تنظيم النسل لمشقة تربية الأولاد
عبد الرحمن بن ناصر البراك
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
لدينا أربعة أطفال، الأخير عمره عام، واتفقت أنا وزوجتي على عدم الإنجاب حالياعلى الاقل خمس سنوات؛ ليتم تربية الأبناء، علما أن أعمارهم متقاربة. إلا أنه حدث حمل من أسبوع تقريبا فهل يجوز إسقاط هذا الحمل عمره (أسبوع) نظرا لتقارب الأعمار، وبالذات الأخير الذي عمره عام وصعوبة رعايتهم وما يحصل من التعب والمشقة على والدتهم وتأثير الحمل المتكرر في فترات متقاربة على صحتها؟
الحمد لله، من المعلوم أن من أهم مقاصد النكاح تحصيل النسل والذرية الصالحة، لتكثير الأمة المحمدية، كما قال صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، (أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح عن معقل بن يسار رضي الله عنه)، فينبغي للمسلم ألا يضيق ذرعاً بكثرة الأولاد، فإن ذلك من نعمة الله عليه، كما قال نوح عليه السلام لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10-12]، وقال تعالى ممتناً على بني إسرائيل: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} [الإسراء:6].
ومعلوم أنه لا بد من حصول مشاق على الأبوين في سبيل تربية الأولاد والسعي في طلب الرزق، ولا سيما الأم بالحمل والإرضاع، ولكن هذه سنة الحياة، فلا بد من صبر على هذه المشاق واحتساب للثواب، فلا يجوز تحديد النسل من غير ضرورة كما تدعو إليه الجاهلية الحديثة خوفاً من الفقر، كما كان أهل الجاهلية الأولى يقتلون أولادهم لذلك كما قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} [الإسراء:31].
وأما تنظيم النسل لتخفيف المشقة عن الأم فلا بأس به، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون سبباً في إجهاض الحمل إذا حصل، ما دام أنه ليس هناك ضرورة ولا خطر على الأم، فالذي أنصح به السائل عن هذه الحال المذكورة عدم الإجهاض، فلعل في هذا الحمل خيراً لكل من الأبوين.
هذا مع أن الإجهاض لا تؤمن أن تكون له آثار سيئة على المرأة، في صحتها وفي أعضائها التناسلية، وفي الصبر والتوكل على الله ما يهون الأمر على نفس الأبوين، فتوكلا على الله {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3]. والله أعلم.
تاريخ الفتوى: 9-1-1426 هـ.