حكم ضمان المركز الإسلامي للإمام صوريًّا
نحنُ نعيشُ في دولةٍ غيْرِ مسلمة، ولم يكن عندنا إمامٌ في السابق وكنَّا نُعاني كثيرًا مِمَّن يؤمّوننا في الصلاة وهم لا يَحفظون القُرآن، ومِمَّن يؤمّوننا في خُطَب الجُمعة ويتحدَّثون بالأحاديثِ الضَّعيفة والموضوعة، ويأخذون دائمًا بالأيْسر والأسهَل في كلّ الأمور وإن خالف ذلك الجُمهور وان كان مردودًا عليه، حتَّى ميَّعوا على النَّاس دينَهم، وبَحثنا كثيرًا عن إمام حتَّى منَّ الله عليْنا بإمامٍ لا يتكلَّم إلاَّ بِما قال الله تعالى وقال رسولُه صلى الله عليه وسلَّم ولا ينقل إلاَّ عن الأئمَّة الثّقات، وأخذ بأيدينا إلى السّنَّة -والحمد لله ولا نُزَكّيه على الله- ويَحفَظُ القُرآن الكريم، وجَمع النَّاس حولَه واجتمعتْ عليه القلوب بفضلٍ من الله تعالى.
وأنتم تعلمون طبيعة هذه البلاد؛ لا يستطيع الإنسانُ أن يُقيم فيها بغير أوراقٍ، تقدم الإمام بأوراقٍ للدَّولة يطلب الإقامةَ فيها بناءً على اقتراح بعض الإخوة؛ إذ إنَّ الحصول على الأوراق في هذه البلاد أمرٌ ضروريّ لكي يَحصل فيه على حقوقِه ويتمكَّن من المطالبة بِحقوق الآخرين.
والمهمّ أنَّ الدَّولة طلبتْ من الإمام أن يأتيَ بضمانٍ من المركز الإسلامي الذي يعمل فيه، يتكفَّل به لمدَّة خَمس سنوات إذا كان يعمل في المركز أو خرج منه؛ لأن قانون البلد يُوجب على الدَّولة إذا أعطَتِ الموافقة على الإقامة لشخص أنَّه لو لم يَكُنْ عنده عملٌ تتكفَّل به وأسرته، فالدَّولة تريد أن تضمَن أنَّها غيرُ مسئولةٍ عن هذا الإنسان لمدَّة خَمس سنوات، فتطلب من المركز أن يكون هو المسئول عن الإمام لخمس سنوات سواءٌ كان يعمل مع المركز أم بقِي في البلد بدون عملٍ، ونظرًا لأنَّ بعض أعضاء الإدارة في المركز من أنْصار اليُسر والسّهولة والتميّع فهم على خلافٍ مع الشَّيخ، لا يُريدون أن يُعطوه الضَّمان بِحُجَّة أنَّه غيرُ شرعي؛ لأنَّهم سيضمنونَه بِمال المَسجد الذي هو من النَّاس في حين أنَّ ما يقرب من تسعين في المائة من الجالية -والحمد لله- يُحبّون هذا الشيخ لأنَّهم تعلَّموا معه السّنَّة والحمد لله، وقد أخذتْ إدارة المركز رأيَ الجالية في ذلك ولكنَّهم يرفضون بِحجَّة عدم شرعيَّة هذا الأمر، في حين أنَّ هناك جَماعة من المسلمين مستعدّون أن يَضمنوا الشيخ عند المركز في حالة خُروج الشَّيخ من المركز لا يُطالبهم بأيّ مصاريف، ووقَّع الأشخاص عقد ضمان بالفعل للمركز بأنَّهم هم المكلَّفون بِمصاريف الشيخ وأسرتِه في حالة خروج الشَّيخ من المركز وبقائه بدون عمل، والحكومة لا تريد الضمان إلا من المركز لأنَّه المشغّل ولكن مازال أعضاء إدارة المركز رافضين بِحجَّة عدم شرعيَّة ضمان المركز.
والسؤال هل يَجوز للمركز أن يَضمَنَ الإمام ضمانًا صوريًّا أمام الدولة وأنْ يضمن الإمامَ عند المركز هؤلاء النَّاسُ ضمانًا حقيقيًّا أم لا؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحالُ كما ذكرتَ، فيجوزُ للمركز ضمانُ الإمام المذكور ضمانًا صوريًّا ليتمكن الإمام من الإقامة في تلك البلاد لنَفْعِ النَّاس، وأن يتكفَّل البعضُ بالضَّمان الحقيقيّ؛ لأنَّ الظَّاهر أنَّ عينَ الضَّامن غيرُ مؤثّر عند الدولة، وإنَّما المقصد أن يتكفَّل أحدٌ به وبأسرته حتَّى لا تَجد الدَّولة نفسها ملزمة بقوة القانون به وبأسرته،، والله أعلم.
- التصنيف: