سرقة العين المحرمة
ما حكم من ذهب إلى (السينما)؛ فأعجبته بعض إعلانات الأفلام المعلقة هناك؛ فأخذها بدون إذن مسئول المكان؟ هل يجب عليه ردها أو رد قيمتها، مع العلم أنه تاب من الذهاب إلى تلك الأماكن؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعـد:
فلا شك بأن السرقة محرمة على كل حال، وكبيرة من الكبائر؛ لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة:38]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق، يسرق البيضة؛ فتقطع يده، ويسرق الحبل؛ فتقطع يده" (متفق عليه، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه).
لكن هذا فيما لو كان المسروق عينًا مباحة.
أما إن كان المسروق عينًا محرَّمة: فإن الأموال المحرَّمة غير محترمة، ولا حرمة لها، والسارق يأثم لاستعماله هذه العين المحرَّمة، وتجب عليه التوبة من ذلك الفعل.
أما رد المسروق، أو رد قيمته: فهذا إنما يجب فيما إذا كانت العين مباحة، أما إن سرق ما هو محرم شرعاً - كالمخدرات، وآلات اللهو، والخمر، وما شابه ذلك- فلا يجب عليه ردها، ولا دفع عِوَض عنها؛ لأنها لا تقوَّم أصلاً، ولئلا يستعين بها مالكها على معصية الله، أو يعين غيره عليها، وكذلك لا يجب التصدق بثمنها؛ لأن المحرمات في الشريعة لا قيمة لها، ولا يضمنها متلفها، وإنما الواجب إتلافها إن كانت باقية؛ قال الرملي في "المنهاج": "والأصنام، والصلبان، وآلات الملاهي كطنبورٍ، ومثلها الأواني المحرمة، لا يجب في إبطالها شيء؛ لأن منفعتها محرمة، والمحرَّم لا يُقَابَل بشيء، مع وجوب إبطالها على القادر عليها". وهو مذهب جمهور العلماء، وخالفهم فيه أبو حنيفة. وما دام قد تاب من ذلك، فالتوبة تَجُبُّ ما قبلها من الذنوب؛ قال الله تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان: 70].
واللهَ نسأل أن يتقبل توبته، وأن يعينه على الثبات والاستقامة. والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: