ضابط البدعة
ما ضابط كون الأمر بدعة؟ وهل يشترط للتحريم قصد التعبد؟ وهل من ذلك الاحتفالات السنوية التي تقوم بها بعض الجهات؟ وكذا أعياد الميلاد؟
الحمد لله،
البدعة في الدين هي التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" (أخرجه أحمد وأهل السنن بسند صحيح) فما أحدث في الدين فهو البدعة، فهي كل ما تديّن به الإنسان مما لم يشرعه الله ورسوله، فمن تديّن باعتقاد أو عمل ظاهر أو باطن أو ذكر باللسان ولم يكن مما جاء عن الله ورسوله فهو بدعة في الدين وهو مردود على صاحبه، أي أن اعتقاده أو عمله أو عبادته باطلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا مـا ليس منه فهو رد" (أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، ومعنى الحديث أي: من أحدث في ديننا ما ليس منه فما أحدثه مردود عليه، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه مسلم من حديث عائشة وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]، ومن البدع في التشريع تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، كما كان أهل الجاهلية يحرِّمون من بهيمة الأنعام ما لم يحرِّمه الله افتراءً على الله، كما قال تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها} [الأنعام: 138] إلى قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام:140].
وأما الاحتفالات الدورية لمناسبة من المناسبات العادية، كالاحتفال لمرور كذا وكذا من السنين في ولاية أو مشروع، وكذا الاحتفال بمواليد أفراد الأسرة من أب أو أم أو ولد، فهذا من التشبه بالكفار لا من قبيل البدعة في الدين، وقد تجتمع البدعة والتشبه بالكفار كما في الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه سلم، فإن الذين يحتفلون به قد شابهوا النصارى في احتفالهم بميلاد المسيح عليه السلام، وتدينوا وتعبدوا لله بما لم يشرعه الله، فلذلك كان عملهم ذلك بدعة وتشبُّهاً، وكلٌ من الأمرين محذور في الشرع، أعني الابتداع في الدين والتشبه بالكافرين، نسأل الله الفقه في الدين ونعوذ بالله من اتباع الجاهلين، والله أعلم.
تاريخ الفتوى: 23-11-1425 هـ.
- التصنيف:
- المصدر: