الرقية النافعة بإذن الله للحسد وغيره
أنا أبلغ من العمر 26 سنة أعاني من مشكلة تكرَّرت معي كثيرًا؛ كلّمَا تقدَّم لي عريس: إمَّا الرفض مني وإمَّا منهم، أنا لو وافقتُ الرَّفض يكون من عندهم، وإذا رفضتُ يكون الموافقة من جهة العريس، تكرَّرت أكثَرَ من مرَّة، مع أنَّي أصلي "وعارفة ربنا" وعمري ما أغضبتُ ربي في تصرُّفات، وأتمنَّى أن أتزوَّج وأكوِّن أسرةً على الدِّين والأخلاق، وأتمنَّى رُقيةً لتبْطِل السِّحر والأعمالَ ووَقْفَ الحال؛ لأنَّ لي أقاربَ يتمنَّون أنِّي لا أتزوَّج وقالوا لي ذلك.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الأمور كلَّها بيد الله تعالى، والأرزاق يقسمُها بين عباده كيف يشاء، وله في ذلك حِكَمٌ بالغة، وهو العليم الخبير لا مانعَ لما أعطى، ولما مُعْطِيَ لما مَنع، ولا رادَّ لِما قَضَى سُبحانه وتعالى، والخيرُ كُلُّ الخير للعبد في الرِّضا، والشرُّ كلُّ الشرِّ في التَّسخُّط والاعْتِراض عليه، والذي ننصحُكِ به هو الرِّضا بِما قدَّر الله تعالى، والالتجاء إليه سُبحانه، فهو لا يردُّ دعوةَ مَن يدعوه، ولا تَيْأَسِي من رَوْح الله تعالى، فإنَّ ما قَسَمَهُ الله تعالى لكِ ستنالينَه لا مَحالة، ولا يستطيعُ أحدٌ أن يَحول بينكِ وبينَه، ولعلَّ تأخُّرك في الزواج هو الذي فيه الخيرُ لك، وعَسى أن يكونَ الله مدَّخِرًا لك الخير كله.
ومن المعلوم أن أسباب تأخر الزواج كثيرة من أهمها عدم تيسُّر أسباب الزواج في كثير من المجتمعات، فليس كُلُّ مَن تأخَّر زواجُها تكون بالضرورة مصابةً بالسِّحر أو المس، وعلى كُلٍّ فإنْ عِلاجَ السِحْر أو المس ميسور ومقدور لكل أحد إن شاء الله تعالى وهو:
أولا: الالتجاء إلى الله تعالَى بالدُّعاء، كدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذابَ النَّار" (رواهُ البخاري ومسلم).
ومنها الدُّعاء الذي علَّمه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لِمن سأله: كيف أقولُ حين أسألُ ربِّي؟ قال: "قُل: اللهم اغفِرْ لي وارحَمْنِي وعافِنِي وارْزُقْنِي، فإنَّ هؤلاءِ تَجمع لكَ دُنياكَ وآخرتَك" (رواه مُسلم من حديث طارق الأشجعي).
وغير ذلك من الأدعية، وباب الدعاء مفتوح.
ثانيًا: الاستعانة بالرقية الشرعيَّة؛ وهي كالتالي:
1- أن تقرئي سورة البقرة كل يوم إن استطعت، واقرئي على نفسِك الفاتِحة وما تيسَّر من سورة البقرة، والإخلاص والمعوِّذتين، والآيات التِي يذكر فيها إبطال السحر كقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ . فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ . وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ . قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ . رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: 117 – 122] {فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ . إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ . وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: 81 – 82] {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69].
وقد ذكر ابنُ القيِّم أثرًا عن ليث بن أبي سليم قال: "بلغني أنَّ هؤلاءِ الآياتِ شفاءٌ من السحر بإذْنِ الله تُقرأ في إناء فيه ماءٌ ثُمَّ يُصَبُّ على رأس المسحور".
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحِمه الله: "ثبت في سُنَنِ أبي داود أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ في ماءٍ في إناءٍ وصبَّه على المريض، وبِهذا يُعلَمُ أنَّ التَّداوي بالقراءة في الماء وصبِّه على المريض ليس محذورًا من جهة الشَّرع، إذا كانت القراءة سليمة" انتهى.
2- قراءة قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان: 23] {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ . فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ . وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 115 – 118] وأوَّل سورة الصافَّات وسورة الدُّخان والزلزلة والإخلاص والمعوِّذتَيْنِ، ولو تُكرِّرين قِراءةَ تلك السور لكان أفضل مع النَّفْثِ في يديْكِ ومسحِ الجسدِ بِهما، وكذلك تقرئينَ ما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث الرقية؛ كحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريضَ فدعا له قال: "أذهب الباس رب الناس، واشف أنتِ الشَّافي لا شفاءَ إلا شفاؤُك، شفاءً لا يُغادر سقمًا" (متَّفق عليه).
إضافةً إلى التعوُّذ بالله، مثل: "أعوذُ بكلمات الله التَّامَّة من كل شيطانٍ وهامَّة ومن كُلِّ عَيْنٍ لامَّة، أعوذُ بكلماتِ اللَّه التَّامَّات من شَرِّ ما خلق، بِسم اللَّه الذي لا يَضُرُّ مع اسْمِه شيْءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم".
فإن لم تتحسَّن حالتُك فلا بأسَ بأن تَذْهَبِي إلى أحد المُعالِجِينَ من أهْلِ السُّنَّة الموثوقين؛ ليقرأ عليكِ الرُّقية ويعينَك، واحذَرِي من الوقوع في شِباك السحَرة فإنَّه طريقٌ شائك.
ونسأل الله أن يرزقكِ زوجا صالحا يعينك على أمري الدنيا والآخرة آمين،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: