هل إثبات صفة العينين لله تعالى فيه تشبيه له بالخلق؟
منذ 2011-03-22
السؤال: صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك سلمه الله يذهب بعض
الناس في هذا العصر(1) إلى القدح في إثبات أهل السنة صفة العينين لله
تعالى، زاعماً أن أهل السنة اعتمدوا في ذلك على قياس الغائب على
الشاهد أي قياس الخالق على المخلوق، فهل هذا المذهب والزعم صحيح؟
أفيدونا أثابكم الله
الإجابة: الجواب:
الحمد لله قال الله تعالى: {تجري بأعيننا}، وقال سبحانه: {فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}، وقال: {ولتصنع على عيني}.
ففي هذه الآيات إضافة العين إلى الله مفردة ومجموعة، ففهم أهل السنة من هذه الآيات أن لله عينين، ولم يقل أحد منهم بأنه ليس لله إلا عين واحدة أو له أعين.
فإنّ ذكر العين مفردة ومجموعة في هذه الآيات لا يدل على ذلك، وسبب هذا أنه يصح في اللغة أن تقول: رأيت بعيني، وإن كان لك عينان، ومن قواعد لغة العرب ذكر المثنى بلفظ الجمع إذا أضيف إلى صيغة الجمع أو التثنية، كقوله تعالى: {فبما كسبت أيديكم} وقوله: {فقد صغت قلوبكما}.
ونظير هذه الآيات في العينين في الجمع والإفراد قوله تعالى في اليدين: {مما عملت أيدينا}، وقوله: {بيده الملك}والجمع والإفراد لليدين في الآيتين لا ينافي التصريح بأن لله تعالى يدين، كقوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} لأن الجمع والإفراد في الخبر عن المثنى له في اللغة أساليب تقتضيه، كما تقدم.
والسلف والأئمة أعلم باللغة التي نزل بها القرآن وجاءت بها السنة، فهم أعلم بدلالات الكتاب والسنة وأعلم بمراد الله من كلامه وبمراد سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن جاء بعدهم، فكل فهم في القرآن أو في السنة يخالف فهم السلف فهو باطل مردود.
هذا، وقد استدل بعض أئمة السنة على إثبات العينين لله بقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال: " "(2).
وممن نص على إثبات العينين لله تعالى واستدل بالحديث: أبو محمد بن قتيبة(3) وعثمان ابن سعيد الدارمي(4)،وأبو بكربن خزيمة، وأبو بكر الباقلاني في كتابه(الرد على من نسب إلى الأشعري خلاف قوله كما نقلع شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية(2/34)، (5) واللالكائي، (6) وأبو عمرو الداني، (7) وشيخ الإسلام بن تيمية، (8) وابن القيم(9) وممن نص على أيضاً على إثبات العينين لله تعالى أبو الحسن الأشعري(10) وأبو إسماعيل الهروي(11) وزَعْم المعترض أن "أهل السنة اعتمدوا في هذا الاستدلال على قياس الخالق على المخلوق".
زعم باطل وقول قبيح وافتراء على أئمة السنة، كيف وهم أعظم الناس إنكاراً على أهل التمثيل، وأبعد الناس عن هذا القياس الباطل.
وهل يقول المعترض: إن سمع الله إدراك الأصوات، وبصره إدراك المرئيات، أو له وبعد فالمنكر على أهل السنة إثبات العينين لله يلزمه واحد من أربعة أمور:
1- أن لله عيناً واحدة.
2- أو له أعين كثيرة.
3- أو تجويز الأمرين.
وكل هذا لم يقل به أحد من أهل السنة، والرابع -مم يلزم المعترض- أن ينفي العين لله مطلقاً، وهذا سبيل الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة والأشاعرة الذين لايثبتون لله لا عينين ولا وجهاً ولا يدين.
وأما قول "ابن حزم": (إن لله عينا واحدة وله أعين)، فهذا من غلوه في ظاهرتيه، ولهذا يصرح بأن لا يقال: له سمع وبصر وحياة، ومن ذلك يعلم مذهبه في الصفات أنه لا يثبت عينا ولا أعينا صفة قائمة به سبحانه وتعالى تكون بها الرؤية.
فحقيقة قوله إثبات هذه الألفاظ لورودها في القرآن، فابن حزم -رحمه الله- ممن لا يعتمد بقوله في الإعتقاد خصوصا في باب الأسماء والصفات، وهذا نظير قوله: (إن لله يدا ويدين وأيديا ومقصوده إثبات ألفاظ القرآن)، ولا ينازعه أحد في ذلك، فإن جميع المسلمين يؤمنون بأن هذه الألفاظ جاءت في القرآن، ولا يجحدها إلا كافر بالرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به.
ومعلوم أن من سلك هذا المسلك لا يثبت لله يدين يكون بهما الفعل كخلق آدم بيديه سبحانه، وأخذه السماوات بيده يوم القيامة، فحقيقة مذهب ابن حزم مذهب المعطلة من الجهمية ومن وافقهم.
فعلى هذا المعترض أن يوضح مذهبه في ذلك وفهمه للآيات، ولا ريب أنه في هذه المسألة التي خالف فيها أهل السنة قد اتبع غير سبيل المؤمنين، فالله يهدينا ويهديه إلى معرفة الحق أتباعه والله الهادي إلى سواء السبيل.
____________________________________
(1) ومنهم الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع في كتابيه تيسير علم أصول الفقه( 378 ) والمقدمات الأساسية في علوم القرآن ( 365 )
(2) رواه البخاري 4/1598 (4141) ومسلم1/155 (169) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3) الرد على بشر المريسي (ضمن عقائد السلف406).
(4) الرد على المريسي (48)(5) التوحيد (1/101) تحقيق عبدالعزيز الشهولن.
(5) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/471).
(6) الرسالة الوافية (49) تحقيق محمد بن سعيد القحطاني.
(7) الجواب الصحيح (4/413)تحقيق الحسن العلوي.
(8) مختصر الصواعق المرسلة (1/66).
(9) الإبانة (129) ط الجامعة الإسلامية.
(10) كتاب الأربعين في دلائل التوحيد(64)تحقيق د.علي الفقيهي.
(11) تحقيق د.ناصر الفقيهي.
ــــــــــــــــ
المصدر: موقع الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
الحمد لله قال الله تعالى: {تجري بأعيننا}، وقال سبحانه: {فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}، وقال: {ولتصنع على عيني}.
ففي هذه الآيات إضافة العين إلى الله مفردة ومجموعة، ففهم أهل السنة من هذه الآيات أن لله عينين، ولم يقل أحد منهم بأنه ليس لله إلا عين واحدة أو له أعين.
فإنّ ذكر العين مفردة ومجموعة في هذه الآيات لا يدل على ذلك، وسبب هذا أنه يصح في اللغة أن تقول: رأيت بعيني، وإن كان لك عينان، ومن قواعد لغة العرب ذكر المثنى بلفظ الجمع إذا أضيف إلى صيغة الجمع أو التثنية، كقوله تعالى: {فبما كسبت أيديكم} وقوله: {فقد صغت قلوبكما}.
ونظير هذه الآيات في العينين في الجمع والإفراد قوله تعالى في اليدين: {مما عملت أيدينا}، وقوله: {بيده الملك}والجمع والإفراد لليدين في الآيتين لا ينافي التصريح بأن لله تعالى يدين، كقوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} لأن الجمع والإفراد في الخبر عن المثنى له في اللغة أساليب تقتضيه، كما تقدم.
والسلف والأئمة أعلم باللغة التي نزل بها القرآن وجاءت بها السنة، فهم أعلم بدلالات الكتاب والسنة وأعلم بمراد الله من كلامه وبمراد سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن جاء بعدهم، فكل فهم في القرآن أو في السنة يخالف فهم السلف فهو باطل مردود.
هذا، وقد استدل بعض أئمة السنة على إثبات العينين لله بقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال: " "(2).
وممن نص على إثبات العينين لله تعالى واستدل بالحديث: أبو محمد بن قتيبة(3) وعثمان ابن سعيد الدارمي(4)،وأبو بكربن خزيمة، وأبو بكر الباقلاني في كتابه(الرد على من نسب إلى الأشعري خلاف قوله كما نقلع شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية(2/34)، (5) واللالكائي، (6) وأبو عمرو الداني، (7) وشيخ الإسلام بن تيمية، (8) وابن القيم(9) وممن نص على أيضاً على إثبات العينين لله تعالى أبو الحسن الأشعري(10) وأبو إسماعيل الهروي(11) وزَعْم المعترض أن "أهل السنة اعتمدوا في هذا الاستدلال على قياس الخالق على المخلوق".
زعم باطل وقول قبيح وافتراء على أئمة السنة، كيف وهم أعظم الناس إنكاراً على أهل التمثيل، وأبعد الناس عن هذا القياس الباطل.
وهل يقول المعترض: إن سمع الله إدراك الأصوات، وبصره إدراك المرئيات، أو له وبعد فالمنكر على أهل السنة إثبات العينين لله يلزمه واحد من أربعة أمور:
1- أن لله عيناً واحدة.
2- أو له أعين كثيرة.
3- أو تجويز الأمرين.
وكل هذا لم يقل به أحد من أهل السنة، والرابع -مم يلزم المعترض- أن ينفي العين لله مطلقاً، وهذا سبيل الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة والأشاعرة الذين لايثبتون لله لا عينين ولا وجهاً ولا يدين.
وأما قول "ابن حزم": (إن لله عينا واحدة وله أعين)، فهذا من غلوه في ظاهرتيه، ولهذا يصرح بأن لا يقال: له سمع وبصر وحياة، ومن ذلك يعلم مذهبه في الصفات أنه لا يثبت عينا ولا أعينا صفة قائمة به سبحانه وتعالى تكون بها الرؤية.
فحقيقة قوله إثبات هذه الألفاظ لورودها في القرآن، فابن حزم -رحمه الله- ممن لا يعتمد بقوله في الإعتقاد خصوصا في باب الأسماء والصفات، وهذا نظير قوله: (إن لله يدا ويدين وأيديا ومقصوده إثبات ألفاظ القرآن)، ولا ينازعه أحد في ذلك، فإن جميع المسلمين يؤمنون بأن هذه الألفاظ جاءت في القرآن، ولا يجحدها إلا كافر بالرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به.
ومعلوم أن من سلك هذا المسلك لا يثبت لله يدين يكون بهما الفعل كخلق آدم بيديه سبحانه، وأخذه السماوات بيده يوم القيامة، فحقيقة مذهب ابن حزم مذهب المعطلة من الجهمية ومن وافقهم.
فعلى هذا المعترض أن يوضح مذهبه في ذلك وفهمه للآيات، ولا ريب أنه في هذه المسألة التي خالف فيها أهل السنة قد اتبع غير سبيل المؤمنين، فالله يهدينا ويهديه إلى معرفة الحق أتباعه والله الهادي إلى سواء السبيل.
____________________________________
(1) ومنهم الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع في كتابيه تيسير علم أصول الفقه( 378 ) والمقدمات الأساسية في علوم القرآن ( 365 )
(2) رواه البخاري 4/1598 (4141) ومسلم1/155 (169) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3) الرد على بشر المريسي (ضمن عقائد السلف406).
(4) الرد على المريسي (48)(5) التوحيد (1/101) تحقيق عبدالعزيز الشهولن.
(5) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/471).
(6) الرسالة الوافية (49) تحقيق محمد بن سعيد القحطاني.
(7) الجواب الصحيح (4/413)تحقيق الحسن العلوي.
(8) مختصر الصواعق المرسلة (1/66).
(9) الإبانة (129) ط الجامعة الإسلامية.
(10) كتاب الأربعين في دلائل التوحيد(64)تحقيق د.علي الفقيهي.
(11) تحقيق د.ناصر الفقيهي.
ــــــــــــــــ
المصدر: موقع الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
- التصنيف: