) (2/653/5198) ونقل أقوال أئمة الجَرْح والتعديل في عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي وأقرَّها.
.. وأورده الحافظ ابن حجر في (التهذيب) (12/240/1006) وقال: "أبو مالك النخعي الواسطي اسمه عبد الملك بن الحسين، ثم نقل أقوال الأئمة قائلاً: قال عمرو بن علي: ضعيف مُنكَر الحديث، وقال الأزدي والنسائي: متروك الحديث".
* ويتبين من هذا التحليل أن أبا مالك النخعي، واسمه عبد الملك بن الحسين أجمع الأئمةُ على أنه متروك، مُنكَر الحديث، ليس بشيء، وعلى ذلك فالقصة: "قصة شرب أم أيمن لبول النبي صلى الله عليه وسلم" قصة واهية، تالفة السند.
وقد رويت تلك القصة من حديث أُمَيْمَةَ بنت رقيقة عن أمها أنها قالت: "كان للنَّبي صلى الله عليه وسلم قَدَحٌ مِنْ عيدانٍ تحت سريره يَبُولُ فيه بالليل"؛ رواه أبو داود والنسائي وليس فيه قصة الشرب، ورواه الطبراني في (الكبير)، وأبو نعيم الأصبهاني في (معرفة الصحابة)، والبيهقي بزيادة: "فأَرَادَه فإذا القدح ليس فيه شيء"، فقال لامرأة يقال لها بركة، كانت تخدم أم حبيبة، جاءت بها من أرض الحبشة: "أين البول الذي كان في القدح؟"، قالت: "شربتُه"، قال: "ولقد احتظرتِ من النار بحظار"، وضعَّف هذه الزيادة الألباني؛ لشذوذها وإرسالها.
.. ولو سلمنا جدلاً أن الحديث صحيح، فليس فيه أن الصحابية قصدَتِ التَّبرُّكَ بالبول عند شُرْبه! وإنما وقع ذلك منها على سبيل الخطأ كما هو ظاهر فكيف يقال: إنه حُجَّة على التَّبرُّك مع انتفاء القصد أصلاً؟! فليس في الحديث أكثر من جواز إعداد الآنية للبول فيها، والله أعلم.
نقلاً عن موقع الآلوكة.