أريد أن أطلقها دون أن أظلمها
منذ 2010-02-27
السؤال: فضيلة الشَّيخ، تزوَّجت من ابنة خالتى منذ سنتَين ونصف، وشاء المولى -
سبحانه وتعالى - أن ينتهي حملها الأوَّل والثَّاني إلى السُّقوط، في
حين ولدتْ من حَملها الثَّالث طفلة تُوفيت بعد 20 يومًا.
من مُميِّزاتها: أنَّها تُواظِب على الصَّلاة، ولا تفرِّط فيها إلاَّ نادرًا، وأنَّها ترْعى حقَّ البيْت وتُواظب على نظافتِه، كما تُحاول دائمًا أن تتزيَّن وأن تغيِّر من شكلها.
ومن عيوبها: أنَّها متمرِّدة بعض الشيء (عنيدة)، وأنَّها إذا غضِبت أخرجت كلامًا مسيئًا لي ولأهلي، وهو كلام لا يُحتمل، كما أنَّها شديدة الغيرة؛ حتى إنَّها اتَّهمتْني بأني أتعامل مع زوْجات إخوتي بأسلوب فيه شبهة، وتَمادتْ للقوْل بأنَّهنَّ يُفكِّرن فيَّ، مع العِلم أنِّي لم أتعامل معهنَّ إلاَّ في وجود إخوتي، والتَّعامل مِن الأساس يَقتصِر على السَّلام والسُّؤال عن الوالدَين، ثمَّ تَجلس النِّساء مع النساء والرِّجال مع الرِّجال، وبشكْلٍ عام فقد ذكرتْ زوجات إخْوتي بما يشين أخلاقهنَّ وأعراضهنَّ أكثر من مرَّة.
وتقول بأني أضيِّع كرامتي حين أرحِّب بشكْل مُبالغ فيه بأهل زوْجات إخوتي، علمًا بأنَّهم ذوو رحِم أيضًا، وواقِع الأمر أني شعُرتُ بها تُحاول أن تُوغر صدْري من ناحيَتهم، أو تُحاول أن أقطع صلتي بِهم، وأن أُحجِّم علاقتي القويَّة بإخوتي.
وحين واجهتُها بهذا الأمر أَنكرت، وقالت: إنَّها تُحبُّني كثيرًا وتُريد أن تكون الأقرب لي من أي إنسان آخر.
وكثيرًا ما تسيء الظَّنَّ بالأقارب، فإذا ما أصابنا سوءٌ فتلك عين فُلان، وإذا ما زارنا أحد فيجِب أن نتأكَّد أنَّه لن يضَعَ لنا عملاً أو يصنع لنا سحرًا، وهي لا تنسى الإساءة صغُرت أو كبُرت، بل تظلُّ تحمِل في نفسِها منك شيئًا حتَّى لو ضحِكت أو تعاملتْ بشكْل لا يوحي بذلك.
كما أنَّها مسرفة، ولا تكترِث بِحفظ المال، وتُحب الشِّراء، وتغضب إذا رفضت لها أيَّ طلب، وتُقارن بين حياتِنا وحياة أقاربنا.
وآخر المشكِلات بينَنا تكمُن في تدخُّل والدتِها، من خِلال الاتِّصال بزوْجة أخي ومُعاتبتها على سُوء معاملتِها لزوجتي، ولا يوجد مظهر واضح لسوء المعاملة هذا سوى روايةِ بعض الكلِمات التي يُفَسِّرها كلٌّ منهم بِحسب مزاجه.
وحينما طلبتُ منها ألاَّ تُدْخِل أمَّها في هذا الشَّأن، وأنَّ هذا الأمر يَخصُّنا ويخصُّ أسرة أخي، وإن اقتضى الأمر فلْتغْلِق كلٌّ منكما بابَها وتنقطِع عن الأخرى، فوجئت بأمها تتَّصل بي وتهدِّدُني بأنَّها صاحبة حقٍّ في التدخُّل كما تريد، وأنَّني إذا لم أتغيَّر فسأرى وجهًا آخر، وأنَّها ستحضُر لتطلِّق ابنتَها وتأخذ أثاثَ المنزل، ولك أن تتخيَّل بقيَّة القصَّة.
لكن أكثر ما فيها إثارة أنَّها تعتقِد أنَّ سبب المشكلة هو حسَد أحد أقاربِنا لنا.
وأنا - يا شيخي - أعيش في بيت عائلة من ثلاثة إخوة، لكلٍّ منهُم شقَّة منفصِلة، وعلاقتُها بزوْجات إخوتي سيِّئة، وتسبَّب هذا في العديد من المشكلات.
وحاليًّا تعتقِد أنَّ أمَّ زوْجة أخي الأصغر هي السَّبب في وفاة ابنتِنا؛ حيث إنَّها زارتْها أثْناء الحمل ووضعتْ يدَها على بطنِها - حسَب رواية زوجتي - وقد فتح هذا الأمر أبوابَ الجحيم على حياتِنا.
وقد حاولتُ معها بشتَّى السُّبل نصحًا وإرشادًا وعقابًا، فلم يسفر ذلك عن شيء، هي تقول: إنَّها تُحبني ولا تُريد فراقي حتَّى لو أسفرت نتيجة التَّحاليل الحالية عن وجود عيوبٍ وراثيَّة تَمنع الإنجاب، وأنا لا أريد أن أظلمها، وفي نفس الوقت لا أريد أن أعيش في هذا الجحيم.
وأصْدقُك القول - يا شيخي - أنني مؤخَّرًا - وبعد وفاة الطِّفلة، وما أشار إليه الأطبَّاء من احتِمال وجود مشاكلَ وراثيَّة - تغيَّر في نفسي شيء منْها، ولم أعُد أحتمل أي أخطاء منْها، والغريب أنَّها تحت دعْوى نفسيَّتها الحزينة على فقْد الطِّفْلة، طلبت الذَّهاب لمصفِّفة الشَّعر وشراء ملابس جديدة، وتريد شراء أثاثٍ جديد للمنزل، بالإضافة إلى محاولة إقناعي بالسَّفر في إجازة يومًا أو اثنين، ووافقت على الأُولى، أمَّا الثَّانية فتكفَّلت أمها بشراء الملابس دون إخطاري، ويبقى إلحاحُها على الأثاث والسَّفر، وبالطَّبع فكلُّ هذا مكلِّف.
وبدأت أفكِّر كثيرًا في طلاقِها - الذي تطلبه أساسًا بشكْل مستمرٍّ ودوري كلّ شجار - فستتحسَّن علاقتي بإخوتي وأتفرَّغ لعملي وأبحاثي، وأتفادى كلماتِها السَّليطة - مثل عدم رجولتي أنا وإخوتي - وأتفادى أيضًا دائِرة الشَّكِّ في الجميع، وكأنَّ النَّاس كلَّهم سحرة وجميعَهم يريدون لنا الضَّرر، ولا أدري هل في هذا ظلمٌ لها، خاصَّة أنَّه ربَّما يترتَّب عليْه قطعٌ للرَّحِم؟ وماذا إن كنت قَد نويْت أن أُعطيَها فوق حقِّها - في حالِ الطَّلاق - وماذا أفعل إن أثبتتِ التَّحاليل فعلاً صعوبة الإنجاب؟
أنا أريد طلاقَها، فهل ترى فيما ذكرتُ مبرِّرًا شرعيًّا؟
مع العلم - والمُثير للدَّهشة في نفس الوقْت - أنَّها تَعيش حاليًّا في منزلٍ أفضل من منزلِها، وفي مستوى أفضل من مستوى أسرتِها، فهل إذا طلَّقتُها وعادتْ لهذِه الحياة أكون قد ظلمتُها؟
أنا أريدُ حياةً هادئة، ولا أجد في قلبي حبًّا لها، وسُبحان الله.
أرجو منك إجابتي، وسامحني إن أطلْتُ، والسَّلام عليْكم ورحْمة الله.
من مُميِّزاتها: أنَّها تُواظِب على الصَّلاة، ولا تفرِّط فيها إلاَّ نادرًا، وأنَّها ترْعى حقَّ البيْت وتُواظب على نظافتِه، كما تُحاول دائمًا أن تتزيَّن وأن تغيِّر من شكلها.
ومن عيوبها: أنَّها متمرِّدة بعض الشيء (عنيدة)، وأنَّها إذا غضِبت أخرجت كلامًا مسيئًا لي ولأهلي، وهو كلام لا يُحتمل، كما أنَّها شديدة الغيرة؛ حتى إنَّها اتَّهمتْني بأني أتعامل مع زوْجات إخوتي بأسلوب فيه شبهة، وتَمادتْ للقوْل بأنَّهنَّ يُفكِّرن فيَّ، مع العِلم أنِّي لم أتعامل معهنَّ إلاَّ في وجود إخوتي، والتَّعامل مِن الأساس يَقتصِر على السَّلام والسُّؤال عن الوالدَين، ثمَّ تَجلس النِّساء مع النساء والرِّجال مع الرِّجال، وبشكْلٍ عام فقد ذكرتْ زوجات إخْوتي بما يشين أخلاقهنَّ وأعراضهنَّ أكثر من مرَّة.
وتقول بأني أضيِّع كرامتي حين أرحِّب بشكْل مُبالغ فيه بأهل زوْجات إخوتي، علمًا بأنَّهم ذوو رحِم أيضًا، وواقِع الأمر أني شعُرتُ بها تُحاول أن تُوغر صدْري من ناحيَتهم، أو تُحاول أن أقطع صلتي بِهم، وأن أُحجِّم علاقتي القويَّة بإخوتي.
وحين واجهتُها بهذا الأمر أَنكرت، وقالت: إنَّها تُحبُّني كثيرًا وتُريد أن تكون الأقرب لي من أي إنسان آخر.
وكثيرًا ما تسيء الظَّنَّ بالأقارب، فإذا ما أصابنا سوءٌ فتلك عين فُلان، وإذا ما زارنا أحد فيجِب أن نتأكَّد أنَّه لن يضَعَ لنا عملاً أو يصنع لنا سحرًا، وهي لا تنسى الإساءة صغُرت أو كبُرت، بل تظلُّ تحمِل في نفسِها منك شيئًا حتَّى لو ضحِكت أو تعاملتْ بشكْل لا يوحي بذلك.
كما أنَّها مسرفة، ولا تكترِث بِحفظ المال، وتُحب الشِّراء، وتغضب إذا رفضت لها أيَّ طلب، وتُقارن بين حياتِنا وحياة أقاربنا.
وآخر المشكِلات بينَنا تكمُن في تدخُّل والدتِها، من خِلال الاتِّصال بزوْجة أخي ومُعاتبتها على سُوء معاملتِها لزوجتي، ولا يوجد مظهر واضح لسوء المعاملة هذا سوى روايةِ بعض الكلِمات التي يُفَسِّرها كلٌّ منهم بِحسب مزاجه.
وحينما طلبتُ منها ألاَّ تُدْخِل أمَّها في هذا الشَّأن، وأنَّ هذا الأمر يَخصُّنا ويخصُّ أسرة أخي، وإن اقتضى الأمر فلْتغْلِق كلٌّ منكما بابَها وتنقطِع عن الأخرى، فوجئت بأمها تتَّصل بي وتهدِّدُني بأنَّها صاحبة حقٍّ في التدخُّل كما تريد، وأنَّني إذا لم أتغيَّر فسأرى وجهًا آخر، وأنَّها ستحضُر لتطلِّق ابنتَها وتأخذ أثاثَ المنزل، ولك أن تتخيَّل بقيَّة القصَّة.
لكن أكثر ما فيها إثارة أنَّها تعتقِد أنَّ سبب المشكلة هو حسَد أحد أقاربِنا لنا.
وأنا - يا شيخي - أعيش في بيت عائلة من ثلاثة إخوة، لكلٍّ منهُم شقَّة منفصِلة، وعلاقتُها بزوْجات إخوتي سيِّئة، وتسبَّب هذا في العديد من المشكلات.
وحاليًّا تعتقِد أنَّ أمَّ زوْجة أخي الأصغر هي السَّبب في وفاة ابنتِنا؛ حيث إنَّها زارتْها أثْناء الحمل ووضعتْ يدَها على بطنِها - حسَب رواية زوجتي - وقد فتح هذا الأمر أبوابَ الجحيم على حياتِنا.
وقد حاولتُ معها بشتَّى السُّبل نصحًا وإرشادًا وعقابًا، فلم يسفر ذلك عن شيء، هي تقول: إنَّها تُحبني ولا تُريد فراقي حتَّى لو أسفرت نتيجة التَّحاليل الحالية عن وجود عيوبٍ وراثيَّة تَمنع الإنجاب، وأنا لا أريد أن أظلمها، وفي نفس الوقت لا أريد أن أعيش في هذا الجحيم.
وأصْدقُك القول - يا شيخي - أنني مؤخَّرًا - وبعد وفاة الطِّفلة، وما أشار إليه الأطبَّاء من احتِمال وجود مشاكلَ وراثيَّة - تغيَّر في نفسي شيء منْها، ولم أعُد أحتمل أي أخطاء منْها، والغريب أنَّها تحت دعْوى نفسيَّتها الحزينة على فقْد الطِّفْلة، طلبت الذَّهاب لمصفِّفة الشَّعر وشراء ملابس جديدة، وتريد شراء أثاثٍ جديد للمنزل، بالإضافة إلى محاولة إقناعي بالسَّفر في إجازة يومًا أو اثنين، ووافقت على الأُولى، أمَّا الثَّانية فتكفَّلت أمها بشراء الملابس دون إخطاري، ويبقى إلحاحُها على الأثاث والسَّفر، وبالطَّبع فكلُّ هذا مكلِّف.
وبدأت أفكِّر كثيرًا في طلاقِها - الذي تطلبه أساسًا بشكْل مستمرٍّ ودوري كلّ شجار - فستتحسَّن علاقتي بإخوتي وأتفرَّغ لعملي وأبحاثي، وأتفادى كلماتِها السَّليطة - مثل عدم رجولتي أنا وإخوتي - وأتفادى أيضًا دائِرة الشَّكِّ في الجميع، وكأنَّ النَّاس كلَّهم سحرة وجميعَهم يريدون لنا الضَّرر، ولا أدري هل في هذا ظلمٌ لها، خاصَّة أنَّه ربَّما يترتَّب عليْه قطعٌ للرَّحِم؟ وماذا إن كنت قَد نويْت أن أُعطيَها فوق حقِّها - في حالِ الطَّلاق - وماذا أفعل إن أثبتتِ التَّحاليل فعلاً صعوبة الإنجاب؟
أنا أريد طلاقَها، فهل ترى فيما ذكرتُ مبرِّرًا شرعيًّا؟
مع العلم - والمُثير للدَّهشة في نفس الوقْت - أنَّها تَعيش حاليًّا في منزلٍ أفضل من منزلِها، وفي مستوى أفضل من مستوى أسرتِها، فهل إذا طلَّقتُها وعادتْ لهذِه الحياة أكون قد ظلمتُها؟
أنا أريدُ حياةً هادئة، ولا أجد في قلبي حبًّا لها، وسُبحان الله.
أرجو منك إجابتي، وسامحني إن أطلْتُ، والسَّلام عليْكم ورحْمة الله.
الإجابة: الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن
والاه، أمَّا بعدُ:
فالطَّلاق مباحٌ في الشريعة الإسلامية عند الحاجة إليْه، وليْس مكروهًا ولا محرَّمًا؛ وذلك لدفْع سوء خلُق المرْأة، أو سوء عشرتِها، أو لعدم رغبتِه فيها مطلقًا، وإنَّما يُكْرَه الطَّلاق من غير سببٍ يُبيحُه، فالطَّلاق لا يُباح إلاَّ للحاجة، ويكره لغير الحاجة.
قال شيخُ الإسلامِ ابن تيمية - رحمه الله -: "والله - تعالى - إنَّما حرَّم المرأة بعد الطَّلقة الثَّالثة عقوبةً للرَّجُل؛ لئلاَّ يطلِّق لغير حاجة؛ فإنَّ الأصل في الطَّلاق الحظر، وإنَّما أُبيح منه قدر الحاجة، والحاجة تندفع بثلاث مرَّات؛ ولهذا أبيحتِ الهجْرة ثلاثًا، والإحْداد لغير موْتِ الزَّوج ثلاثًا، ومقام المهاجر بمكَّة بعد قضاء نسكِه ثلاثًا، والأصْل في الهجْرة ومقام المهاجر بِمكَّة التَّحريم". اهـ.
وقال في موضع آخر: "الأصل في الطَّلاق الحظر، وإنَّما أُبيح منه قدر الحاجة، كما ثبتَ في الصَّحيح عن جابرٍ عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: " ".
وقد قال - تعالى - في ذمِّ السحر: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102]، وفي السُّنن عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: " "، وفي السُّنن أيضًا عن النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال: " "؛ ولهذا لم يبح إلاَّ ثلاث مرَّات، وحرمت عليْه المرأة بعد الثَّالثة حتَّى تنكح زوجًا غيره".
وقال الشيخ ابنُ عثيمين في "الشَّرح الممتع": "الأصْل في الطَّلاق الكراهة، والدَّليل قولُه تعالى في الَّذين يؤْلون من نسائهم - أي: يَحلفون ألاَّ يُجامِعوا مدَّة أربعة أشهر -: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226، 227]، وهذا فيه شيءٌ من التَّهديد، لكن في الفيْء - أي: الرجوع - قال: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فدلَّ هذا على أنَّ الطَّلاق غير محبوب إلى الله - عزَّ وجلَّ - وأنَّ الأصلَ فيه الكراهة، وهو كذلك". اهـ.
فإذا كان هناك سبب، فالطَّلاق مباح، وليس مكروهًا؛ قال ابن قدامة - رحِمه الله - في "المغني" في حكم الطَّلاق: "ومكروه: وهُو الطَّلاق من غَير حاجةٍ إليه .... والثَّالث: مباح، وهو عند الحاجة إليْه؛ لسوء خلُق المرأة، وسوء عشرتِها، والتضرُّر بها من غير حصول الغرض بها". انتهى كلامُه.
وعليه؛ فما ذكرَه السَّائل الكريم من أسباب كثيرة تَجعل الطَّلاق في حقِّه مباحًا، وليس مكروهًا، وحيثُ إنَّه سيصنَع ما يُباح له، فلا شيءَ عليْه ممَّا يترتَّب عليه من قطيعة رحِم، وإنَّما الواجب عليْه أن يصِل رحِمَه وإن قطعوها.
هذا؛ وإن كنَّا ننصح السَّائل الكريم بالتريُّث بعض الشَّيء، والتحلِّي بالصَّبر الجميل، وأن تُصارح زوجتَك بما فيها مِن عيوب، وأن تلك العيوب هي في الحقيقة مجموعةٌ من كبائر الذُّنوب، يَجب عليها سرعة التَّوبة منها، واستِحْلال مَن اغتابتهم، وبهتتهم، أو الاستغفار والدُّعاء لهم، إن ترتَّب على إخبارهم ضررٌ أكبر.
ولتُعْلِمْها بأنَّك لا تستطيع الحياةَ معها في ظلِّ تلك الأخلاق، فيجب عليْها مجاهدةُ نفسِها بتغيير سلوكِها السيئ، ومنْه عدم إشراك أمِّها في حياتِكما؛ لأنَّ الظَّاهر أنَّ أمَّها لا تتحلَّى بالحكمة، ولتحاول أن يكون ذلك في جوٍّ من الشَّفافية والهدوء، والتَّذكير والوعظ والتراحم، والتَّخْويف بالله من خطورة ما تفعلُه، وأنَّه من سوء الخلق، وضَعف الدين، وسوء العِشْرة، والتَّفريط في حقِّ الزَّوج الَّذي عظَّمه الله - تعالى - ورسوله، ويمكِنك الاستِعانة بامرأةٍ عاقِلة صالحة وصاحِبة خبرة حياتيَّة؛ لنصْحِها وإرشادها، لأنَّه - مع الأسف - معظم الفتيات لا يتعلَّمن في بيوتِهنَّ فقْه الزَّواج، وما هو حق الزوج.
كما أنَّه عليْك أن تتغاضى عن كثيرٍ من الأمور اليسيرة غير الجوهريَّة؛ ما لم يستفحِل أمرها، فإنْ لم تستجب فأخبِرْها بعزمِك على فراقِها؛ فربَّما دفعها ذلك لأن تَرْعوي وترتدع، فإن صلح حالها، فبِها ونعمت، ومسألة الأوْلاد يمكنك التغلُّب عليْها بالزَّواج بأخرى.
ولكن إن لم ينصلِح حالُها - لا قدَّر الله - وتعذَّر استِدامة العشرة بينكما، فلا حرجَ حينئذٍ في الطَّلاق؛ لكونِه آخرَ الدَّواء، كما قيل: آخر الدَّواء الكَيُّ، وأن تسرِّحَها بإحسان وتُعطيها كامل حقوقها؛ قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً} [النساء: 130].
ونسأل الله - تعالى - أن يختار لكما الخير، وأن يصلح أحوالَكما وأحوال المسلمين،، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلا عن موق الألوكة.
فالطَّلاق مباحٌ في الشريعة الإسلامية عند الحاجة إليْه، وليْس مكروهًا ولا محرَّمًا؛ وذلك لدفْع سوء خلُق المرْأة، أو سوء عشرتِها، أو لعدم رغبتِه فيها مطلقًا، وإنَّما يُكْرَه الطَّلاق من غير سببٍ يُبيحُه، فالطَّلاق لا يُباح إلاَّ للحاجة، ويكره لغير الحاجة.
قال شيخُ الإسلامِ ابن تيمية - رحمه الله -: "والله - تعالى - إنَّما حرَّم المرأة بعد الطَّلقة الثَّالثة عقوبةً للرَّجُل؛ لئلاَّ يطلِّق لغير حاجة؛ فإنَّ الأصل في الطَّلاق الحظر، وإنَّما أُبيح منه قدر الحاجة، والحاجة تندفع بثلاث مرَّات؛ ولهذا أبيحتِ الهجْرة ثلاثًا، والإحْداد لغير موْتِ الزَّوج ثلاثًا، ومقام المهاجر بمكَّة بعد قضاء نسكِه ثلاثًا، والأصْل في الهجْرة ومقام المهاجر بِمكَّة التَّحريم". اهـ.
وقال في موضع آخر: "الأصل في الطَّلاق الحظر، وإنَّما أُبيح منه قدر الحاجة، كما ثبتَ في الصَّحيح عن جابرٍ عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: " ".
وقد قال - تعالى - في ذمِّ السحر: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102]، وفي السُّنن عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: " "، وفي السُّنن أيضًا عن النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال: " "؛ ولهذا لم يبح إلاَّ ثلاث مرَّات، وحرمت عليْه المرأة بعد الثَّالثة حتَّى تنكح زوجًا غيره".
