شروط صلاة الجمعة

منذ 2012-01-22
السؤال: أعمل في معمل يبعد عن المدينة التي أقطن بها حوالي 20 كم، يجتمع الناس يوم الجمعة في مكان داخل المعمل للصلاة لعدم وجود مسجد في النواحي، ويتطوع شخص كل مرة لإلقاء خطبة الجمعة، ومكان الصلاة ليس بمسجد، والإمام ليس قارئاً. فما حكم الشرع في صحة هذه الصلاة؟ وما شروط صلاة الجمعة؟
الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

فلا مانع من أداء صلاة الجمعة خارج المسجد -ولو لغير سبب- وهو مذهب الجمهور من الحنابلة والشافعية والحنفية؛ إذ لا يشترطون لإقامتها أن تكون في المسجد، أما المالكية فيشترطون لصحة الخطبة والصلاة كونهما داخل المسجد المبني بناء معتاداً لأهل القرية؛ ولم يصح دليل على اشتراط المسجد لصلاة الجمعة؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله! ما كان من شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق" (متفق عليه من حديث عائشة).

أما شروط الجمعة: فاتفقوا على أنها شروط الصلاة المفروضة بعينها ما عدا الوقت والأذان فاختلفوا فيهما، أما الوقت فالجمهور على أنه وقت الظهر بعينه، وذهب قوم إلى أنه يجوز أن تصلى قبل الزوال، وهو قول أحمد بن حنبل، كما قال به ابن رشد في "بداية المجتهد"، ثم قال: "أما شروط الوجوب والصحة المختصة بيوم الجمعة؛ فاتفق الكل على أن من شرطها الجماعة، واختلفوا في مقدار الجماعة؛ فمنهم من قال: واحد مع الإمام، وهو الطبري. ومنهم من قال: اثنان سوى الإمام. ومنهم من قال: ثلاثة دون الإمام، وهو قول أبي حنيفة. ومنهم من اشترط أربعين: وهو قول الشافعي وأحمد. وقال قوم: ثلاثين. ومنهم من لم يشترط عدداً، ولكن رأى أنه يجوز بما دون الأربعين، ولا يجوز بالثلاثة والأربعة، وهو مذهب مالك، وحدَّهم بأنهم الذين يمكن أن تتقرَّى بهم قرية.

وأما الشرط الثاني وهو الاستيطان؛ فإن فقهاء الأمصار اتفقوا عليه لاتفاقهم على أن الجمعة لا تجب على المسافر، وخالف في ذلك أهل الظاهر لإيجابهم الجمعة على المسافر.

واشترط أبو حنيفة المصر والسلطان مع هذا، ولم يشترط العدد.

والراجح -والله أعلم- أنه لا يشترط للجمعة شروطاً زائدة على الصلوات المفروضة إلا العدد الذي تحصل به الجماعة؛ لإجماعهم على أن من شرطها الجماعة ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض" (رواه أحمد وأبو داود عن طارق بن شهاب).

وأما اشتراط الاستيطان فلأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم عرفة في حجة الوداع وكان يوم جمعة.
قال ابن رشد: ولقائل أن يقول: إن هذه لو كانت شروطاً في صحة الصلاة، لما جاز أن يسكت عنها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أن يترك بيانها؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]، ولقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل:64].

أما شروط الوجوب لصلاة الجمعة فهي:‏ ‏
- الذكورة؛ فلا تجب على النساء.
- الحرية؛ فلا تجب على العبد لانشغاله بخدمة سيده.‏ ‏
- صحة البدن وخلوه مما يشق عليه؛ كمرض وألم شديدين؛ ودليله ما تقدم حديث ‏طارق بن شهاب المتقدم. والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 5
  • 2
  • 36,301

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً