قرض ربوي
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: التوبة - الربا والفوائد -
لقد كنت من الشباب غير الملتزمين، وبعدما توفي أخي هداني ربي والحمد لله، وتبت توبة نصوحاً وأصبحت حياتي كلها ذكر وقرآن وأدعيه وصلاة في المساجد ولله الحمد.
ولكن قبل أن أتوب إلى الله، كنت قد أخذت قرضاً كبيراً جداً من بنك ربوي، وأصبح القسط يقارب الراتب بالكامل.
والآن أنا أعلم أن القرض حرام، ولكن ماذا أفعل؟! هل أتصدق به؟!
ولكن حياتي معتمده على هذا المال ولا يأتيني شيء من الراتب؛ فماذا أفعل؟
وهل أستطيع التصدق على أخي رحمه الله من هذا المال؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالحمد لله الذي منّ عليك بالتوبة، ونسأل الله لك الثبات والرشد، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82]. وفي الحديث الشريف: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (رواه ابن ماجه).
فالقرض البنكي هو عين الربا، والربا من كبائر الذنوب، والواجب على من وقع في ذلك، أن يتوب إلى الله ويستغفره، ويتخلص مما بقي عليه من هذا القرض في أسرع وقت ممكن، فيرد المبلغ المقتَّرَض فقط دون الفائدة، فإن ألجأه البنك إلى دفع الفائدة، فليدفعها ويتحمل البنك وزرها، ولا شيء عليه بعد التوبة النصوح.
والظاهر من كلامك أنك استثمرت هذا القرض في إنشاء مشروع ما، فلا يلزمك التصدق بهذا المال أو إتلافه، وإنما يجب عليك -من تمام توبتك- سداد ما بقي عليك من القرض الربوي كاملاً للبنك حتى تكون قد تخلصت نهائياً من القرض، ولو اضطررت لبيع الأشياء الزائدة عن حاجتك أو تصفية هذا المشروع، فالمبادر بالتوبة النصوح لا تبيح التصرف في المال المحرم، لأن من شروط صحتها الإقلاع عن الذنب برد الربا والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 287،279]، ونسأل الله أن يثبِّتَك على الحق ويلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك، ولمزيد فائدة؛ يرجى مراجعة فتوى سابقة بعنوان: "هل فوائد البنوك تعتبر من نوعا من أنواع الربا؟"
وفتوى: "هل القروض الربوية حلال في هذه الظروف؟"
والله تعالى أعلم.