المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج

منذ 2009-09-29
السؤال: المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:

فإن مجلس هيئة كبار العلماء قد اطلع في دورته العاشرة المعقودة في مدينة الرياض فيما بين يوم 21/3/1397هـ و 1/4/1397هـ على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء في موضوع تحديد مهور النساء بناءاً على ما قضى به أمر سمو نائب رئيس مجلس الوزراء من عرض هذا الموضوع على هيئة كبار العلماء لإفادة سموه بما يتقرر وجرى استعراض بعض ما رفع للجهات المسئولة عن تمادي الناس في المغالاة في المهور والتسابق في إظهار البذخ والإسراف في حفلات الزواج وبتجاوز الحد في الولائم وما يصحبها من إضاءات عظيمة خارجة عن حد الاعتدال ولهو وغناء بالآت طرب محرمة بأصوات عالية قد تستمر طوال الليل حتى تعلو في بعض الأحيان على أصوات المؤذنين في صلاة الصبح.

وما يسبق ذلك من ولائم الخطوبة وولائم عقد القرأن كما استعرض بعض ما ورد في الحث على تخفيف المهور والإعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير فمن ذلك قوله الله تعالى: {ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما (رواه مسلم وأبو داود والنسائي) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: "سألت عائشة رضي الله عنها زوج النبي عليه الصلاة والسلام: كم كان صداق رسول الله؟ قالت: صداقه لأزواجه اثني عشرة أوقية ونشا قالت: أتدري ما النشُّ، قلت: لا، قالت: نصف أوقية فذلك خمسمائة درهم"

وقال عمر رضي الله عنه: "ما علمت رسول الله نكح شيئاً من نسائه، ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من أثني عشرة أوقية" قال الترمذي (حديث حسن صحيح)، وقد ثبت في (الصحيحين) وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج امرأة رجلا بما معه من القرآن. "

و(روى الترمذي وصححه) أن عمر رضي الله عنه قال: "لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مَكرمة في الدنيا أو تقوى عن الله كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، فما أصدق رسول الله امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن كان الرجل ليبتلي بصدقة امرأته حتى يكون عداوة في نفسه وحتى يقول كلفت لك علق القربة"

والأحاديث والآثار في الحض على الاعتدال في النفقات والنهي عن تجاوز الحاجة كثيرة معلومة وبناء على ذلك ولما يسببه هذا التمادي في المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا اقيمت الحفلات فيها مما يعد من أفحش المنكرات ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج فيجرهم ذلك إلى الزواج من مجتمع لا يتفق في أخلاقه وتقاليده مع مجتمعنا فيكثر الانحراف في العقيدة والأخلاق بل قد يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات، ولذلك كله فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى ضرورة معالجة هذا الوضع معالجة جادة وحازمة بما يلي:

1- يري المجلس منع الغناء الذي أحدث في حفلات الزواج بما يصحبه من آلات اللهو وما يستأجر له من مغنين ومغنيات وبالآت تكبير الصوت، لأن ذلك منكر محرم يجب منعه ومعاقبة فاعله.

2- منع اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها ومنع دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات ومعاقبة من يحصل عندهم ذلك من زوج وأولياء الزوجة معاقبة تزجر عن مثل هذا من المنكر.

3- منع الإسراف وتجاوز الحد في ولائم الزواج وتحذير الناس من ذلك بواسطة مأذوني عقود الأنكحة وفي وسائل الإعلام وأن يرغب الناس في تخفيف المهور ويذم لهم الإسراف في ذلك على منابر المساجد وفي مجالس العلم وفي برامج التوعية التي تبث في أجهزة الإعلام.

4- يرى المجلس بالأكثرية معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس إسرافا بيناً وأن يحال بواسطة أهل الحسبة إلى المحاكم ليعزر من يثبت مجاوزته الحد بما يراه الحاكم الشرعي من عقوبة رادعة زاجرة تكبح جماع الناس عن هذا الميدان المخيف، لأن من الناس من لا يمتنع إلا بعقوبة وولي الأمر وفقه الله عليه أن يعالج مشكلات الأمة بما يصلحها ويقضي على أسباب انحرافها وأن يوقع على كل مخالف من العقوبة ما يكفي لكفّه.

5- يرى المجلس الحث على تقليل المهور والترغيب في ذلك على منابر المساجد وفي وسائل الإعلام وذكر الأمثلة التي تكون قدوة في تسهيل الزواج إذا وجد من الناس من يرد بعض ما يدفع إليه من مهر أو اقتصر على حفلة متواضعة لما في القدوة من التأثير.

6- يرى المجلس أن من أنجح الوسائل في القضاء على السرف والإسراف أن يبدأ بذلك قادة الناس من الأمراء والعلماء وغيرهم من وجهاء الناس وأعيانهم وما لم يمتنع هؤلاء من الإسراف وإظهار البذخ والتبذير فإن عامة الناس لا يمتنعون من ذلك لأنهم تبع لرؤسائهم وأعيان مجتمعهم فعلى ولاة الأمر أن يبدأوا في ذلك بأنفسهم ويأمرون به ذوي خاصتهم قبل غيرهم ويؤكدوا على اقتداءاً برسول الله، ، وصحابته رضوان الله عليهم واحتياطاً لمجتمعهم لئلا تتفشى في العزوبة التي تنتج عنها انحراف الأخلاق وشيوع الفساد، وولاة الأمر مسؤولون أمام الله عن هذه الأمة وواجب عليهم كفهم عن السوء ومنع أسبابه عنهم وعليهم تقصي الأسباب التي تثبط الشباب عن الزواج، ليعالجوها بما يقضي على هذا الظاهرة والحكومة أعانها الله ووفقها قادرة بما أعطاها الله من إمكانيات متوفرة ورغبة أكيدة في الإصلاح أن تقضي على كل ما يضر بهذا المجتمع أو يوجد فيه أي انحراف وفقها الله لنصرة دينه وإعلاء كلمته وإصلاح عباده وأثابها أجزل الثواب في الدنيا والآخرة، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم.

المجمع الفقهي الإسلامي

مجمع الفقه الإسلامي

مجموعة من الفقهاء والعلماء والمفكرين في شتى مجالات المعرفة الفقهية والثقافية والعلمية والاقتصادية

  • 1
  • 0
  • 19,529

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً