ميراث الأحفاد من جَدِّهم وجدتهم
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الفرائض والوصايا -
نحن عائلة كبيرة، أبي وعمي وعمي الثاني قد توفُّوا في حياة أبيهم، ولم يبق سوى الجَدِّ والجدَّة واثنتانِ عمَّات، وعشَرة أحفاد من أولاد جدي.
بعدها جاء أمر الله وتوفيت جدَّتي زوجة جدِّي، وما بقي سوى جدي وعمتيَّ الاثنتَيْنِ والأحفاد العشرة.
بعد مُدَّة توفِّي جدِّي أبو أبي -رحمه الله- ولم يوصِ للأحفاد في حياته، بل كان يقول لبعض الأقارب والأصحاب: إن ما كان لأولادي من ميراثٍ كان لأحفادي، ولكن لم يكتب شيئًا بخطه، والآن عمَّاتي أخوات أبي -رحمه الله- يُرِدْنَ قسمة الميراث -حقّ جدي- ويقُلْن: أنتم يا عيال أخي ما لكم إلا الثُّلث من بعد جَدِّكم، يعني الأحفاد العشرة من أبي وعمَّيَّ، وهما لهما الثلثان لأنهما اثنتان؛ كلُّ واحدةٍ سَوْفَ تأخُذُ الثُّلثَ من بعد أبيهم.
الآن أريد منكم الإجابة على سؤالي: هل الأحفاد يرثونَ مِن جَدِّهم ما كان لأبيهِم من بعد موته؟
علما بأن الأحفادُ كلُّهم فقراء؛ يعنِي ليسَ لديْهِم مال أو عمل يعملونه، وليس لَهم دخلٌ شهري ولا يومي ولا أسبوعي؛ يعني: عاطلون؛ لأنَّ الجدَّ كان يُعْطِيهم كلَّ شيءٍ؛ حتَّى إنَّه زوَّج أحفاده كلَّهُم وما بَقِيَ سوى بنتٍ واثنين من الأولاد من أحفاده فقط، كان جدِّي لديه عمل، وكل أحفاده كانوا يشتغلون معه حتَّى مات، والآن ليس لديْهِم هذا العمل.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنْ كان الأمْرُ كما تقول؛ أنَّ جدَّكَ وجدَّتَكَ قد تُوُفِّيا، فإنَّ الوارثَ لَهُما أبناؤُهُما المُباشِرون وهم أَعْمامُك وعمَّاتُك؛ فتُقَسَّم عليْهِمُ التَّركة للذَّكر ضِعْفُ نصيبِ الأُنثى؛ لقولِه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11] دون غيرهم من أبناء الأبناء، فالأحفادُ لا يَرثونَ مع أبناء الصُّلب إلا تعصيبًا، وحيثُ إنَّه لم يَبْقَ من أبناءِ المتوفَّى -الجَدّ والجَدَّة- إلا الابنتان (العمَّتان) فيوزع الميراث كالتالي:
أوَّلاً ميراثُ الجَدَّة:
- الزَّوْج (الجد) يَأْخُذ الرُّبُع فرْضًا؛ لوجود الفَرْعِ الوارث لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} [النساء: 12].
- البِنْتان (العمَّتان): الثلثان فرضًا؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11].
والباقي يوزَّع بَيْنَ الأحفادِ تعصيبًا للذَّكر مثل حظِّ الأُنثَيَيْنِ؛ لقَوْلِه صلى الله عليه وسلَّم: "ألْحِقوا الفرائضَ بأهْلِها فما بَقِيَ فلأَوْلى رجُلٍ ذكر" (متفق عليه عن عَنِ ابْنِ عَبَّاس).
أمَّا ميراثُ الجَدِّ فيوزَّع كالتَّالي:
نصيب البِنْتَين (العمتين) الثُّلثانِ فرضًا؛ لقولِه تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11].
الباقي -وهو الثُّلث- يوزَّع على الأحفاد أبناءِ أبناءِ المتوفَّى تعصيبًا للذكر مثل حظِّ الأنثَيَيْنِ؛ لأنَّ ابنَ الابْنِ ابن عند فقد الابن المباشر.
ونَنْصَحُ السائِلَ الكريمَ بِرَفْع الأمر للمحاكم الشرعيَّة -إنْ وُجِدَت- أو إلى لِجانِ الفَتوى المختصَّة في بلده كيْ تنظُرَ في الأمر.
ومما سبق يتبين أن الأحفاد لا يرثون مِن جَدِّهم ميراث آبائهم لأن أبناء الجد المباشرين –العمات– أولى منهم وأقرب، ولأن السائل ذكر أن الجد لم يوص بذلك، وحتى لو كان قد أوصى بذلك فتكون وصية باطلة؛ لأن الأحفاد هنا من جملة الورثة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ أَلاَ لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وصححه الألباني، من حديث أنس)،، والله أعلم.