وقال الشيخ ابنُ عثيمين في "الشَّرح الممتع": "الأصْل في الطَّلاق الكراهة، والدَّليل قولُه تعالى في الَّذين يؤْلون من نسائهم - أي: يَحلفون ألاَّ يُجامِعوا مدَّة أربعة أشهر -: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226، 227]، وهذا فيه شيءٌ من التَّهديد، لكن في الفيْء - أي: الرجوع - قال: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فدلَّ هذا على أنَّ الطَّلاق غير محبوب إلى الله - عزَّ وجلَّ - وأنَّ الأصلَ فيه الكراهة، وهو كذلك". اهـ.
فإذا كان هناك سبب، فالطَّلاق مباح، وليس مكروهًا؛ قال ابن قدامة - رحِمه الله - في "المغني" في حكم الطَّلاق: "ومكروه: وهُو الطَّلاق من غَير حاجةٍ إليه .... والثَّالث: مباح، وهو عند الحاجة إليْه؛ لسوء خلُق المرأة، وسوء عشرتِها، والتضرُّر بها من غير حصول الغرض بها". انتهى كلامُه.
وعليه؛ فما ذكرَه السَّائل الكريم من أسباب كثيرة تَجعل الطَّلاق في حقِّه مباحًا، وليس مكروهًا، وحيثُ إنَّه سيصنَع ما يُباح له، فلا شيءَ عليْه ممَّا يترتَّب عليه من قطيعة رحِم، وإنَّما الواجب عليْه أن يصِل رحِمَه وإن قطعوها.
هذا؛ وإن كنَّا ننصح السَّائل الكريم بالتريُّث بعض الشَّيء، والتحلِّي بالصَّبر الجميل، وأن تُصارح زوجتَك بما فيها مِن عيوب، وأن تلك العيوب هي في الحقيقة مجموعةٌ من كبائر الذُّنوب، يَجب عليها سرعة التَّوبة منها، واستِحْلال مَن اغتابتهم، وبهتتهم، أو الاستغفار والدُّعاء لهم، إن ترتَّب على إخبارهم ضررٌ أكبر.
ولتُعْلِمْها بأنَّك لا تستطيع الحياةَ معها في ظلِّ تلك الأخلاق، فيجب عليْها مجاهدةُ نفسِها بتغيير سلوكِها السيئ، ومنْه عدم إشراك أمِّها في حياتِكما؛ لأنَّ الظَّاهر أنَّ أمَّها لا تتحلَّى بالحكمة، ولتحاول أن يكون ذلك في جوٍّ من الشَّفافية والهدوء، والتَّذكير والوعظ والتراحم، والتَّخْويف بالله من خطورة ما تفعلُه، وأنَّه من سوء الخلق، وضَعف الدين، وسوء العِشْرة، والتَّفريط في حقِّ الزَّوج الَّذي عظَّمه الله - تعالى - ورسوله، ويمكِنك الاستِعانة بامرأةٍ عاقِلة صالحة وصاحِبة خبرة حياتيَّة؛ لنصْحِها وإرشادها، لأنَّه - مع الأسف - معظم الفتيات لا يتعلَّمن في بيوتِهنَّ فقْه الزَّواج، وما هو حق الزوج.
كما أنَّه عليْك أن تتغاضى عن كثيرٍ من الأمور اليسيرة غير الجوهريَّة؛ ما لم يستفحِل أمرها، فإنْ لم تستجب فأخبِرْها بعزمِك على فراقِها؛ فربَّما دفعها ذلك لأن تَرْعوي وترتدع، فإن صلح حالها، فبِها ونعمت، ومسألة الأوْلاد يمكنك التغلُّب عليْها بالزَّواج بأخرى.
ولكن إن لم ينصلِح حالُها - لا قدَّر الله - وتعذَّر استِدامة العشرة بينكما، فلا حرجَ حينئذٍ في الطَّلاق؛ لكونِه آخرَ الدَّواء، كما قيل: آخر الدَّواء الكَيُّ، وأن تسرِّحَها بإحسان وتُعطيها كامل حقوقها؛ قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً} [النساء: 130].
ونسأل الله - تعالى - أن يختار لكما الخير، وأن يصلح أحوالَكما وأحوال المسلمين،، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلا عن موق الألوكة.
- التصنيف: