هل هذا تعاون على البر أو تعاون على الإثم؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
أنا طبيب وأعمل في عيادتي الخاصَّة، ويطلب منيّ المرضى يوميًّا بعد فحصِهم أن أكتبَ الوصفةَ باسْمِ شخصٍ آخَر لديْه دفتر الضّمان الاجتماعي -يسمح له بالحصول على الأدوية مجانًا- تؤخذ من الصيدلية، ويكون هؤلاء المرضى في الحالات التالية:
1- يكون صاحب الدفتر أبًا أو أمّا أو ابنًا أو بنتًا أو زوجًا أو زوجةً أو جدًّا أو جدّةً للمريض، أو ليس له قرابةٌ بالمريض، ويكون المريض ليس له تأمين في الضّمان الاجتماعي يمكّنه بتعويض الأدوية التّي يشتريها، وتكلّفه ثمنًا لا يستطيع تسديدَه لأنَّ المريضَ لا يعمل وليس له دخل.
2- يكون المريض مؤمَّن في الضّمان الاجتماعي ولا يستطيع شراء الأدوية نظرًا لغلاء المعيشة.
3- يكون المريض مؤمَّن أو غير مؤّمن، ولكن له القدرة الماديّة لتسديد ثَمن الأدوية، ورغم دلك يلحّ عليّ كتابة الوصفة باسمِ شخصٍ آخَر للحصول على الأدوية مجانًا.
السّؤال: كتابة الوصفة الطبيّة باسم شخصٍ آخَر للحصول على الأدوية مجانًا, ما حكمها شرعًا؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ هذا النَّوع من الضَّمان تتبنَّاه الدَّولة غالبًا، بِقَصْد التَّعاون والإرْفاق بمواطنيها، وليس للربح والمعاوضة، فإذا كان كذلِك وكان مضبوطًا بالضوابط الشَّرعيَّة -فلا يكونُ فيه حَيْف أو ظُلم لأحد، ولا يكون مستثْمرًا أو مستغلاً فيما حرَّم الله تعالى - فإنَّه لا يَجوز لأحد أن يستفيد منه سوى المُشْتركين فيه، حسبما تقتضيه شروطُ الضَّمان، لِما في ذلك من الغشّ؛ لقول النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَنْ غشَّ فليس منّي" (رواه مسلم). ولقوله صلى الله عليه وسلَّم: "المُسلمون عند شُروطهم ما وافق الحقَّ" (أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وذكره البخاري تعليقًا).
وعليه؛ فلا يَجوز للمريض أن يطلُبَ من الطبيب كتابةَ الوصفة الطبّيّة باسم شخصٍ آخَر مشترِك في الضمان الاجتماعي، ليستفيد منها وهو غيرُ مشترك في هذا الضَّمان.
كما لا يَجوز للطبيب أيضًا أن يستجيب لهذا الطلب؛ لما فيه من تعاوُنٍ على الإثم والعُدوان، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} [المائدة: 2]،، والله أعلم.