حكم الاتفاق على شراء سيارة بالآجل لم يتملكها البائع بعد
أريد أن أشتري سيَّارة عن طريق البنك الإسلامي، وطريقةُ البنك هي كالتالي:
أقوم أنا بتَحْدِيد الجِهة الَّتي سأشتري منها السيَّارة ومعرفة ثَمنِها قبل المُرابَحة، ثُمَّ أُعْلِمُ البَنْكَ عن هذه الجِهَة وعن سِعْرِ السيارة قبل المُرابَحة، وبعدما أقوم بالتَّعاقُد مع البنك والتَّوقيع على الأوراق التي تُثْبِتُ حقَّ البنك وسعرَ السيَّارة المطلوب تسديدُه للبنك والأقساط الشهريَّة، يقوم البنك بدَفْعِ ثَمن السيَّارة للمالك الأصليِّ، ويأمرُنِي البنك بالذهاب لصاحب السيارة، وأَخْذِ السيَّارة منه.
هل هذا البيعُ جائز؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد سبق بيانُ حكم بيع المرابحة في فتوى: "حكم بيع المرابحة" فليرجع إليها.
وقد ذكرنا في تلك الفتوى أنَّ من شُرُوط صِحَّة بيع المُرابَحة أن يقوم البَنْكِ بشراء للسَّيَّارة أوَّلاً، وقَبْضَها قبضًا شَرْعِيًّا؛ بِحَيْثُ تكون تحتَ ضمانِهِ، حتَّى لا يدخل البَنْكُ في بَيْع ما لا يَملك.
وكذلِكَ لا يتمُّ بين البنك والعميل وعدٌ مُلْزِمٌ بِالشِّراء -فَضْلاً عن توقِيعِه أوراقَ البيع- قبلَ تَملُّك البنك للسِّلعة من أصاحبها.
ومِمَّا سبق يتبيَّنُ أنَّ الصورة المذكورةَ في السؤال لا يتحقق فيها شروط جواز بيع المرابحة؛ لأنَّ البنكَ يقومُ أولًا بالتَّعاقُد مع العميلِ ويأخُذُ عليْهِ الأوراق التي تُفِيدُ أنَّه اشترى السَّيَّارة المطلوبة، فيكونُ البنك قد باع ما لا يَملك، وهو بيعٌ باطلٌ.
وأيضًا فإنَّ العميلَ هو الَّذي يأخُذُ السَّيَّارة من الشركة، والواجبُ على البَنْكِ أن يتسلَّمَها ويَحوزَها حيازةً صحيحةً ثُمَّ يقوم ببيعها؛ لِما رواه أبو داود وغيْرُه عنِ ابْنِ عُمر، قال: "ابتعتُ زَيْتًا في السوق، فلمَّا استوجَبْتُه لنَفْسِي لقِيَنِي رجلٌ فأعطاني به ربْحًا حسنًا، فأردتُ أن أضْرِبَ على يدِه فأخذ رجلٌ من خلفي بِذِراعي، فالتفتُّ فإذا زيدُ بنُ ثابتٍ، فقال: لا تبِعْهُ حيثُ ابتعْتَه حتَّى تَحوزَه إلى رَحْلِك؛ فإنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم نَهى أن تُباع السِّلع حيثُ تُبْتَاعُ حتَّى يَحوزَها التُّجَّار إلى رِحالِهم".
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "منِ ابْتَاعَ طعامًا فلا يَبِعْهُ حتَّى يَستوفِيَه"، زاد إسماعيلُ: "منِ ابتاع طعامًا فلا يَبِعْهُ حتَّى يقبِضَهُ" (رواه البخاري، ورواه مسلمٌ عنِ ابن عباس).
وعنْ حكيمِ بْنِ حِزام رضِيَ الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إنِّي أشتري بُيوعًا، فما يَحِلُّ لي منها، وما يَحرُمُ عليَّ؟ قال: "إذا اشتريتَ بيعًا فلا تَبِعْهُ حتَّى تقبِضَه"، وحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم قال: "لا يَحلُّ سلفٌ وبيع، ولا شرطانِ في بيع، ولا ربحُ ما لم يضمن، ولا بيْعُ ما ليس عِنْدَك"، يعني ربحَ ما بِيعَ قبل القبض،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: