حكم الملحد الذي طعن في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد تناقلت وكالات الأنباء خبر الملحد الذي طعن في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكتف بذلك بل رمى أم النبي صلى الله عليه وسلم ووالده بالزنا، كما وصف نبي الله إبراهيم عليه السلام بأنه شيخ يستقسم بالأزلام ووصف الصحابي عمرو بن العاص بابن العاهرة، وقد قام بعض أهل العلم في السودان برفع دعوى قضائية تطلب فيها إثبات ردة هذا المجرم وإقامة الحد عليه، لكن هذا المجرم سارع بإعلان توبته مما قال، فهل تقبل توبة هذا المجرم؟ وماهو الحل الشرعي في هذه القضية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فشتم الرسول صلى الله عليه وسلم من أنواع الردة عن الإسلام لأنه يناقض شهادة أن محمدا رسول الله التي تقتضي الأيمان به ومحبته وتعزيزه وتوقيره قال تعالى: {فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} فمن كان منتسباً على الإسلام ثم اظهر تكذيب الرسول ولو في بعض ماجاء به مما هو ثابت عن أهل العلم بسنته صلى الله عليه وسلم أو تنقصه في عقله أو خلقه أو هدية أو سبه بلعن أو تقبيح أو طعن في نسبه كان مرتداً وحل دمه ووجب قتله لقوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأحد ثلاث وذكر منها التارك لدينه المفارق للجماعة" وهذا الذي ذكر أنه طعن في نسب الرسول ورمى والدي الرسول صلى الله عليه وسلم بالزنا لا ريب أن مقالته أقبح من مقاله اليهود في المسيح وأمه عليهما السلام كما قال تعالى: {وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيماً}، والصواب أن مثل هذا إن أظهر التوية لم تسقط عنه العقوبة لحق النبي صلى الله عليه وسلم، فيتحتم قتله، فإن كان صادقاً في توبته نفعه ذلك فيما بينه وبين ربه، ولا يخفي أن ترك قتله لإظهاره التوبة يُجرئ كل منافق أن يفوه بما شاء من الكفر ثم لا يعجز أن يظهر التوبة، فيتخذ من إظهار التوبة وترك عقوبته مادة للسخرية بالإسلام والمسلمين، ولقد ألف العلماء كتبا في حكم شاتم الرسول ومن ذلك كتاب شيخ الإسلام بين تيمية رحمة الله سمَّاه (الصارم المسلول على حكم شاتم الرسول)، وأما زعم هذا الخبيث أن الخليل إبراهيم عليه السلام كان يستقسم بالأزلام فهذا قد ورثه من المشركين من أهل الجاهلية، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة وجد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام مصورين فيهما، وفي أيديهما الأزلام، فقال صلى الله عليه وسلم: "قاتلهم الله لقد علموا أنهما لا يستقسمان بها أبدا"، وأما رمي الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، فهذا سب لصحابي من صحابة رسول الله وطعن في نسبه، وهو يستحق على ذلك التعزير البالغ، ولكن ذلك يسير جداً في جانب طعنه في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله تعالى أن ينتصر لأنبيائه وأوليائه من المفترين، وإن أمهلهم فلا بد أن يأخذهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، والله أعلم.
تاريخ الفتوى 16-5-1426 هـ.
- التصنيف:
- المصدر: