حكم المال الحرام
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات -
بعد أن وقَّعتُ عقد شغل في بلد عربيٍّ، وجدتُ نفْسي أشتغِل في متجرٍ لبيع الخمر، لَم أستطِع الرَّفض، لأنِّي ليس لدي أي مجال للعودة إلاَّ بعد شهر على الأقل.
على كلِّ حالٍ اضطُرِرتُ إلى العَمل هُناك جادًّا في السَّعي لكسْب الحلال، والحمد لله، بعد ثلاثةِ أشهر ونصف تمكَّنتُ من الانتِقال إلى وظيفةٍ أخْرى، أكسب منها رزقًا حلالاً.
أفتوني: ماذا أفعل بالمال الحرام الذي اكتسبتُه لمدَّة ثلاثة أشْهُر ونصف؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا شكَّ أنَّ العمل في متجرٍ لِبيْع الخمور لا يَجوز، لما فيه من التَّعاوُن على الإثْم والعدْوان، وإقْرار المنكر وحضوره، وعدَم النَّهي عنْه، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
وروى الحاكم عن ابنِ عمر وابن عبَّاس مرفوعًا قال: "أتَاني جِبريل فقال: يا محمد، إنَّ الله عزَّ وجلَّ لعن الخَمر وعاصِرَها ومُعْتَصِرها، وشارِبَها وحامِلَها والمحمولة إليْه، وبائِعَها ومُبْتاعها، وساقيها ومُسْقيها".
وروى التِّرْمذي وابن ماجه عن أنسِ بن مالك رضِي الله عنْه قال: "لعن رسولُ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم في الخمر عشرةً: عاصرها ومعْتصرها، وشاربَها وساقِيَها، وحاملَها والمحمولة إليه، وبائِعها ومُبتاعها، وواهبَها وآكلَ ثمنها"( قال الألباني: حسن صحيح).
وعن جابرِ بن عبدالله: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: "مَن كان يؤمن بالله واليَوم الآخر، فلا يَجلس على مائِدةٍ تُدار عليْها الخمر"(رواه التِّرْمذي والنَّسائي).
ولِمزيدٍ من التَّفصيل؛ راجع الفتوى: (حكم العمل في وظيفة في إعانة على الحرام).
وقد أحسنت بترْكِ العمل في هذا المكان، والواجب عليْك التَّوبة النَّصوح من هذا العمل، مع كثرة الاستِغْفار.
أمَّا المالُ الَّذي اكتسبتَه من هذا العمل المحرَّم، فهو مالٌ خبيث، لا يجوز لك الانتفاع به، ولا تكسب به معروفًا على أحد، بل تخلص منه، إما بدفعه لجهة خيرية، أو تعطيه فقراء، أو تقيم به عملاً فيه نفع للمسلمين، كبناء مسجد، أو حفر بئر، أو غير ذلك، والله أعلم.