فتوى في حكم الاختلاط في التعليم
حامد بن عبد الله العلي
- التصنيفات: العلاقة بين الجنسين -
السؤال: فضيلة الشيخ: ما حكم الاختلاط في التعليم؟!!
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه،
وبعد:
لا يختلف العلماء على أنَّ الاختلاط بين الجنسين في التعليم محرَّم، بل هو من أشدّ المحرمات، وما يترتب عليه من مفاسد لاتخفى على عاقل فضلاً عن عمن يتعلّم العلوم الشرعية، أما العالم بالشريعة، فإنْ خفي عليه هذا، فهو دليل على فقدانه أهلية الفتوى، أو يكون ممن في قلوبهم مرضٌ عافانا الله.
وقد بلغ من إدراك الناس مفاسده، أنْ صدر قبل ثلاث سنوات قرارٌ من الإدارة الأمريكية بناءً على أنَّ الإحصائيات أثبتت حصول الطلبة من الجنسين على درجات أعلى في المدارس غير المختلطة بمنح مدراء المدارس الحقّ في الفصل بين الجنسين، وقالت وزيرة التربية الأمريكية مارغريت سبيلنغ: "إنّ القرار يأتي انسجاماً مع حق كلّ طلاب الولايات المتحدة في الحصول على تعليم جيّد من جهة، وحقّ الهيئات التعليميّة بامتلاك الوسائل التي تكفل تحقيق هذا الهدف من جهة أخرى" .. ولفت مراقبون تربويون إلى انتشار المدارس العامة التي تعتمد الفصل الجنسي بشكل كامل في الآونة الأخيرة، حيث ارتفع عددها من أربعة عام 1998م إلى 228 في العام الحالي (CNN 27/10/2006).
وإذا كان التعليم غير المختلط أخذ يتسارع في الأمريكين بهذه الصورة، لما رأوا مفاسد الدراسة المختلطة، بعدما انتشر حمل السفاح، والإجهاض، والجرائم، فإنه ليس ثمة تفسير لإصرار الجهات الرسمية لدينا، وأذناب الاستعمار الجديد، على نشره في بلاد معروف شعبها بالمحافظة، والفضيلة، ومحاربة الرذائل إلاّ لتنفيذ مخطط الإفساد التخريبي الذي يمهد لطمس هوية المجتمع الإسلامية طمساً تاماً:
ذلك أنَّ الاختلاط في التعليم وسيلة خبيثة يقصد بها عدة أهداف:
- أحدها: نشر الرذيلة بين الجنسين.
- الثاني: نشر الدياثة في المجتمع.
- الثالث: تقبيح الفضيلة، وتهجينها، وجعلها في صورة التخلّف.
- الرابع: إبعاد الشباب في مراحل التعليم في بلادنا الإسلامية، عن الأجواء المحافظة، ووضعهم في بيئة متحللة، حتى يسهل تجنيدهم للثقافات الغربية.
وإذا كانت الشريعة المطهَّرة قد حرمت أشد التحريم على المرأة أن تخرج معطَّرة فيجد الرجال ريحها، وأن تسافر من غير محرم، وأن تخلو برجل، وأن تبدي من زينتها ما يستدعي النظر إليها، وأن تخضع بالقول فيسمع الرجال، سداً لذريعة الزنا، الذي هو أقبح جريمة إنسانية بعد الشرك، وقتل النفس، إذا كان الأمر كذلك، فحكم جعل الشباب، والشابات، في بيئة يختلطون فيها أكثر النهار، بحجة التعليم، أشدُّ تحريماً، والمنع هنا أظهر في الشريعة من منع كلِّ تلك الذائع التي وردت النصوص بتحريمها.
ولايعارض حقيقة أن الاختلاط في التعليم هو منبع الفساد، والإفساد إلا أحد شخصين:
مفتون بالغرب، مرتكس في فتنته، حتى عمي عن رؤية ما لديهم من مخازي، لاسيما على المستوى الأخلاقي، والثقافي، والاجتماعي، وأصبح كلّ همّه هو نقل ما لديهم عندنا، بعجره، وبجره، والعجيب في شأن هؤلاء المرتكسين، أنه حتى لو ترك الغربيون تجربة ما، بعد أن وجدوها سيّئة العواقب، يبقى الأذناب متمسّكون بها!!
والثاني: طالب لذّة يبتغيها من غير وجهها الحلال الذي أباحه الله، فهو لا يريد أن يمنع سمعه وبصره متعه الحديث، والنظر، والأنس، والسمر، طامعاً فيما وراء ذلك، ويجد في اختلاط التعليم سوقاً رائجة لمتعته التي ينشدها.
.. وإذا تُركت المجتمعات لهذين يقودان دفتها، فلا تسأل عن هلكتها.
ومعلوم أنَّ الأمة الإسلامية، وهي أمّة المعرفة، التي ملأت الدنيا علوما نافعة، يوم كانت أوربا تغرق في ظلمة الجهل: أنها منذ عصر النبوة إلى أن جاءنا الإستعمار بشروره، لاتعرف الاختلاط بين الجنسين في مجالس التعليم، وتعده من أقبح المنكرات، حتى إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل مصلى النساء في العيد منفصلاً، فعن جابر رضي الله عنه قال: "شهدت مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان، ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحثّ على الطاعة، ووعظ الناس، وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن، وذكرهنّ" (رواه مسلم والنسائي)، وفي لفظ لمسلم: "فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن".
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "الحديث فيه تقديم صلاة العيد على الخطبة، وترك الأذان، والإقامة، لصلاة العيد، وقد تقدم بسط ذلك، وفيه استحباب الوعظ، والتذكير، في خطبة العيد، واستحباب وعظ النساء، وتذكيرهن، وحثهنّ على الصدقة... وفيه أيضاً تمييز مجلس النساء إذا حضرن مجامع الرجال، لأن الاختلاط ربما كان سبباً للفتنة الناشئة عن النظر أو غيره".أ.هـ.
وليتساءل العقلاء: وما هي حصيلة هذه العقود من الركض وراء الغرب في قضايا المرأة، سوى ارتفاع نسبة الطلاق، وانتشار التفكك الأسرى، وتحويل المرأة إلى أكثر وسائل الدعاية انتشاراً، حتى صارت المرأة وسيلة دعائية لترويج أشد السلع حقارة!! (الأحذية، وإطارات السيارات)، وسوى استغلال المرأة أبشع استغلال في تجارة الجنس بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، في كلّ مكان، في الفضائيات وسائل الإعلام، والإنترنت، ومواخير الدعارة.
حتى إنك كلما اقتربت من العواصم الغربية، وجدت المرأة هناك أتعس ما تكون، وقد ضُرب لنا أوضح مثل، في حصول أمريكا على الرقم القياسي عالمياً في إهانة المرأة بالتحرش الجنسي في العمل المختلط، وحمل الفتيات سفاحاً في المدارس المختلطة، بل في نسبة الاغتصاب، والحمل سفاحاً داخل الأسرة، وانتشار الإجهاض!!
وقبل أكثر من عشر سنوات تقريباً، حذرت الدكتورة سارة الجلوي آل سعود من التيار التغريبي في الخليج، وذلك في مؤتمر عن المرأة في الصحافة الخليجية جرى في قطر، قالت عن نشاطاته: "ضاغطة تمارس عملية تحد للدين، والقيم، والأخلاقيات، وإنها استطاعت تغيير كثير من المفهومات الأصيلة المرتبطة بالدين، وأحكامه، وقيمه، وصبغها بالصبغة الغربية في محاولة لإلباس الدين ثوباً غربياً، حضارياً، في قضايا مثل الحرية، والمساواة، والعدالة، والحلال، والحرام، والاختلاط، والحجاب، وتعدد الزوجات، وقامت بعملية تسطيح ثقافي خطير، وانهزام نفسي، وتفاهة في الاهتمامات، ظهرت نتائج ذلك على الناشئة الذين مسخت شخصيتهم الذاتية، وطمست هويتهم ...".
ويبدو أنَّ تحذيرها المبكر، أخذ يؤتي ثماره المرّة، ووصل الغزو الأخلاقي إلى جوار مكة المكرمة!!
غير أننا على يقين أن هذا التيار سيهزم، وأن دعاة الرشد والهدى سينتصرون في النهاية، كما قال الحق: {فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
لا يختلف العلماء على أنَّ الاختلاط بين الجنسين في التعليم محرَّم، بل هو من أشدّ المحرمات، وما يترتب عليه من مفاسد لاتخفى على عاقل فضلاً عن عمن يتعلّم العلوم الشرعية، أما العالم بالشريعة، فإنْ خفي عليه هذا، فهو دليل على فقدانه أهلية الفتوى، أو يكون ممن في قلوبهم مرضٌ عافانا الله.
وقد بلغ من إدراك الناس مفاسده، أنْ صدر قبل ثلاث سنوات قرارٌ من الإدارة الأمريكية بناءً على أنَّ الإحصائيات أثبتت حصول الطلبة من الجنسين على درجات أعلى في المدارس غير المختلطة بمنح مدراء المدارس الحقّ في الفصل بين الجنسين، وقالت وزيرة التربية الأمريكية مارغريت سبيلنغ: "إنّ القرار يأتي انسجاماً مع حق كلّ طلاب الولايات المتحدة في الحصول على تعليم جيّد من جهة، وحقّ الهيئات التعليميّة بامتلاك الوسائل التي تكفل تحقيق هذا الهدف من جهة أخرى" .. ولفت مراقبون تربويون إلى انتشار المدارس العامة التي تعتمد الفصل الجنسي بشكل كامل في الآونة الأخيرة، حيث ارتفع عددها من أربعة عام 1998م إلى 228 في العام الحالي (CNN 27/10/2006).
وإذا كان التعليم غير المختلط أخذ يتسارع في الأمريكين بهذه الصورة، لما رأوا مفاسد الدراسة المختلطة، بعدما انتشر حمل السفاح، والإجهاض، والجرائم، فإنه ليس ثمة تفسير لإصرار الجهات الرسمية لدينا، وأذناب الاستعمار الجديد، على نشره في بلاد معروف شعبها بالمحافظة، والفضيلة، ومحاربة الرذائل إلاّ لتنفيذ مخطط الإفساد التخريبي الذي يمهد لطمس هوية المجتمع الإسلامية طمساً تاماً:
ذلك أنَّ الاختلاط في التعليم وسيلة خبيثة يقصد بها عدة أهداف:
- أحدها: نشر الرذيلة بين الجنسين.
- الثاني: نشر الدياثة في المجتمع.
- الثالث: تقبيح الفضيلة، وتهجينها، وجعلها في صورة التخلّف.
- الرابع: إبعاد الشباب في مراحل التعليم في بلادنا الإسلامية، عن الأجواء المحافظة، ووضعهم في بيئة متحللة، حتى يسهل تجنيدهم للثقافات الغربية.
وإذا كانت الشريعة المطهَّرة قد حرمت أشد التحريم على المرأة أن تخرج معطَّرة فيجد الرجال ريحها، وأن تسافر من غير محرم، وأن تخلو برجل، وأن تبدي من زينتها ما يستدعي النظر إليها، وأن تخضع بالقول فيسمع الرجال، سداً لذريعة الزنا، الذي هو أقبح جريمة إنسانية بعد الشرك، وقتل النفس، إذا كان الأمر كذلك، فحكم جعل الشباب، والشابات، في بيئة يختلطون فيها أكثر النهار، بحجة التعليم، أشدُّ تحريماً، والمنع هنا أظهر في الشريعة من منع كلِّ تلك الذائع التي وردت النصوص بتحريمها.
ولايعارض حقيقة أن الاختلاط في التعليم هو منبع الفساد، والإفساد إلا أحد شخصين:
مفتون بالغرب، مرتكس في فتنته، حتى عمي عن رؤية ما لديهم من مخازي، لاسيما على المستوى الأخلاقي، والثقافي، والاجتماعي، وأصبح كلّ همّه هو نقل ما لديهم عندنا، بعجره، وبجره، والعجيب في شأن هؤلاء المرتكسين، أنه حتى لو ترك الغربيون تجربة ما، بعد أن وجدوها سيّئة العواقب، يبقى الأذناب متمسّكون بها!!
والثاني: طالب لذّة يبتغيها من غير وجهها الحلال الذي أباحه الله، فهو لا يريد أن يمنع سمعه وبصره متعه الحديث، والنظر، والأنس، والسمر، طامعاً فيما وراء ذلك، ويجد في اختلاط التعليم سوقاً رائجة لمتعته التي ينشدها.
.. وإذا تُركت المجتمعات لهذين يقودان دفتها، فلا تسأل عن هلكتها.
ومعلوم أنَّ الأمة الإسلامية، وهي أمّة المعرفة، التي ملأت الدنيا علوما نافعة، يوم كانت أوربا تغرق في ظلمة الجهل: أنها منذ عصر النبوة إلى أن جاءنا الإستعمار بشروره، لاتعرف الاختلاط بين الجنسين في مجالس التعليم، وتعده من أقبح المنكرات، حتى إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل مصلى النساء في العيد منفصلاً، فعن جابر رضي الله عنه قال: "شهدت مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان، ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحثّ على الطاعة، ووعظ الناس، وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن، وذكرهنّ" (رواه مسلم والنسائي)، وفي لفظ لمسلم: "فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن".
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "الحديث فيه تقديم صلاة العيد على الخطبة، وترك الأذان، والإقامة، لصلاة العيد، وقد تقدم بسط ذلك، وفيه استحباب الوعظ، والتذكير، في خطبة العيد، واستحباب وعظ النساء، وتذكيرهن، وحثهنّ على الصدقة... وفيه أيضاً تمييز مجلس النساء إذا حضرن مجامع الرجال، لأن الاختلاط ربما كان سبباً للفتنة الناشئة عن النظر أو غيره".أ.هـ.
وليتساءل العقلاء: وما هي حصيلة هذه العقود من الركض وراء الغرب في قضايا المرأة، سوى ارتفاع نسبة الطلاق، وانتشار التفكك الأسرى، وتحويل المرأة إلى أكثر وسائل الدعاية انتشاراً، حتى صارت المرأة وسيلة دعائية لترويج أشد السلع حقارة!! (الأحذية، وإطارات السيارات)، وسوى استغلال المرأة أبشع استغلال في تجارة الجنس بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، في كلّ مكان، في الفضائيات وسائل الإعلام، والإنترنت، ومواخير الدعارة.
حتى إنك كلما اقتربت من العواصم الغربية، وجدت المرأة هناك أتعس ما تكون، وقد ضُرب لنا أوضح مثل، في حصول أمريكا على الرقم القياسي عالمياً في إهانة المرأة بالتحرش الجنسي في العمل المختلط، وحمل الفتيات سفاحاً في المدارس المختلطة، بل في نسبة الاغتصاب، والحمل سفاحاً داخل الأسرة، وانتشار الإجهاض!!
وقبل أكثر من عشر سنوات تقريباً، حذرت الدكتورة سارة الجلوي آل سعود من التيار التغريبي في الخليج، وذلك في مؤتمر عن المرأة في الصحافة الخليجية جرى في قطر، قالت عن نشاطاته: "ضاغطة تمارس عملية تحد للدين، والقيم، والأخلاقيات، وإنها استطاعت تغيير كثير من المفهومات الأصيلة المرتبطة بالدين، وأحكامه، وقيمه، وصبغها بالصبغة الغربية في محاولة لإلباس الدين ثوباً غربياً، حضارياً، في قضايا مثل الحرية، والمساواة، والعدالة، والحلال، والحرام، والاختلاط، والحجاب، وتعدد الزوجات، وقامت بعملية تسطيح ثقافي خطير، وانهزام نفسي، وتفاهة في الاهتمامات، ظهرت نتائج ذلك على الناشئة الذين مسخت شخصيتهم الذاتية، وطمست هويتهم ...".
ويبدو أنَّ تحذيرها المبكر، أخذ يؤتي ثماره المرّة، ووصل الغزو الأخلاقي إلى جوار مكة المكرمة!!
غير أننا على يقين أن هذا التيار سيهزم، وأن دعاة الرشد والهدى سينتصرون في النهاية، كما قال الحق: {فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.