إقامة جماعة ثانية أثناء صلاة التراويح
خالد بن علي المشيقح
- التصنيفات: فقه الصلاة -
بعض من المسلمين يتأخر عن صلاة التراويح، فيقيمون جماعة لصلاة العشاء أثناء قيام الإمام لصلاة التراويح، ويشوشون على الجماعة الأصل الموجودة في المسجد، فما حكم إقامة هذه الجماعة الثانية؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حكم إقامة الجماعة الثانية منهي عنه، وهذا النهي أقل أحواله الكراهة، وإذا كان سيترتب عليه أذية للمصلين في صلاة التراويح يصل إلى التحريم؛ ويدل على أن هذا منهي عنه حديث يزيد بن الأسود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح فإذا برجلين قد جلسا، فدعا بهما النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما لكما لم تصليا معنا؟" فقالا: يا رسول الله صلينا في رحالنا، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة" (أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي بسند صحيح)، وأيضاً في حديث محجن بن أبي محجن الديلي رضي الله عنه أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع ومحجن في مجلسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منعك أن تصلي ألست برجل مسلم؟!" قال: بلى ولكني كنت قد صليت في أهلي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت" (أخرجه أحمد والنسائي والدارقطني والبيهقي بسند صحيح)، فدل ذلك على أنه ينهى المسلم أن يخالف الناس سواء ذلك بالصلاة، أو كان ذلك بالانفراد دون صلاة، ويصل إلى درجة التحريم إذا حصل أذية؛ لقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب: 58].
وعلى هذا فمن جاء والإمام قد سلّم من صلاة العشاء، فإنه ينتظر حتى يشرع في التراويح ثم يدخل معه بنية العشاء، فهو يصلي فريضة والإمام يصلي تطوعاً، كما فعل معاذ رضي الله تعالى عنه، كان يصلي فرضه العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم صلاة العشاء هي له تطوع ولهم فريضة، والله تعالى أعلم.
تاريخ الفتوى: 17/9/1426 هـ -- 2005-10-20.