أخرج زكاته ثم سرقت
عبد الحي يوسف
- التصنيفات: فقه الزكاة -
أسأل عن رجل أخرج زكاة ماله ثم سرقت منه؟ فهل يخرجها مرة أخرى؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
ففي هذه المسألة خلاف بين الفقهاء، وقد عرضها الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله في كتاب (فقه الزكاة) فقال: يحدث أحياناً أن يخرج رب المال زكاته، فتضيع بسبب ما، كأن تسرق أو تحترق أو نحو ذلك، وقد اختلفت أنظار الفقهاء في هذه المسألة، ولخصها ابن رشد تلخيصاً جيداً فقال: ”إذا أخرج الزكاة فضاعت، فإن قوماً قالوا: تجزيء عنه، وقوم قالوا: هو لها ضامن حتى يضعها (أي في موضعها)، وقوم فرقوا بين أن يخرجها بعد أن أمكنه إخراجها، وبين أن يخرجها أول زمان الوجوب والإمكان، فقال بعضهم: إن أخرجها بعد أيام من الإمكان والوجوب، ضمن، وإن أخرجها في أول الوجوب ولم يقع منه تفريط لم يضمن، وهو مشهور مذهب مالك.
وقوم قالوا: إن فرط ضمن، وإن لم يفرط زكى ما بقي، وبه قال أبو ثور والشافعي. وقال قوم: بل يعد الذاهب من الجميع ويبقى المساكين ورب المال شريكين في الباقي بقدر حظهما من حظ رب المال. مثل الشريكين، يذهب بعض المال المشترك بينهما، ويبقيان شريكين على تلك النسبة في الباقي.
فيتحصل في المسألة خمسة أقوال:
1- قول: إنه لا يضمن بإطلاق.
2- وقول: إنه يضمن بإطلاق.
3- وقول: إن فرط ضمن، وإن لم يفرط لم يضمن.
4- وقول: إن فرط ضمن، وإن لم يفرط زكى ما بقي.
5- والقول الخامس: يكونان شريكين في الباقي.
ولعل أعدل الأقوال والعلم عند الله تعالى أن يقال: إذا كان هذا الشخص قد أخرج زكاته في أول وقت الوجوب وحفظها بما يحفظ فيه المال عادة، ولم يقع منه تفريط في ذلك؛ فإنه لا يلزمه ضمانها بل تجزئ عنه إن شاء الله، والعلم عند الله تعالى.