الجزم بأن القيامة لن تقوم غداً
عبد الرحمن بن ناصر البراك
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -
ما حكم الجزم بأن القيامة لن تقوم غداً؟ هل هو كالجزم بأنها سوف تقوم في سنة معينة كما يزعم بعض الضلال والعرافين؟ والذي جرَّ هذا السؤال أن أحد الناس ذكر في كلام له أننا ... "نجزم بأن القيامة لن تقوم غداً, ونعلم ذلك من النصوص الكثيرة التي أخبرت عن أشراط الساعة, ونحن نعلم أن هذه الأشراط لم تكن بعد, ولا تكون إلا بعد وقت, فإن كثيراً من النصوص تخبر بمدد لا يحصل قبل غد" .. هذا معنى كلامه لا لفظه, فهل هذا اعتقاد أهل السنة في المسألة؟
الحمد لله،
إن موعد قيام الساعة وهي القيامة، هو مما استأثر الله بعلمه قال تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، ولما قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسؤل عنها بأعلم من السائل"، فالله تعالى قد أخفى وقتها عن العباد فلا يعلم متى الساعة لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
فمن زعم أن الساعة تقوم في سنة كذا، أو بعد كذا وكذا من السنين؛ فهو مفتر كذاب، ومدع لعلم الغيب، ومكذب بما أخبر الله به في كتابه ؛ فيكون بهذا كافراً يستتاب فإن تاب، وإلا قتل، أما من قال أن الساعة لن تقوم حتى تظهر أشراطها التي أخبر الله بها ورسوله فهو محق، لأن قيامها قبل ظهور أشراطها خلاف ما أخبر الله به ورسوله، فيلزم منه أن تكون هذه الأخبار كذباً، وهذا اللازم باطل، فكذلك ما يستلزمه، فأخبار الله ورسوله أصدق الأخبار، ولابد من وقوع مخبرها فمن قال: نجزم بأن الساعة لا تقوم غداً بناء على ذلك فقد صدق، وهذا لا ينافي قدرة الله على أن يقيم الساعة غداً، وامتناع قيامها قبل موعدها راجع إلى أن الله قدر ذلك، وقضاه، فلا يكون خلاف ما سبق به علمه، وقضاؤه، بل يجري كل شيء على وفق علمه، وتقديره، ومشيئته، وهو سبحانه الفعال لما يريد، وهو كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد، والله أعلم.