كانت من عبدة الشيطان
حامد بن عبد الله العلي
- التصنيفات: التوبة -
السؤال: أنا مسلمة عمري ثمانية عشر عامًا، كنت من قبل من "عبدة الشيطان"
وأسلمت هذه السنة. لقد ارتكبت كثيراً من المنكر الذي لا أريد تذكره.
كيف أصلح خطئي كي يسامحني ربي ؟
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
قال تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان:70]، وقال تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طـه:82]. كل من كان له ماضٍ سيء في الكفر والشرك وارتكاب الذنوب والفواحش، فإنه إن أسلم غفر له بإسلامه كل ما كان قد فعله قبل الإسلام، فالإسلام يجبّ ـأي يلغي ويحذف- ما قبله فيعود كما لو أنه لم يفعل شيئا قبل إسلامه. وفي الحديث الصحيح " " وفي الحديث أيضاً: " ". وأيضاً فإن الله تعالى يفرح بتوبة عبده، ويبدل سيئاته حسنات، كما ذكرت الآية السابقة.
ومعلوم أن خيار الصحابة كانوا قبل إسلامهم مشركين يعبدون الأصنام، ويعملون الذنوب العظيمة، وكانت ذنوب الجاهلية عظيمة كوأد البنات، وأكل مال اليتيم؛ ومع ذلك فلما أسلموا وحسن إسلامهم تاب الله عليهم، ثم صاروا بعد ذلك كبار أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين. وكذلك كل من دخل في الإسلام ثم أحسن العمل فيه، فإنه لا يضره ما كان يفعله قبل إسلامه، ولا يحط من مرتبته، ولا يعيبه، بل قد يرفعه الله تعالى بعد إسلامه فيصبح خيراً ممن لم يكن مشركاً من قبل.
والواجب على من تاب أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، والتوبة النصوح هي التي تكون خالصة لله، وخالصة من الشوائب، يقصد بها التائب التخلص من السيئات بعزيمة صادقة وهمة أكيدة.
قال ابن القيم رحمه الله ما ملخصه:
قال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [التحريم:8] فجعل وقاية شر السيئات -وهو تكفيرها- بزوال ما يكره العبد ودخول الجنات؛ وهو حصول ما يحب العبد منوطاً بحصول التوبة النصوح. والنصوح على وزن فعول، قصداً للمبالغة كالشكور والصبور، وأصل مادة "ن ص ح"; لخلاص الشيء من الغش والشوائب الغريبة، فالنصح في التوبة: تخليصها من كل غش ونقص وفساد وإيقاعها على أكمل الوجوه والنصح ضد الغش. وقد اختلفت عبارات السلف عنها ومرجعها إلى شيء واحد؛ فقال عمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهما: التوبة النصوح: أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع. وقال الحسن البصري: هي أن يكون العبد نادماً على ما مضى مجمعاً على أن لا يعود فيه. وقال الكلبي: أن يستغفر باللسان، ويندم بالقلب، ويمسك بالبدن. وقال سعيد بن المسيب: توبة نصوحاً تنصحون بها أنفسكم. وقال محمد بن كعب القرظي يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيء الإخوان.
قلت: النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء:
الأول: تعميم جميع الذنوب واستغراقها بها بحيث لا تدع ذنباً إلا تناولته.
الثاني: إجماع العزم والصدق بكليته عليها؛ بحيث لا يبقى عنده تردد ولا تلوم ولا انتظار بل يجمع عليها كل إرادته وعزيمته مبادراً بها.
الثالث: تخليصها من الشوائب في إخلاصها ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده، لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته ولحفظ حاله أو لحفظ قوته وماله أو استدعاء حمد الناس أو الهرب من ذمهم، أو لئلا يتسلط عليه السفهاء أو لقضاء نهمته من الدنيا أو لإفلاسه وعجزه ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز وجل.
فالأول: يتعلق بما يتوب منه
والثالث: يتعلق بمن يتوب إليه
والأوسط: يتعلق بذات التائب ونفسه
فنصح التوبة الصدق فيها والإخلاص وتعميم الذنوب بها. ولا ريب أن هذه التوبة تستلزم الاستغفار وتتضمنه وتمحو جميع الذنوب، وهي أكمل ما يكون من التوبة. والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم.
قال تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان:70]، وقال تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طـه:82]. كل من كان له ماضٍ سيء في الكفر والشرك وارتكاب الذنوب والفواحش، فإنه إن أسلم غفر له بإسلامه كل ما كان قد فعله قبل الإسلام، فالإسلام يجبّ ـأي يلغي ويحذف- ما قبله فيعود كما لو أنه لم يفعل شيئا قبل إسلامه. وفي الحديث الصحيح " " وفي الحديث أيضاً: " ". وأيضاً فإن الله تعالى يفرح بتوبة عبده، ويبدل سيئاته حسنات، كما ذكرت الآية السابقة.
ومعلوم أن خيار الصحابة كانوا قبل إسلامهم مشركين يعبدون الأصنام، ويعملون الذنوب العظيمة، وكانت ذنوب الجاهلية عظيمة كوأد البنات، وأكل مال اليتيم؛ ومع ذلك فلما أسلموا وحسن إسلامهم تاب الله عليهم، ثم صاروا بعد ذلك كبار أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين. وكذلك كل من دخل في الإسلام ثم أحسن العمل فيه، فإنه لا يضره ما كان يفعله قبل إسلامه، ولا يحط من مرتبته، ولا يعيبه، بل قد يرفعه الله تعالى بعد إسلامه فيصبح خيراً ممن لم يكن مشركاً من قبل.
والواجب على من تاب أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، والتوبة النصوح هي التي تكون خالصة لله، وخالصة من الشوائب، يقصد بها التائب التخلص من السيئات بعزيمة صادقة وهمة أكيدة.
قال ابن القيم رحمه الله ما ملخصه:
قال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [التحريم:8] فجعل وقاية شر السيئات -وهو تكفيرها- بزوال ما يكره العبد ودخول الجنات؛ وهو حصول ما يحب العبد منوطاً بحصول التوبة النصوح. والنصوح على وزن فعول، قصداً للمبالغة كالشكور والصبور، وأصل مادة "ن ص ح"; لخلاص الشيء من الغش والشوائب الغريبة، فالنصح في التوبة: تخليصها من كل غش ونقص وفساد وإيقاعها على أكمل الوجوه والنصح ضد الغش. وقد اختلفت عبارات السلف عنها ومرجعها إلى شيء واحد؛ فقال عمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهما: التوبة النصوح: أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع. وقال الحسن البصري: هي أن يكون العبد نادماً على ما مضى مجمعاً على أن لا يعود فيه. وقال الكلبي: أن يستغفر باللسان، ويندم بالقلب، ويمسك بالبدن. وقال سعيد بن المسيب: توبة نصوحاً تنصحون بها أنفسكم. وقال محمد بن كعب القرظي يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيء الإخوان.
قلت: النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء:
الأول: تعميم جميع الذنوب واستغراقها بها بحيث لا تدع ذنباً إلا تناولته.
الثاني: إجماع العزم والصدق بكليته عليها؛ بحيث لا يبقى عنده تردد ولا تلوم ولا انتظار بل يجمع عليها كل إرادته وعزيمته مبادراً بها.
الثالث: تخليصها من الشوائب في إخلاصها ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده، لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته ولحفظ حاله أو لحفظ قوته وماله أو استدعاء حمد الناس أو الهرب من ذمهم، أو لئلا يتسلط عليه السفهاء أو لقضاء نهمته من الدنيا أو لإفلاسه وعجزه ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز وجل.
فالأول: يتعلق بما يتوب منه
والثالث: يتعلق بمن يتوب إليه
والأوسط: يتعلق بذات التائب ونفسه
فنصح التوبة الصدق فيها والإخلاص وتعميم الذنوب بها. ولا ريب أن هذه التوبة تستلزم الاستغفار وتتضمنه وتمحو جميع الذنوب، وهي أكمل ما يكون من التوبة. والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم.