حكم المشاركة في التجارة واشتراط ربح مضمون

منذ 2012-09-07
السؤال:

سؤالي بِخصوص التجارة: لي صديقٌ يعمل في محلات لبيع الملابس ويحتاج لبعض السيولة، فعرض عليَّ مشاركَتَه، بِحَيْثُ أُعطيه مبلغًا من المال وبعد المُتاجَرَةِ يتِمُّ حسابُ الأَرْباح وتقسيمُها بِنِسَبٍ مُتَّفقٍ علَيْها؛ مثلاً: أن تكون لي نِسبة 20% من الأرباح التي نَتَجَتْ من المال الذي شاركتُ به.

سؤالي هو: إذا اتَّفقْنا على مبلَغٍ مُعَيَّن تسهيلاً للحسابات؛ حيث إنَّ هذا المبلغ هو متوسِّط الأرباح الشهرية (فمثلاً إذا كانتِ الأرباح التي أحصل عليها شهريًّا ما بين 950 درهم و 1100 درهم في الشهر فَهَلْ يجوز الاتِّفاق على مبلغ 1000 درهم تسهيلاً للحسابات) على أن يتمَّ حساب الأرباح بالتَّفصيل إذا ما لوحظتْ أيُّ خسارة أو نقص حادّ في الأرباح، فما حكم ذلك؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فما ذكره السائل الكريم في السؤال من الشراكة تعرف عند العلماء بشركة (المضاربة)، و: (القراض)؛ وهي: أَنْ يَدْفَعَ شَخْصٌ إلَى آخَرَ مَالَهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ، وَيَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ، وَيُسَمَّى الْقَائِمُ بِالتِّجَارَةِ مُضَارِبًا، وهي مشروعة بلا خلاف بين المسلمين في ذلك.

قال ابن قدامة في "المغني": "وأجْمَعَ أهْلُ العِلْم على جَوَازِ المُضاربة في الجُملة".

وقال الباجي: "وأمَّا القِراض فهو جائز، لا خلاف في جوازه في الجُملة".

وقال ابْنُ رُشْد: "ولا خِلافَ بَيْنَ المسلمين في جوازِ القِراض، وأنَّه مِمَّا كان في الجاهليَّة فأقرَّه الإسلام".

ولكن يُشترطُ لحلِّ المضاربة أن يكون الرِّبْحُ بينهما بنسبةٍ شائعة؛ كالرُّبع أو الثُّلث مثلاً، أو حسَبَ ما يتَّفقان عليه، وفي حال الخسارة تكون على صاحبِ المال، والعاملُ -المُضاربُ- يَخسرُ جهده وعمله.

وتبطل المضاربة إذا اشْتَرَط أحدُهما مبلغًا مقطوعًا - كما هو الحال في الصورة المذكورة في السؤال.

قال الإمام ابن المنذر: "أجْمَع كلُّ مَن نَحفظُ عنه على إبطال القِراض إذا جَعَلَ أحَدُهما أو كِلاهما لنفسِه دراهِمَ معدودةً". اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لو شَرَطَ فِي المُضَارَبَةِ لِرَبِّ المالِ دَراهِمَ مُعَيَّنَةً فإِنَّ هَذا لا يَجُوزُ بالاتِّفَاقِ؛ لأَنَّ المُعَامَلةَ مَبْنَاهَا على العَدْلِ، وهَذه المُعَامَلاتُ مِن جِنْسِ المُشاركَاتِ؛ والمُشَاركَةُ إنَّمَا تَكُونُ إذا كَانَ لِكُلٍّ مِن الشَّرِيكَيْنِ جُزْءٌ شائِعٌ كَالثُّلُثِ والنِّصْفِ، فإِذا جُعِلَ لأَحَدِهِما شَيْءٌ مُقَدَّرٌ لَمْ يَكُنْ ذلكَ عَدْلا; بَل كانَ ظُلْمًا". انتهى من "مجموع الفتاوى".

وعليه؛ فالاتِّفاقُ على إعطاء صاحب المال مبلغًا مقطوعًا (1000 درهم) تسهيلاً للحسابات لا يجوزُ، ويُمكن الاستعاضةُ عنه بأن يأخذ صاحب المال جزءًا من المالِ تَحْتَ الحِساب، ثُمَّ في آخِر دورة رأس المال يُحسَبُ الرِّبْحُ أو الخسارة ثم يخصم منه ما أَخَذَ من ربح،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 14
  • 0
  • 208,442

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً