حكم خدمة الجيل الثالث
عبد الرحمن بن ناصر البراك
- التصنيفات: وسائل التكنولوجيا الحديثة -
أعلن في الفترة الأخيرة عن ظهور خدمة جديدة بعنوان الجيل الثالث تقدمه شركة الاتصالات، فما حكم هذه الخدمة؟
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فحين سمعت بإعلان شركة الاتصالات السعودية عن تقديم خدمة الجيل الثالث التي تتيح للمشتركين مشاهدة كثير من القنوات الفضائية، ويتمكن بها المتصلان من رؤية كل منهما للآخر، وعلمت أن هذه الخدمة فرصة لجهلة المسلمين وفسقة المسلمين من الرجال والنساء من الشباب وغيرهم, لتطوير ما كانوا يمارسونه من المحادثات المحرمة, والمغازلة من الجنسين, والانتقال بها من الصوت إلى الصورة, مما يتضمن أن يجمعوا بين زنى الأذن وزنى العين, مما كان يجر بعضهم قبل هذه الخدمة الأثيمة إلى التورط في الفاحشة الكبرى، وارتكاب الوسائل القبيحة المنكرة للوصول إلى هذه الغاية، فكيف بهم بعد توفير هذه الخدمة؟!
أقول: بعد ما سمعت بهذا الإعلان فكرت في أن أكتب بياناً أحذر فيه من الاشتراك في هذه الخدمة -ولو صحت نية المشترك- لما في ذلك من دعم شركة الاتصالات وتعزيزها لتتمادى في تقديم هذه الخدمات، فكيف بمن أراد بالاشتراك الوصول إلى قبيح الغايات؟ وأبين أن شركة الاتصالات قد زادت عندها نسبة الربح الحرام, وهذا ينعكس على نسبة الحرام في أرباح المساهمين ورواتب الموظفين الذين لهم أثر في توفير هذه الخدمة إدارياً أو فنياً، ولم أعزم على الكتابة في ذلك حتى اتصل بي أحد الغيورين وذكر لي أنه ورد إلى جواله رسالتان بواسطة بعض الأرقام الدولية، وهما عبارتان من عبارات الفحش الجنسي مع دعوة للاتصال ووعد بالانتظار، وهذا الأخ الغيور يهيب بأهل العلم للإنكار لمنع هذا الفساد المدمر للفضيلة المدنس للكرامة.
وبعد: فقد قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} [المائدة: 2]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه, لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه, لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" (رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه).
ومعلوم أن تقديم هذه الخدمة وأمثالها إعانة على الإثم وتيسير لأسبابه, مع أنها خدمات كمالية لا يتوقف عليها شيء من المصالح العامة، فيجب على المسؤولين في شركة الاتصالات أن يمنعوا هذه الخدمات التي تمكن ذوي النفوس الضعيفة من الوصول إلى شهواتها المحرقة.
وقد قيل في الحكمة: "من العصمة ألا تقدر"، وعليهم أن يتقوا الله، ولا يجعلوا الربح هو الغاية كيفما حصل، وبأي وسيلة وصل، فلا خير في كسب لا يقبل الله الصدقة منه، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
فعلى المسلمين أن يتميزوا في طريقة كسب المال، وأن يستغنوا عن الحرام بالحلال.
وهذا البيان لا يخص شركة الاتصالات، بل يشمل معناه شركة موبايلي؛ فإن خدماتهما من جنس واحد، فعلى الجميع أن يتقوا الله فيما يقدمونه للناس، وليذكروا أنهم مسؤولون بين يدي الله.
نسأل الله أن يصرف عن هذه الأمة أسباب الفساد، وأن يصلح أحوال المسلمين في جميع البلاد، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.