مالحكم إذا خطب الإمام خُطبة واحدة للجُمعة؟

منذ 2012-09-24
السؤال:

لو لَم يَجلسِ الإمامُ في الجُمعة جلسةَ استِراحة، وجعلَها خُطبةً واحدة هل على المأمومين إِثْم؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقدْ ذهَبَ جُمهور العلماء من الحنفيَّة، والمالكيَّة والحنابلة في الصَّحيح إلى أنَّ الجُلوس بين خُطْبَتَيِ الجُمُعة سُنَّة؛ لما رُوِيَ عن أبي إسحاق قال: "رأيتُ عليًّا يَخطُب على المنْبَر فلَمْ يَجلِسْ حتَّى فرغ". رواه ابن أبي شيبة، والطبري في تهذيب الآثار.

وَذَهب الشَّافعيَّة -وهو رواية عن أحمد- إلى أنَّ الجلوسَ بيْنَهُما بِطُمأْنينةٍ شرطٌ من شُروطِ الخُطبة؛ لما في الصَّحيحيْنِ؛ أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم "كان يَخطُب يومَ الجُمُعة خُطبَتَيْنِ يَجلِسُ بيْنَهُما".

قال ابْنُ قُدامةَ في "المُغْنِي": "يُشتَرَطُ لِلجُمعة خُطبتان، وهذا من مذهب الشافعي، وقال مالك والأوزاعيُّ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ وابْنُ المُنْذِر وأصحابُ الرَّأي: تجْزيه خُطبةٌ واحدة، وقد رُوِيَ عن أحْمد ما يدلُّ عليْهِ؛ فإنَّه قال: "لا تكونُ الخُطبة إلا كما خطبَ النَّبيُّ أو خطبة تامَّة"، ووجه الأوَّل أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَخطُبُ خُطبتَيْنِ، كما روينا من حديثِ ابنِ عُمر وجابِرِ بْنِ سَمُرة، وقد قال صلى الله عليه وسلَّم: "صلُّوا كما رَأَيْتُمونِي أُصَلِّي"، ولأنَّ الخُطْبَتَيْنِ أُقِيمتا مُقام الرَّكعتَيْنِ، فكلُّ خُطبةٍ مكان ركعةٍ، فالإخْلالُ بإحداهُما كالإخْلالِ بِإِحدى الرَّكعتَيْنِ" اهـ.

والرَّاجحُ قولُ الجُمهور؛ لأنَّ فعلَ النَّبيِّ المجرَّد لا يُفِيدُ الرُّكنيَّة، فالدَّليلُ الذي احتجُّوا به أخصُّ من مَحلِّ النِّزاع، قال ابُّن دقيق العيد في "إحْكامِ الأحكام": "الخُطبتانِ واجِبَتانِ عِنْدَ الجُمهور، فإنِ استدلَّ بِفِعْلِ الرَّسولِ لَهُما مع قولِه: "وصلُّوا كما رأيْتُموني أُصَلِّي" ففي ذلك نظرٌ يتوقَّف على أن يكونَ إقامةُ الخُطبتَيْنِ داخلاً تَحْتَ كيفيَّة الصَّلاة، فإنَّه إن لم يكُنْ كان استدلالاً بِمُجرَّد الفِعْل" اهـ.

قال في "حاشية العدوي": (اثنتيْنِ على المشهور) مُقابلةَ قَوْلِ مالكٍ في "الواضحة"، قال: منَ السُّنَّة أن يَخطُب خُطبتين، فإنْ نَسِيَ الثَّانية أو ترَكَها أجزَأَهُم؛ قاله الشيخ بهرام" اهـ.

وعلى القولِ بِعَدَمِ إيجاب الخُطْبة الثَّانية للجُمُعة فلا شَيْءَ على مَن تَرَكَها، وليس على المأمومِ إِثْمٌ في ذلك، وإن كان ينبغي نُصْحُ الخطيبِ أنَّه خالَفَ بِهذا هَدْيَ النَّبيِّ وعَمَلِ المُسلمين قديمًا وحديثًا،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 28
  • 1
  • 140,238

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً