الطلاق عبر رسائل الجوال
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
زوجي أرسل لي رسالة عبر الجوال بأني طالق فهل يقع الطلاق؟
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في وقوع الطلاق بالكتابة، فذهب الجمهور إلى اشتراط النية لوقوعه -وهي العزم على الوقوع- وعدوه من الطلاق بالكناية؛ قال ابن قدامة في "المغني": "إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته، وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنفية ومالك، وهو المنصوص عن الشافعي. وذكر بعض أصحابه أن له قولاً آخر: أنه لا يقع به طلاق وإن نواه؛ لأنه فعلٌ من قادر على التطليق فلم يقع به الطلاق كالإشارة. ولنا: أن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق، فإذا أتى فيها بالطلاق وفُهم منها ونواه وقع؛ كاللفظ، ولأن الكتابة تقوم مقام قول الكاتب، بدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورًا بتبليغ رسالته، فحصل ذلك في حق البعض بالقول وفي حق آخرين بالكتابة إلى ملوك الأطراف، ولأن كتاب القاضي يقوم مقام لفظه في إثبات الديون والحقوق.
فأما إن كتب ذلك من غير نية، فقال أبو الخطاب: قد خرجها القاضي الشريف في الإرشاد على روايتين:
إحداهما: يقع، وهو قول الشعبي والنخعي والزهري والحكم؛ لما ذكرنا.
والثانية: لا يقع إلا بنية، وهو قول أبي حنيفة ومالك ومنصوص الشافعي؛ لأن الكتابة محتملة، فإنه يقصد بها تجربة القلم، وتجويد الخط، وغَمّ الأهل، فلم يقع من غير نية، ككنايات الطلاق، فإن نوى بذلك تجويد خطه ، أو تجربة قلمه، لم يقع؛ لأنه لو نوى باللفظ غير الإيقاع لم يقع؛ فالكتابة أولى ... ".اهـ.
وعليه: فلا يقع الطلاق المرسل عبر رسالة الجوال حتى يُسأل الزوج عن نيته: أكان يقصد طلاقاً، أم تهديداً، أم كيداً، وما شابه؟ فضلاً عن أنه ربما وقع الجوال في يد شخص ما؛ فكتب الطلاق دعابة، أو سفاهة، أو مكراً ونحو ذلك، والله أعلم.