القراءة من المصحف أثناء قيام الليل

منذ 2012-05-17
السؤال:

في صلاة قيام الليل؛ هل يجوز أن أحمل القرآن وأقوم بقراءة السور التي أريدُ أن أقرأها في الصلاة؟ وعندما أركع؛ أين أضع المصحف الشريف

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في قراءة المصلِّي من المصحف أثناء صلاته:

فذهب الشافعيَّة والحنابلة: إلى جواز القراءة من المصحف في الصلاة؛ قال الإمام أحمد رحمه الله: "لا بأس أن يصلي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف"؛ قيل له: الفريضةُ؟ قال: "لم أسمع فيها شيئاً".

وسُئل الزُّهريُّ عن رجلٍ يقرأ في رمضان في المصحف؛ فقال: "كان خيارُنا يقرؤون في المصاحف".

واستدلوا بما رواه البيهقي في "سننه الكبرى"، عن عائشة رضي الله عنها: "أنها كان يؤمُّها غلامُها (ذَكْوَان) في المصحف في رمضان" (وذكره البخاري تعليقاً).

وكره المالكية القراءة من المصحف في صلاة الفَرْض مطلقاً، سواءٌ كانت القراءة في أوَّله أو في أثنائه, وفرَّقوا في صلاة النَّفْل بين القراءة من المصحف في أثنائها، وبين القراءة فيأوَّلها؛ فكرهوا القراءة من المصحف في أثنائها؛ لكثرة اشتغاله به, وجوَّزوا القراءة من غير كراهةٍ في أولها; لأنه يُغتفر فيها ما لا يُغتفر في الفَرْض، وهي الرواية الأخرى عن الإمام أحمد؛ أي: الجواز في النوافل فقط.

ومنع الحنفيَّة القراءة من المصحف في الصلاة مطلقاً؛ فَرْضاً أو نَفْلاً، وهو روايةٌ عن أحمد -حكاها ابن مُفْلِح في "الفروع"- وأبطلوا بها الصلاة؛ قالوا: لأنه عملٌ كثيرٌ، ولأن التلقِّي من المصحف شبيهٌ بالتلقِّي من المعلِّم، وهو قول أبي محمد بن حزم في "المحلَّى"؛ حيث قال:

"ولا تجوز القراءة في مصحفٍ ولا في غيره لمُصَلٍّ, إماماً كان أو غيره, فإن تعمَّد ذلك؛ بَطُلَتْ صلاته. وكذلك عدُّ الآي; لأن تأمُّل الكتاب عملٌ لم يأتِ نصٌّ بإباحته في الصلاة.

وقد روينا هذا عن جماعةٍ من السلف؛ منهم: سعيد بن المسيّب, والحسن البصري، والشَّعْبي, وأبو عبد الرحمن السُّلمي.

وقد قال بإبطال صلاة من أَمَّ بالناس في المصحف أبو حنيفة والشافعي، وقد أباح ذلك قومٌ منهم, والمرجع عند التنازع إلى القرآن والسُّنة؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلاً"؛ فصحَّ أنها شاغلةٌ عن كل عملٍ لم يأتِ فيه نصٌّ بإباحته".

وقال أيضاً: "مَنْ لا يحفظ القرآن؛ فلم يكلِّفه الله تعالى قراءة ما لا يحفظ؛ لأنه ليس ذلك في وسعه؛ قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. فإذا لم يكن مكلَّفاً ذلك، فتكلُّفه ما سقط عنه باطلٌ، ونظرُهُ في المصحف عملٌ لم يأتِ بإباحته في الصلاة نصٌّ". أهـ.

هذا؛ وما نراه أن في الأمر سعةً، ولكن يقتصر عليه في صلاة النافلة دون الفَرْيضة، وهذا ما أفتت به (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)؛ حيث أفتت بجواز قراءة القرآن الكريم من المصحف في قيام رمضان.

وعليه؛ فيجوز لك حمل المصحف والقراءة منه أثناء صلاة القيام، وعند الركوع أو السجود يمكنك وضعه على كرسيٍّ بجانبك، أو أن تضعه على قائمٍ مرتفعٍ أمامكَ، ثم القراءة منه مباشرةً، وهذا أفضل؛ لعدم الاشتغال بحمله ومكان وضعه،، هذا والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 120
  • 5
  • 547,143

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً