التحاكم للقوانين الوضعية للتظلم
لو حصل للمسلم خصومة في ديار الكفر أو ما يشابهها فهل يجوز أن يترافع للمحاكم الوضعية؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
إذا اعتدى على الإنسان في بلاد الكفر في نفسه أو ماله أو حرمته فله أن يرفع قضيته لمن يرفع عنه الظلم أو يدفع عنه الظلم فإن الإنسان المظلوم له أن يستعين بمن ينصره من غير أن يعتدي على الظالم، وإذا كان يعلم أن جهة الترافع لحل الخصومة تعتدي على الظالم بزيادة فتغرمه فوق ما يجب عليه فليس للمظلوم أن يأخذ فوق حقه ولو حكمت له المحكمة بذلك، وليس هذا من التحاكم إلى الطاغوت، فإن الذين يتحاكمون إلى الطاغوت يفضلون حكمه على شرع الله ويرتضونه ويقبلون حكمه ولو علموا أنه مخالف لشرع الله فما يخالف شرع الله من أحكام الذين يحكمون بالقوانين سوء كانوا من الكفار المعرفين كاليهود والنصارى أو من المنتسبين للإسلام.
فمثلاً لا يجوز للمرأة أن تحاكم زوجها إذا كانت تعلم أن القانون يفرض عليه فوق ما يوجبه الشرع ولا يجوز للمرأة أن تطالب بحقها في الميراث وهي تعلم أن القانون يسوي بين الذكر والأنثى، فلا يحل لها أن تأخذ في الميراث إلا ما فرضه الله لها في كتابه على حد قوله تعالى: {للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} في ميراث الأولاد وفي ميراث الأخوة الأشقاء أو لأب.
ولا يخفى أن الترافع إلى هذه الإدارات أو المحاكم من قبل الضرورة لأنه لو وجب على المقيم في تلك البلاد ألا يرفع قضيته إذا ظلم إذا للحقه ضرر عظيم بذلك ولتسلط المجرمون على المسلمين إذا علموا أنهم لا ينتصرون.
وبهذا يعلم أن التحاكم إلى هذه الإدارات والمحاكم على هذا الوجه من الضرورة لا ينافي الكفر بالطاغوت وهو كل حكم يناقض شرع الله الذي أنزله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
تاريخ الفتوى 6-10-1426 هـ.
- التصنيف:
- المصدر: